jo24_banner
jo24_banner

حصة المياه في عالم السياسة

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : معضلة المياه تأخذ حيزاً واسعاً في عالم السياسة، لا يقل عن النفط ومصادر الطاقة، ويشير كثير من الباحثين الاستراتيجيين إلى أن المياه كانت أحد أهم عوامل إثارة الحروب بين الدول والقوى العالمية عبر التاريخ، وما زال هناك عدد من التحليلات السياسية ذات الوزن الاستراتيجي المعتبر يشير إلى توقع نشوب حروب في المستقبل القريب والبعيد بسبب "المياه"، ومن المعروف أن معدل الاستهلاك العالمي للمياه في ازدياد، ويقدر بعض الخبراء أن حصة الفرد من استهلاك المياه تصل إلى (1000)م3 حسب المعدل العالمي.
البعد المائي كان حاضراً بقوة وما زال في الحروب "الاسرائيلية" ضد الدول العربية، ومن أهم الاعتبارات والغايات الكبيرة التي كانت تشغل القادة السياسيين والعسكريين للكيان الصهيوني تتمثل بالاستيلاء على مياه المنطقة، وتأمين حصة الفرد "الاسرائيلي" من المياه العذبة والصالحة للشرب التي تعادل اثني عشر ضعف حصة المواطن العربي، فقد استولى الكيان الصهيوني على منابع نهر الأردن بشكل كامل، وحولها نحو الأرض المحتلة، واستولى على بحيرات طبريا والحولة، ومنع بالقوة أية محاولة عربية لاستثمار مياهها الذاتية على الحدود وفي المناطق المجاورة.
الأردن حسب الدراسات والأبحاث العلمية أصبحت من أفقر دول العالم في المياه، خاصة بعد حرمانها من مياه نهر الأردن، وتقدر حصة المواطن الأردني بـ (90) م3 في العام، كما تشير الدراسات إلى أن الأردن يتجه نحو معاناة كبيرة أشد عمقاً في المستقبل في ظل شح مصادر المياه، وتناقص معدلات الأمطار، وزيادة كبيرة في عدد السكان، إذ يقدر أن عدد سكان الأردن سوف يصل إلى ما يقارب (10) ملايين نسمة في عام (2025)م، ما يجعل معضلة المياه في الأردن في قمة الأولويات الأردنية منذ هذه اللحظة.
من المفارقات الكبيرة التي نشهدها على المستوى المحلي، أن معضلة المياه لا تأخذ الحيز المناسب لأهميتها في أحاديث السياسة على الصعيد الأردني الحكومي والرسمي، والمعارضة والقوى السياسية التقليدية والسياسية الصاعدة، وأن حجم الاهتمام بهذه القضية الملحة لا يكاد يذكر في برامج السياسيين، وفي الحوارات والمناظرات الجارية بين مختلف الأطراف.
الباحث الاستاذ "عاطف الخرابشة" قدم بحثاً مهماً في هذا السياق تناول فيه مشكلة المياه في الأردن من حيث التشخيص ومن حيث الحلول، وأعتقد أننا بحاجة ماسة إلى هذا الصنف من الأبحاث والدراسات العلمية التي تتناول قضايانا الوطنية بالبحث والدراسة المستفيضة من أجل تقديم المساعدة الحقيقية في الحل بطريقة عملية قابلة للتطبيق الفوري.
مشكلة المياه ينبغي البدء الفوري في العلاج والحلول، وبطريقة علمية موضوعية قائمة على الدراسات والإحصاءات الدقيقة، ويجب عقد مؤتمر وطني عام للمختصين والعلماء والباحثين والدارسين في هذا الحقل من أجل صياغة استراتيجية وطنية شاملة يشترك في تنفيذها المجتمع الأردني كله، شعباً وحكومة ومؤسسات.
فهناك مجموعة من المسارات مستعجلة وقصيرة الأجل تتعلق بتنظيم استعمال المياه الجوفية بطريقة منضبطة، وتنظيم استعمال المياه الصالحة وغير الصالحة للشرب في عمليات التبريد في المصانع بدلاً من المياه العذبة، وتنظيم العملية الزراعية بطريقة مدروسة، والإيعاز لكل المواطنين بناء خزانات المياه والآبار القادرة على جمع كميات الأمطار في منازلهم، ومزارعهم.
وهناك مجموعة من المسارات الاستراتيجية التي تقضي ببناء السدود على الأودية وتجميع أكبر قدر من مياه الأمطار والسيول إضافة إلى الإكثار من الحفائر ومشروعات الحصاد المائي كما ينبغي التعاون مع دول الجوار العربي في إقامة المشروعات المشتركة، والاستفادة من الجهود الطوعية في هذا المجال، ويمكن الاستفادة من القوات المسلحة ومن طلاب المدارس والجامعات في هذا المشروع الوطني الكبير، الذي ينبغي أن يحوز على الاهتمام المستعجل لدى كل المسؤولين وأصحاب القرار، وأصحاب الهم الوطني على كامل الرقعة الأردنية.العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير