خطوة على الطريق
يقول أحد قراء "الغد" في تعليق على خبر الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لوليد الكردي، إن هذا النوع من الإجراءات هو الطريق الأقصر والأسهل لكسب قلوب الأردنيين ودعمهم.
وأضيف إلى ما قاله المعلق بأن مفعول هذا النوع من الإجراءات هو السبيل لاستعادة الثقة المفقودة، والتي تسبب فقدانها بالتشكيك بكل السياسات الرسمية، وأضعف عناصر الثقة بها.
المسألة لا يُقصَد بها الكردي كشخص، فردود الأفعال الإيجابية حيال هذه الخطوة، إنما تعكس تفكير المجتمع بملفات الفساد، وهو تعبير عن الرضا بعد شعور الخذلان الذي أصابه، نتيجة سياسة طي ملفات الفساد، دون حساب حقيقي لمن تلاعب بالمال العام، واعتدى عليه.
قرار الحجز على أموال الكردي، وإن جاء متأخرا مدة طويلة بحسب مسؤول متابع للملف، إلا أنه إحدى خطوات جادة مطلوب اتخاذها، بحيث يشعر المراقبون أن الدولة ماضية في معالجة المشكلة، ما يكفل تحسين المزاج العام، وخلق أجواء إيجابية لدى شرائح مختلفة من المجتمع.
ملف محاسبة الفاسدين لم يُنسَ أبدا، وظل ناشطا خلال الأشهر الماضية، فمطالبة المحتجين في الشوارع بمحاسبتهم حافظت على وتيرتها.
التفكير الرسمي في محاربة الفساد لم يتوقف منذ مدة، والرسالة الأولى حيال جدية الدولة في تحصين المال العام والاستجابة لمطالب الصلاح بدأت بتشكيل لجنة النزاهة الوطنية، والغاية تقديم إجابات وافية عن كثير من الأسئلة التي تجول في خواطر الناس.
ما نفع البتّ في ملف الفساد؟
الجدية في حسم ملفات الفساد، ضرورة لإعادة بناء العلاقة بين المجتمع والدولة، وتمثل "عربونا" جديدا لاستعادة ثقة فقدتها الحكومات بعد سنوات من ضعف الرقابة على المال العام.
وثمة فوائد كثيرة لإغلاق هذا الملف وإلى الأبد، كونه صار عامل هدم ومصدر إساءة لصورة الأردن في الخارج، خصوصا أن الحديث عن غياب الجدية في فتحه ومعالجته، يوحي بأن الفساد مستمر إلى يومنا هذا، وهذا غير صحيح.
بعد بدء الحراك الأردني المطالب بالإصلاح "تفرملت" كثير من ممارسات الفساد، وبات الخوف من الشارع يتنامى لدرجة جعلت بعض السياسيين يطلّقون "البزنس"، إذ شكّل الرأي العام المؤمن بـ "ضرورة محاربة الفساد لبناء الأوطان" عامل ضغط على كثيرين.
خطوة الحجز على أموال الكردي مهمة سياسيا، رغم أن المعلومات الأولية تشي بأن ما يملكه من أموال منقولة يكاد يكون صفرا، لكن ذلك لا يقلل من قيمة الخطوة التي تخطت كل الحواجز، فالقرار يؤكد سير الجهات المعنية بالخطوات القانونية والإجرائية في هذا الملف دون خضوع لضغوطات تسعى
لـ "لفلفة" الموضوع، وليصار إلى وضعه على الرف، كما هو الحال مع بعض الملفات الأخرى، التي ما يزال الأردنيون ينتظرون فتحها والبت فيها.
ليس المطلوب اغتيال الشخصيات، ولا ظلم أحد، والمجتمع لا يتطلع لمجموعة من "أكباش الفدا" يقضون ما تبقى من أعمارهم في السجون. الغاية فقط إسكات الناس، والمؤمل أن يُطوى هذا الملف ضمن الأطر القانونية، بنتائج تقنع العامة وليس أصحاب الأجندات، لأن الكلف الحقيقية للفساد تدفعها الحكومة وليس الفاسدون.
في المرحلة الجديدة من عمر الأردن، يتوقع أن يكون ملف الفساد هو عنصر الحسم في كيفية سير الأمور في البلد، وإن كان المجتمع يختلف ويفترق على بعض القضايا السياسية، فإن الموقف بالتأكيد موحد ضد ملفات الفساد.
(الغد )