340 مليون دينار «هبشة» واحدة لشخص واحد
ذكرت مصادر رسمية أن المبالغ النقدية لمجمل عمليات النهب والاستثمار غير المشروع لمدير شركة الفوسفات السابق خلال السنوات السابقة في بعض خطوط عمل الشركة تقدر بـ (340) مليون دينار أردني، وتم التحفظ والحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، وتُجرى الآن محاولة استدعائه عن طريق "الانتربول" لكونه مقيماً في بريطانيا.
ليس سهلاً استعادة هذه الأموال، أو شيء منها، وذلك لعدة عوامل، من أهمها، أن المحترفين في اتقان عمليات السطو على المال العام غالباً ما يغطون تصرفاتهم قانونياً، وهناك من المحامين والمستشارين في هذا العلم ما يجعلهم متمسكين من أخذ الحيطة والحذر من عملية كشف ما تم اختلاسه أو الاستيلاء عليه، ولذلك يتم رصد هذه الأموال في حسابات ذويهم أو في حسابات أخرى غير مكشوفة، وغالباً ما يتم نقل الاملاك إلى أسماء أخرى.
ليس هذا هو المقصود ومحل التركيز في هذه المقالة، بل ما ينبغي قوله والإشارة إليه هو الإجابة على السؤال المطروح هنا بقوة: كيف تمت لفلفة موضوع الفوسفات في مجلس النواب المنحل؟ وما هو تبرير موقف الأغلبية التي صوتت على إغلاق هذا الملف، وما هي إجابة بعض هؤلاء الذين أعادوا ترشيح أنفسهم مرة أخرى للمجلس القادم، وأين عيونهم من عيون الشعب الأردني، وكيف يجرأون على مواجهة الناس؟ وما هي النيّة المبيتة لديهم بهذا الخصوص؟!
وهذا ما تم قوله سابقاً لدولة رئيس الوزراء عندما أقدم على رفع الأسعار من أجل تحصيل مبلغ أقل من هذا المبلغ، لتغطية بعض العجز في موازنة العام المقبل من خلال التنقيب في جيوب المواطنين المثقوبة عن القرش والقرشين لتحصيل "تحويشة" مغمسة بالعرق والدم والسخرة، التي لا تنقطع، وإيقاف البلد كلها على قدم واحدة، في حين أن "هبشة" واحدة لأحد حيتان الفساد تغطي كل ما تم جمعه، فكيف لو تم تحصيل عدد لا بأس به من "هبشات" أخرى أكثر وأكبر، وهذا ما تم التصريح به لدولة الرئيس همساً وصراخاً؛ ان الشعب الأردني مستعد للتفهم والتعاون والمشاركة في تصحيح المسار الاقتصادي ومستعد للتضحية والبذل ولو على "الدّبرة" ولكنه يريد استعادة الأموال المنهوبة، ووضع حد للفساد وإغلاق البواليع والآبار المكسورة التي لا تشبع ولا تقنع.
ولذلك مهما تحدث البلغاء، وخطب الفصحاء، وبرر الفلاسفة سوف يبقى العجز في ازدياد، والدين في تعاظم، ما لم يتم اجتثاث الفساد الممنهج والمشرعن والمغطى قانوناً، تحت اشراف المختصين والمستشارين وأهل الخبرة.
في هذا المجال ينبغي أن يتحمل الشعب جزءاً من المسؤولية ولديهم القدرة، وذلك من خلال العودة إلى أرشيف مجلس النواب السابق، وإعادة قراءة ملف الفوسفات بمنتهى الصراحة والجرأة والوضوح، والإطلاع على قائمة أسماء الذين أسهموا في طي الملف، وإجراء محاسبة شعبية، بكل أشكالها ومنها الانتخاب على بصيرة، والنظر المتفحص في قوائم المرشحين المخضرمين الذين أدمنوا البقاء تحت القبة وتحت الأضواء ويريدون مواصلة المشوار، والاستمرار بالمسلسل نفسه.
(العرب اليوم )