2024-11-25 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

في ضيافة مستشفى الملك عبدالله

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 :

في يوم ثلجي عاصف قدر لي أن أكون في ضيافة مستشفى الملك عبدالله المؤسس الذي يقع على ربوة صغيرة تطل على مداخل مدينة اربد والرمثا وحوارة والنعيمة، وتشرف على مساحة واسعة ممتدة من سهول حوران الخضراء التي تتجاوز الحدود نحو درعا وريف دمشق، هذه السهول التي كانت تشكل بحرا متموجا من سنابل القمح التي تأخذ الالباب، قبل زمن ليس بعيداً.
في هذا اليوم العاصف تستحق إدارة المستشفى أسمى آيات الشكر والعرفان بالجميل متمثلة بالمدير ونائبه والطاقم الطبي والتمريضي والإداري الذين يواصلون الليل بالنهار من أجل تقديم الخدمة الصحية المتميزة للمواطنين من دون كلل أو ملل، وأود أن أخص بالشكر الطبيب البارع الدكتور فراس الزعبي الذي يحظى بسمعة طيبة على الصعيد العلمي الفني والتعامل الإنساني الراقي وكل أعضاء الفريق الذين أشرفوا على العملية الجراحية البسيطة التي أجريت لي، وكما اود ان أشكر معالي الدكتور محمود الشياب.
الأكثر أهمية في هذا الموضوع الاهتمام بالمريض ووصوله سالما إلى بيته في ظل الظروف الجوية السائدة وانغلاق الطرق بمناسبة هطل الثلج بغزارة على المرتفعات التي اكتست بالغطاء الأبيض الجميل.
من أجمل اللفتات أن يتم إعادة الروح الإنسانية إلى مهنة الطب التي يراد لها أن تغادر المربع الإنساني العميق إلى مربع التجارة والربح والاستثمار والسعي نحو الثراء الفاحش على حساب المعاناة والأوضاع البائسة التي يعيشها المرضى، وأصحاب الأوجاع والآلام وابتلاءات الجسد.
قطاعان كبيران على قدر عظيم من الأهمية والخطورة، يجب أن يبقيا في رعاية الدولة والقطاع العام مهما تطورت الأحوال المعيشية لدى المواطنين وهما قطاعا التربية والتعليم، والصحة، إذ من حق كل مواطن يقيم على ثرى هذا الوطن أن يتمتع بحق التعليم وحق العلاج في كل وقت وفي كل مكان مهما كان وضعه المادي والطبقي.
مهنة الطب مقترنة بالتضحية والنزعة الإنسانية السامية والحكمة البالغة، ولذلك يطلق على الطبيب مصطلح "الحكيم" وأصبحت الحكمة تعني تقديم العلاج الصحيح، والتحكيم أصبح يعني التطبيب، لأن الحكمة هي وضع الشيء في محله والوصول إلى القرار الصائب وفقاً لحسن التقدير، واكتمال العلم واتقان التخصص وإدراك العلل، وكان الطبيب دائماً معرضاً للسير وقطع المسافات البعيدة والتخلي عن راحته الخاصة وعدم المكث مع عائلته وأهله إلا أوقاتاً قليلة.
مهنة الطب في هذه الأيام تتعرض لانقلاب الموازين في ظل دخول المنطق المادي الجارف، وتغليب الجفاف الروحي وضعف النزعة الإنسانية عن طريق اختراق هذه المهنة بستويات التحصيل العلمي المتدني وسيطرة منطق الجشع المادي، والاثراء السريع البشع، إذ أن بعض الأطباء دخلوا عالم "البزنس" وقطاع المقاولات وتجارة الأراضي والعقارات، وتحولت عياداتهم إلى أماكن سمسرة وقاصات معدنية للشيكات والكمبيولات وقواشين الأراضي.
نحن أمام مهمة إنسانية عالمية لانقاذ مهنة الطب من الغزو الخارجي ومن الاختراق المادي الغريب، من أجل الحفاظ على انسانية هذه المهنة وروحها السامية وتعاملها الراقي، مع الاحتفاظ بمكانة الطبيب وحفظ مستوى معيشي متقدم له ولعائلته يجمع بين العلم والحكمة والاحترام والجمال والروح وسمو الأخلاق وتقدير العامة.
( العرب اليوم )

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير