المشهد اليوم
جمانة غنيمات
جو 24 : انتهت الانتخابات، وصار لدينا مجلس نواب جديد، وحكومة على وشك الرحيل أو تجديد الثقة فيها، ومجلس أعيان بانتظار الإرادة الملكية بإعادة التشكيل.
ثمة حراك متسارع تحت قبة البرلمان لاختيار رئيس مجلس النواب، وتشكيل الكتل البرلمانية التي يفترض أن يكون لها دور في اختيار الحكومة. ومن المتوقع أن نشهد تغييرات في عدد من المواقع القيادية في مؤسسات صنع القرار، ما يعني أنه ستكون لدينا شخصيات جديدة تشارك في اتخاذ القرار في المرحلة المقبلة.
على الضفة الأخرى من المشهد، لدينا قوى سياسية معارضة، على رأسها جماعة الإخوان المسلمين، ما تزال خارج اللعبة، وهي غير راضية عن كل ما حصل، وتشكك في كل ما تم خلال المرحلة السابقة، مؤكدة أن التغيير الذي طال المشهد السياسي سطحي، ولم يُحدِث اختراقا في العملية السياسية.
أيضا، لدينا حراكات شبابية ما يزال الإحباط يسيطر عليها، وتظن أن كل ما طالبت به طوال وجودها في الشارع محتجة، لم يتحقق منه شيء، وتحديدا فيما يتعلق بملفات الفساد وهدر المال العام، وتعزيز المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار. وتعتقد هذه الفئات، أيضا، أن كل ما تمّ لا يتجاوز كونه إبرا تخديرية لتجاوز مطالبهم.
الواضح حتى اللحظة أن أيا من الفريقين على الضفتين المقابلتين لا ينوي التنازل للآخر، بل ونسمع لغة إعلامية تصعيدية. فالفريق الأول يقول إن العرس الانتخابي انتهى على خير، ومن لم يشارك خاسر. أما الرافضون فيؤكدون غير مرة أنهم لن يقتربوا خطوة من الطرف الآخر، وسط رسائل متباينة حيال إمكانية مشاركتهم سياسيا في المرحلة المقبلة؛ في الحكومات أو تشكيلة الأعيان.
بين الفريقين نرى اليأس ما يزال مسيطرا على غالبية الأردنيين ممن يحلمون بتنمية مستدامة، وحياة أفضل، وفرص عمل لأبنائهم الشباب؛ فالخوف من المستقبل يتسلل إلى دواخلهم، ويشعرون أن الحكومات لم تقدم شيئا ملموسا بهذا الخصوص، رغم تعدد المبادرات التي أطلقت لهذه الغاية، ما يعني أن عدم الرضا ناجم عن تقييم الغالبية للوضع الاقتصادي السائد، وعن الأزمة المالية التي تنعكس على مدى قدرة مؤسسات الدولة على إطفاء شعور العامة بالإحباط.
هذه الغالبية التي تُعنى بشأنها اليومي، زادت معاناتها. إذ غدا 14.1 % من الأردنيين فقراء، تتراجع فرصهم بالتخلص من فقرهم في ظل ضعف الوضع الاقتصادي، وتراجع الاستثمارات المولدة لفرص العمل، وسط تحفظ هذه الغالبية على محاولات توتير الأجواء السياسية محليا، خوفا من المشهد السوري وما يحدث في الشقيقة الكبرى مصر.
لكن رغم حالة التنافر السياسي وغيرها من معطيات المرحلة، تبدو الأجواء العامة هادئة. وهذه فرصة للجهات الرسمية، كما للمعارضة، عليهما اقتناصها، للوصول إلى انفراجة في العلاقة بين الطرفين، بحيث لا تركن الحكومات، تحديداً، إلى معارضة "تهندسها" بنفسها، لتقدمها كـ"ديكور" للغرب المتابع والمهتم أكثر من ذي قبل بالوضع الأردني.
المسؤولية تلقى على الجهات الحكومية والرسمية أكثر من المعارضة التي تفضل البقاء في الشارع لكسب الشعبية، لأن المعطيات الإقليمية خصوصاً ما تزال تطل برأسها، وتؤكد قدرتها على إحداث انعكاسات كبيرة في الداخل.
العامان الماضيان كانا صعبين، لكن الأردن عبرهما بسلام. وعلى جميع الأطراف أن تمضي في هذه الطريق، وأن تستثمر الأجواء المريحة والموائمة للحوار والتوافق اللذين يلبيان طموحات الشارع والأغلبية الضائعة بين "الفرقاء"، بحيث يكون اتفاق اللاعبين تعبيراً عن مصالح الناس، وليس لتحقيق مكتسبات خاصة بكل طرف.
