jo24_banner
jo24_banner

الوضع الاقتصادي: التحدي الحقيقي

جمانة غنيمات
جو 24 :

رغم شح الحديث الرسمي عن التقييم العام للوضع الاقتصادي، إلا أن الأرقام والمعطيات تؤكد أن العام 2013 لن يكون أفضل من الأعوام السابقة.
عمليا، لم تختلف المشاكل، بل تعمقت أكثر. فعجز الموازنة كرقم مطلق يزيد على المليار دينار، والدين العام بلغ حدودا خطيرة بعد أن تجاوز 17 مليار دينار. ويتوقع لهذه الأرقام أن تتعمق مع نهاية العام الحالي، نتيجة استمرار أزمة الطاقة وتوقع تفاقمها.
عجز الميزان التجاري خلال العام 2012 تجاوز مستوى 9 مليارات دينار. وهذا العجز يؤكد نظرية أننا نستهلك أكثر بكثير مما ننتج؛ وأن أزمة الطاقة ما تزال تلقي بظلالها على الموازنة العامة.
مشكلة الموارد المالية لم تحل بالمنح العربية التي اشترطت الدول التي قدمتها توجيهها لمشاريع محددة بعينها.
ورغم أن المنح المقدرة بحوالي مليار دولار سنويا لن تحل أزمة عجز الموازنة، إلا أنها ستساهم في تمويل إنشاء مشاريع استراتيجية لقطاعات حيوية، مثل الطاقة والمياه والنقل، وستؤثر في مجملها على مستوى نشاط الاقتصاد، وتساهم في دعم معدلات النمو، لكن ليس التنمية.
أبرز ما ستواجهه الحكومة يتعلق بتوفير السيولة النقدية لتغطية النفقات الجارية التي باتت تشكل 83.7 % من إجمالي الإنفاق، بما فيها الرواتب التي زادت خلال العام الحالي لتصل قيمتها للجهاز المدني فقط 1.5 مليار دينار سنويا، وبنسبة 20.4 % من الموازنة العامة. هذا إضافة إلى عبء توفير العملات الصعبة لتغطية كلف فاتورة الكهرباء التي تعتمد قيمتها على كميات الغاز المصري المتدفق، لكنها كلف لن تقل بحدها الأدنى عن مليار دينار.
كذلك، ستواجه الحكومة خلال العام الحالي ضغطا شعبيا لتوفير فرص العمل للشباب الذين ترتفع بينهم معدلات البطالة إلى حدود
40 %. وتأثير هذه المشكلة لا يتوقف عند حدودها الاقتصادية، بل يتجاوز ذلك؛ بحيث تؤثر على الوضع السياسي والسلم المجتمعي. والحراك الشعبي المطالب بالإصلاح الشامل له ثلاثة تطلعات رئيسة، تتمثل بمحاربة ثلاثية الفقر، والبطالة، والفساد.
التحديات كبيرة، والتخفيف منها بحاجة إلى نظرة مختلفة لكيفية إدارة الملف الاقتصادي، بحيث يبتعد القائمون عليه عن التنافس فيما بينهم، ويتعاملون مع المشهد بمنظور شمولي يوحد جهودهم، وفق رؤية بعيدة المدى تقود إلى الخروج التدريجي من نهج الدولة الريعية نحو دولة الإنتاج. ما هو موجود اليوم أن قرارا اتخذ بعدم التعيين في القطاع العام، باستثناء الصحة والتعليم. والمشكلة تكمن في أن هذه الخطوة لم تتزامن معها خطة للقطاع الخاص تجعله يتحمل المسؤوليات التي تخلت عنها الحكومات. ما يعني أن البلد سيكون أمام أزمة من نوع جديد؛ فلا الحكومة قادرة على توفير الوظائف، ولا القطاع الخاص مبادر بهذا الاتجاه.
الاستمرار وفق المعادلة الحالية صعب وغير مجد، كونها لا تضمن التخفيف من المشاكل، طالما أن العقل الذي ينظم العملية هو ذاته، وينأى بنفسه عن سياسة تقوم على استخدام أمثل للموارد المحلية، وزيادتها بأساليب لا تزيد العبء الضريبي على الأفراد.
وللتذكير، فعندما بدأ الحراك المطالب بالإصلاح، قيل إن العوامل التي حركت الشارع اقتصادية ومعيشية. لكن الحال لم تتغير، بل على العكس، إذ صارت أسوأ، كون الاعتماد على الخارج بازدياد، لناحية الحصول على المنح وتوفير مصادر الطاقة التي لا تملك الحكومة أي ضمانات لاستمرار وصولها، ولاسيما الغاز المصري، اضافة الى زيادة أسعار المحروقات وتوقعات بارتفاع الكهرباء خلال العام الحالي.
تبقى الضمانة الوحيدة للعبور هي المضي في ملف الإصلاح السياسي والبناء على ما تم، بحيث تستقر البلاد وتتوقف المسيرات بشكل تام. وبذلك تزداد فرص استقطاب استثمارات وسياح، توفر فرص عمل، وتجلب عملات صعبة. والفرصة قوية ومتاحة، فدعونا لا نضيعها.
بعد ذلك ستبدأ عجلة الاقتصاد بالدوران بشكل حقيقي ومنتج، وتتضاعف قدرة الحكومات على التخفيف من المشكلات الاقتصادية، لننهي قطع شوط جديد طويل من بناء الأردن الجديد.
(الغد)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير