ما الذي نختلف عليه؟
جمانة غنيمات
جو 24 : في مقابلة ضمن مقال الصحفي جيفري غولدبيرغ بمجلة "ذي أتلانتك"، انتقد الملك ما اصطلح على تسميته "قوى الشد العكسي" التي تعيق الإصلاح، ووصفها بالديناصورات. التشبيه أزعج كثيرين ممن اعتبروه موقفا من العشائر الأردنية، ولا أعلم كيف توصلوا لهذه النتيجة؟
الإسقاط والتعميم كان مبالغا فيهما، لأن ما قاله الملك أمر تحدّث به كثيرون، سرا وعلانية، فلماذا يصبح الكلام صادماً عندما يتحدث به الملك؟
ما نُشر أغضب البعض، فقط لأن منسوب الصراحة فيه مرتفع. وساعد على تأجيج ردود الفعل، الخبر المقتضب الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، والذي اجتزأ الكلام وأخرجه من سياقه.
على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي؛ "فيسبوك" و"تويتر" تحديداً، تابعت بشكل حثيث كثيرا مما كُتب. والملاحظ هو أن معظم التعليقات تكشف أن البعض لم يقرأ ما نشرته "ذي أتلانتك"، أو اكتفى بقراءة النسخ المترجمة.
ما نُشر ليس مقابلة صحفية تحتوي سؤالا وجوابا، بل هو مقال؛ حيث وُضع كلام الملك في إطار تحليل الكاتب وقراءته للمشهد الأردني، بشكل يكشف ضعف قدرته على تحديد حساسيات المجتمع الأردني. أيضا، تحدث الملك بصراحة متناهية عن العائلة المالكة، ووجه نقدا لبعض أفراد عائلته بدون أن يسميهم، لتأخرهم في فهم ماهية الربيع الأردني والتعامل معه. وفي هذه الموضوعة تحديدا، قال الملك ما كان يقوله النشطاء على هذه المواقع الاجتماعية وغيرها.
ليست هي المرة الأولى التي ينتقد فيها الملك دائرة المخابرات. وهنا أيضاً يشترك ما طرحه الملك بشأن تعديل أداء الدائرة، مع مطلب للحراك الداعي إلى الإصلاح، كما بعض الأحزاب والقوى السياسية. إذن، على ماذا نختلف؟
اكثر ما أغضب البعض استخدام كلمة "الديناصور"، لتوصيف قوى محافظة طالما أعاقت الإصلاح. ولربما يكون استخدام اللفظ غير صحيح، بيد أن المقصود به صحيح مئة بالمئة، والقوى المنشدة للإصلاح تعرف ذلك أكثر من غيرها.
ما قاله الملك لا يختلف في العمق عما يقوله الإصلاحيون؛ فالرسالة واحدة، ومضمونها متحقق واقعيا، ويتمثل في مراكز قوى وشخصيات رسمية محافظة، طالما أعاقت عملية الإصلاح، وهمشت إشراك الجميع في العملية الديمقراطية، وإلا لماذا أعيد قانون الصوت الواحد؟ ومن أين جاءت الدوائر الوهمية؟
المادة الصحفية تضمنت كثيرا من المواقف المهمة، وأهمها أن الملك مؤمن بالملكية الدستورية التي تطالب بها قوى سياسية؛ وتأكيده -كما في مرات سابقة- أن الملكية التي سيورّثها لولده، ليست كتلك التي ورثها عن والده المرحوم الملك الحسين، فلماذا تُغفل هذه التفاصيل؟
المشكلة حدثت، ولكن السبب الرئيس لها يتعلق بنظرة المسؤولين إلى الصحفيين الأردنيين مقارنة بكل ما هو خارجي. وهنا يأتي الحديث عن تعامل الجهات الرسمية مع الإعلام الأجنبي بنوع من التقديس غير المفهوم، رغم أنه غير مدرك لحساسيات البلد، ولا يقدر خطورة بعض التفاصيل. المشكلة ليست في السقف الصحفي والحرية، بل في قدرة الإعلام الأجنبي على فهم الواقع المحلي. وتغييب هذه المسألة بالتحديد عن ملف إدارة إعلام الملك، خطير؛ وها نحن نشهد نتائجه.
تفضيل الإعلام الخارجي على المحلي مسلك قديم، ودلالات تقديره مختلفة. وكثيرا ما وصلت المعلومات للإعلام المحلي، بدءا من تغير ولاية العهد وإقالة الحكومات وانتهاء بتكليفها، من وكالات الصحافة العالمية. في ظل الاحتقان وعدم الرضا عن أداء الحكومات، وشعور المواطن بالظلم والقهر، أخذ المقال مدى أبعد مما هو متوقع. وردود الأفعال كانت من جميع الأطراف مبالغا فيها؛ فمن يوصفون بالموالاة أشبعوا الآخرين تهما وتجريحا، والمتعطشون للإصلاح بالغوا في تحميل المقال أكثر مما هو مطلوب.