لنعترف أن المشهد مشتت. وما تحقق جيد، لكننا بحاجة إلى البناء عليه، حتى يخرج الجميع راضين، وننتقل إلى مرحلة جديدة أقل ضبابية.
jumana.ghunaimat@alghad.jo
(الغد)
ثمة حراك متسارع تحت قبة البرلمان لاختيار رئيس مجلس النواب، وتشكيل الكتل البرلمانية التي يفترض أن يكون لها دور في اختيار الحكومة. ومن المتوقع أن نشهد تغييرات في عدد من المواقع القيادية في مؤسسات صنع القرار، ما يعني أنه ستكون لدينا شخصيات جديدة تشارك في اتخاذ القرار في المرحلة المقبلة.
على الضفة الأخرى من المشهد، لدينا قوى سياسية معارضة، على رأسها جماعة الإخوان المسلمين، ما تزال خارج اللعبة، وهي غير راضية عن كل ما حصل، وتشكك في كل ما تم خلال المرحلة السابقة، مؤكدة أن التغيير الذي طال المشهد السياسي سطحي، ولم يُحدِث اختراقا في العملية السياسية.
أيضا، لدينا حراكات شبابية ما يزال الإحباط يسيطر عليها، وتظن أن كل ما طالبت به طوال وجودها في الشارع محتجة، لم يتحقق منه شيء، وتحديدا فيما يتعلق بملفات الفساد وهدر المال العام، وتعزيز المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار. وتعتقد هذه الفئات، أيضا، أن كل ما تمّ لا يتجاوز كونه إبرا تخديرية لتجاوز مطالبهم.
الواضح حتى اللحظة أن أيا من الفريقين على الضفتين المقابلتين لا ينوي التنازل للآخر، بل ونسمع لغة إعلامية تصعيدية. فالفريق الأول يقول إن العرس الانتخابي انتهى على خير، ومن لم يشارك خاسر. أما الرافضون فيؤكدون غير مرة أنهم لن يقتربوا خطوة من الطرف الآخر، وسط رسائل متباينة حيال إمكانية مشاركتهم سياسيا في المرحلة المقبلة؛ في الحكومات أو تشكيلة الأعيان.
بين الفريقين نرى اليأس ما يزال مسيطرا على غالبية الأردنيين ممن يحلمون بتنمية مستدامة، وحياة أفضل، وفرص عمل لأبنائهم الشباب؛ فالخوف من المستقبل يتسلل إلى دواخلهم، ويشعرون أن الحكومات لم تقدم شيئا ملموسا بهذا الخصوص، رغم تعدد المبادرات التي أطلقت لهذه الغاية، ما يعني أن عدم الرضا ناجم عن تقييم الغالبية للوضع الاقتصادي السائد، وعن الأزمة المالية التي تنعكس على مدى قدرة مؤسسات الدولة على إطفاء شعور العامة بالإحباط.
هذه الغالبية التي تُعنى بشأنها اليومي، زادت معاناتها. إذ غدا 14.1 % من الأردنيين فقراء، تتراجع فرصهم بالتخلص من فقرهم في ظل ضعف الوضع الاقتصادي، وتراجع الاستثمارات المولدة لفرص العمل، وسط تحفظ هذه الغالبية على محاولات توتير الأجواء السياسية محليا، خوفا من المشهد السوري وما يحدث في الشقيقة الكبرى مصر.
لكن رغم حالة التنافر السياسي وغيرها من معطيات المرحلة، تبدو الأجواء العامة هادئة. وهذه فرصة للجهات الرسمية، كما للمعارضة، عليهما اقتناصها، للوصول إلى انفراجة في العلاقة بين الطرفين، بحيث لا تركن الحكومات، تحديداً، إلى معارضة "تهندسها" بنفسها، لتقدمها كـ"ديكور" للغرب المتابع والمهتم أكثر من ذي قبل بالوضع الأردني.
المسؤولية تلقى على الجهات الحكومية والرسمية أكثر من المعارضة التي تفضل البقاء في الشارع لكسب الشعبية، لأن المعطيات الإقليمية خصوصاً ما تزال تطل برأسها، وتؤكد قدرتها على إحداث انعكاسات كبيرة في الداخل.
العامان الماضيان كانا صعبين، لكن الأردن عبرهما بسلام. وعلى جميع الأطراف أن تمضي في هذه الطريق، وأن تستثمر الأجواء المريحة والموائمة للحوار والتوافق اللذين يلبيان طموحات الشارع والأغلبية الضائعة بين "الفرقاء"، بحيث يكون اتفاق اللاعبين تعبيراً عن مصالح الناس، وليس لتحقيق مكتسبات خاصة بكل طرف.
لنعترف أن المشهد مشتت. وما تحقق جيد، لكننا بحاجة إلى البناء عليه، حتى يخرج الجميع راضين، وننتقل إلى مرحلة جديدة أقل ضبابية.
jumana.ghunaimat@alghad.jo
(الغد)