متحف اللوفر والفن الإسلامي
أقدم متحف اللوفر في فرنسا مؤخراً على تجديد قسم الفن الاسلامي من حيث زيادة المساحة وإدخال تعديلات اضافية جديدة على كيفية الحفظ والعرض لموجودات هذا القسم، ويذكر القائمون على المتحف أنه شهد أكبر عملية توسع منذ عشرين عاماً تخص الجانب الذي يتعلق بالفن الاسلامي.
عملية التجديد والتطوير المتعلقة بالفن الاسلامي كانت استجابة لأعداد الزوار المتزايدة بشكل كبير وهائل، حيث دخل هذا القسم ما يزيد على (650) الف شخص خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من العام المنصرم، ويعد ذلك رقماً قياسياً بالمقارنة مع الأقسام الأخرى، حيث يضم هذا الجانب معروضات تمثل تاريخ الحضارة الاسلامية من الهند شرقاً إلى الأندلس غرباً لمدة من الزمن تزيد على (1000) عام، تلقى الاعجاب والاندهاش من قبل جماهير الزائرين من حيث روعة الانجاز ودقة العمل وعظم الجهود المبذولة فيها، ومقدار التقدم العلمي الهائل الذي يقف خلفها.
الشيء الغريب والمحزن في هذا الموضوع أننا لا نجد مثل هذه المتاحف بهذا القدر من الاهتمام العظيم في بلدان العالم الاسلامي، والأشد غرابة أن أبناء العالم الاسلامي لا يقدّرون عظمة الانجازات الاسلامية في مجال الفن إلاّ قلة قليلة جداً من ذوي الاختصاص والاهتمام، ولذلك لا تجد اقبالاً من قبل الزائرين المسلمين ومن قبل الأجيال عموماً، والأمر المحزن أن بعض الذين ينتسبون إلى عالم الفن والثقافة من أبناء العالم الاسلامي، والذين لهم صوت لا يكادون يعترفون بمصطلح "الفن الاسلامي"، وليس لديهم أية ذرة علم بخصوص نظرية الاسلام في عالم الفن.
ما أود قوله في هذه المناسبة إن القائمين على مشاريع النهوض العربي، والمنخرطين في مجال الاصلاح، يجب أن يعلموا جيداً أن الاصلاح عملية شاملة متكاملة وأن النهوض الحقيقي ما هو إلاّ ثمرة للإنجاز العملي الملموس على صعيد بناء الانسان بناءً متكاملاً، عقلاً ونفساً وروحاً وجسداً، مما يستدعي النظر ويجلب الاهتمام الجدي بالمسألة الفنيّة والثقافية، وينبغي مدّ الخطوط مع أهل الفن والمثقفين وأصحاب الاختصاصات العلمية جميعاً من أجل اشراكهم في عملية النهوض المجتمعي الشاملة.
من أشد الأمور خطورة، أن ينبري للعمل الإصلاحي، من لا يقدّر الفن وأهله، ولا ينتمي لعالم الثقافة ويعاني من عقدة نقص تجاه العلم وأهل الدرجات العلمية وذوي الاختصاصات المعمقة، ومن الأمور الخطيرة كذلك أن "يتعربش" بقطار الحركات الاسلامية تحديداً من يفتقر إلى الذوق ويعاني من جفاف ثقافي وتصحر علمي بالغ، ويظن أن الاسلام مظاهر شكلية ومقولات سطحية، وتديّن ساذج لا يمتُّ إلى روح الاسلام وجوهره بصلة، مما يسيء إلى اسلامه، ويسيء إلى أمته وحضارته ويسيء إلى نفسه ومستقبله قبل أن يسيء إلى الآخرين.
(العرب اليوم )