التعقل يقتضي التعامل مع المسألة ضمن حجمها الطبيعي، وعدم المبالغة من قبل الجميع، حتى يتوقف الأثر عند هذا الحد، ولا يسمح لأي كان باستغلال ما حدث لأجندات خاصة، تعمق أزمة الوضع الداخلي.
الإسقاط والتعميم كان مبالغا فيهما، لأن ما قاله الملك أمر تحدّث به كثيرون، سرا وعلانية، فلماذا يصبح الكلام صادماً عندما يتحدث به الملك؟
ما نُشر أغضب البعض، فقط لأن منسوب الصراحة فيه مرتفع. وساعد على تأجيج ردود الفعل، الخبر المقتضب الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، والذي اجتزأ الكلام وأخرجه من سياقه.
على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي؛ "فيسبوك" و"تويتر" تحديداً، تابعت بشكل حثيث كثيرا مما كُتب. والملاحظ هو أن معظم التعليقات تكشف أن البعض لم يقرأ ما نشرته "ذي أتلانتك"، أو اكتفى بقراءة النسخ المترجمة.
ما نُشر ليس مقابلة صحفية تحتوي سؤالا وجوابا، بل هو مقال؛ حيث وُضع كلام الملك في إطار تحليل الكاتب وقراءته للمشهد الأردني، بشكل يكشف ضعف قدرته على تحديد حساسيات المجتمع الأردني. أيضا، تحدث الملك بصراحة متناهية عن العائلة المالكة، ووجه نقدا لبعض أفراد عائلته بدون أن يسميهم، لتأخرهم في فهم ماهية الربيع الأردني والتعامل معه. وفي هذه الموضوعة تحديدا، قال الملك ما كان يقوله النشطاء على هذه المواقع الاجتماعية وغيرها.
ليست هي المرة الأولى التي ينتقد فيها الملك دائرة المخابرات. وهنا أيضاً يشترك ما طرحه الملك بشأن تعديل أداء الدائرة، مع مطلب للحراك الداعي إلى الإصلاح، كما بعض الأحزاب والقوى السياسية. إذن، على ماذا نختلف؟
اكثر ما أغضب البعض استخدام كلمة "الديناصور"، لتوصيف قوى محافظة طالما أعاقت الإصلاح. ولربما يكون استخدام اللفظ غير صحيح، بيد أن المقصود به صحيح مئة بالمئة، والقوى المنشدة للإصلاح تعرف ذلك أكثر من غيرها.
ما قاله الملك لا يختلف في العمق عما يقوله الإصلاحيون؛ فالرسالة واحدة، ومضمونها متحقق واقعيا، ويتمثل في مراكز قوى وشخصيات رسمية محافظة، طالما أعاقت عملية الإصلاح، وهمشت إشراك الجميع في العملية الديمقراطية، وإلا لماذا أعيد قانون الصوت الواحد؟ ومن أين جاءت الدوائر الوهمية؟
المادة الصحفية تضمنت كثيرا من المواقف المهمة، وأهمها أن الملك مؤمن بالملكية الدستورية التي تطالب بها قوى سياسية؛ وتأكيده -كما في مرات سابقة- أن الملكية التي سيورّثها لولده، ليست كتلك التي ورثها عن والده المرحوم الملك الحسين، فلماذا تُغفل هذه التفاصيل؟
المشكلة حدثت، ولكن السبب الرئيس لها يتعلق بنظرة المسؤولين إلى الصحفيين الأردنيين مقارنة بكل ما هو خارجي. وهنا يأتي الحديث عن تعامل الجهات الرسمية مع الإعلام الأجنبي بنوع من التقديس غير المفهوم، رغم أنه غير مدرك لحساسيات البلد، ولا يقدر خطورة بعض التفاصيل. المشكلة ليست في السقف الصحفي والحرية، بل في قدرة الإعلام الأجنبي على فهم الواقع المحلي. وتغييب هذه المسألة بالتحديد عن ملف إدارة إعلام الملك، خطير؛ وها نحن نشهد نتائجه.
تفضيل الإعلام الخارجي على المحلي مسلك قديم، ودلالات تقديره مختلفة. وكثيرا ما وصلت المعلومات للإعلام المحلي، بدءا من تغير ولاية العهد وإقالة الحكومات وانتهاء بتكليفها، من وكالات الصحافة العالمية. في ظل الاحتقان وعدم الرضا عن أداء الحكومات، وشعور المواطن بالظلم والقهر، أخذ المقال مدى أبعد مما هو متوقع. وردود الأفعال كانت من جميع الأطراف مبالغا فيها؛ فمن يوصفون بالموالاة أشبعوا الآخرين تهما وتجريحا، والمتعطشون للإصلاح بالغوا في تحميل المقال أكثر مما هو مطلوب.
التعقل يقتضي التعامل مع المسألة ضمن حجمها الطبيعي، وعدم المبالغة من قبل الجميع، حتى يتوقف الأثر عند هذا الحد، ولا يسمح لأي كان باستغلال ما حدث لأجندات خاصة، تعمق أزمة الوضع الداخلي.