النقابات المهنية ويوم الكرامة
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : لقد غاب الاحتفال بيوم الكرامة هذا العام عن مجمع النقابات، بعد أن اعتاد الأردنيون على دورية هذا الاحتفال في كل عام منذ سنة 2000 م تقريباً، وكان الاحتفال يتم بهذه المناسبة العزيزة على قلوب كل الأردنين عن طريق عقد المحاضرات والندوات، ودعوة ذوي الشهداء وتكريمهم وتكريم عائلاتهم، بطريقة رمزية تليق بمكانة الشهداء وتخلد ذكراهم في نفوس الناشئة.
لماذا غاب الاحتفال هذا العام بهذه المناسبة، مع انها من المناسبات القليلة المضيئة في تاريخنا المعتم، وتمثل نقطة تحول بارزة ومحطة مهمة في تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني التوسعي، الذي كان يخطط لاحتلال الغور الأردني وسلسلة الجبال المطلة عليه، من أجل إيجاد شريط أمني على الحدود مع فلسطين المحتلة، تمنع تسلل الفدائين ووضع حد للعمليات الجهادية التي نشطت خلال الفترة التي أعقبت هزيمة " 67 ". وتهيىء لخطوة مستقلبية توسعية تتمثل باحتلال شرق الأردن.
معركة الكرامة غيرت جزءاً من تاريخ الأردن وجزءاً من تاريخ المنطقة، وغيرت مسيرة الصراع مع هذا الكيان الذي كان يشعر بنشوة الأنتصار ويعيش عقدة التفوق ومقولة الجيش الذي لا يقهر، والذي صدم بهول المفاجأه المتأتية من بسالة الجيش الأردني وصلابته بالتعاون مع عناصر القواعد الفدائية الفلسطينية الذين استطاعوا رسم لوحة مشرفة منسوجة بلغة الصمود والثبات والعزيمة والاصرار على تحقيق النصر، وفي هذه المناسبة لا بد من الترحم على القائد العسكري في الجيش الأردني البطل مشهور حديثة الجازي، الذي أشرف على إدارة المعركة، ولا بد من الترحم على كل الشهداء الذين قضوا نحبهم، ولا بد من ازجاء أسمى التحيات وأرفع مستويات التقدير لكل الجرحى والمصابين، ولكل المقاتلين الأبطال ولكل من كان له دور إيجابي في تحقيق هذه النتيجة المشرفة لكل أردني ولكل عربي.
النقباء السابقون الذين عوّدونا على الاحتفاء بهذا اليوم العظيم وأبرزهم المهندس عبد الهادي الفلاحات نقيب المهندسين الزراعين والمهندس عزام الهنيدي نقيب المهندسين الأردنين ومن معهم من زملائهم، ومن جاء بعدهم يستحقون التحية لانهم عملوا على إرساء عرف وطني صحيح يقوم على تنمية الشعور الوطني، ويعزز روح الانتماء العميق لهذه الأمة وعقيدتها وتراثها وحضارتها، في ظل ارتفاع منسوب الزيف والنفاق وفي ظل الانحراف في مفاهيم الولاء والأنتماء الوطني، التي تحتاج الى إعادة بناء وإعادة تصحيح.
نحن نشعر بالعتب والحزن على غياب الأحتفال بهذا اليوم في مجمع النقابات هذا العام، لأن الاحتفاء به ينبغي أن لا يكون أمرا قشوريّاً، او نوعاً من أنواع رفع العتب أو يعبر عن مستوى من مستويات التكلف المصطنع أو من التصرفات الإعتذارية، التي تكون ضمن دائرة النشاطات الوطنية الخجولة.
المناسبات الوطنية فرصة ذهبية للتعبير عن شعور جماعي عميق بالانتماء لهذا الوطن، ومناسبة لصهر المشاعر المجتمعية التي تقدس خدمة الوطن وتنميتها وتعظيمها، لتسمو فوق مشاعر الانتماء الجهوي أو المناطقي أو الإقليمي أو العشائري، وفوق الانتماء الشخصي الأناني الفردي القاتل، لأن الوطن ومصلحة الوطن فوق الأحزاب والمنظمات والمؤسسات والفئات والجماعات، لأنها كلها وجدت لخدمة الوطن، وتستمد شرعيتها من حلال قدرتها على تقديم هذه الخدمة النبيلة.
الوطن ليس حقيبة سفر، والوطن ليس بقرة حلوباً، ولا سلعة تباع وتشترى، والوطن ليس ساحة للتنافس على المكتسبات، والوطن ليس مرفقاً لقضاء الحاجات، وليس منطقة عبور، وليس فندقاً أو مسرحاً للنجومية والاستعراض ولا منجماً للإستثمار، الوطن أيها الناس أرض مقدسة، والوطن حب وانتماء وتضحية وجهاد وبذل وعطاء، و اعمار وحفظ وصيانة، وثقافة وتراث وحضارة وتاريخ، وحياة وعيش وبقاء، ومستقبل يعيش في الضلوع وينام بين الأجفان ويخلد في سويداء القلوب، بلا تكلف أو خجل وبلا مواربة في التصريح والتلميح ، فهذا من مقتضيات الايمان، والاتزام العقدي القاطع، الذي يجعل الجهاد من أجل حفظ الأوطان وحمايتها قمة سنام الأسلام، ومن أعظم فرائض الدين، والأستشهاد في سيبل ذلك طريق لنيل أرفع الدرجات في الأخرة، فهذا محل اجماع النقل والعقل على مر العصور والدهور.
a.gharaybeh@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)
لماذا غاب الاحتفال هذا العام بهذه المناسبة، مع انها من المناسبات القليلة المضيئة في تاريخنا المعتم، وتمثل نقطة تحول بارزة ومحطة مهمة في تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني التوسعي، الذي كان يخطط لاحتلال الغور الأردني وسلسلة الجبال المطلة عليه، من أجل إيجاد شريط أمني على الحدود مع فلسطين المحتلة، تمنع تسلل الفدائين ووضع حد للعمليات الجهادية التي نشطت خلال الفترة التي أعقبت هزيمة " 67 ". وتهيىء لخطوة مستقلبية توسعية تتمثل باحتلال شرق الأردن.
معركة الكرامة غيرت جزءاً من تاريخ الأردن وجزءاً من تاريخ المنطقة، وغيرت مسيرة الصراع مع هذا الكيان الذي كان يشعر بنشوة الأنتصار ويعيش عقدة التفوق ومقولة الجيش الذي لا يقهر، والذي صدم بهول المفاجأه المتأتية من بسالة الجيش الأردني وصلابته بالتعاون مع عناصر القواعد الفدائية الفلسطينية الذين استطاعوا رسم لوحة مشرفة منسوجة بلغة الصمود والثبات والعزيمة والاصرار على تحقيق النصر، وفي هذه المناسبة لا بد من الترحم على القائد العسكري في الجيش الأردني البطل مشهور حديثة الجازي، الذي أشرف على إدارة المعركة، ولا بد من الترحم على كل الشهداء الذين قضوا نحبهم، ولا بد من ازجاء أسمى التحيات وأرفع مستويات التقدير لكل الجرحى والمصابين، ولكل المقاتلين الأبطال ولكل من كان له دور إيجابي في تحقيق هذه النتيجة المشرفة لكل أردني ولكل عربي.
النقباء السابقون الذين عوّدونا على الاحتفاء بهذا اليوم العظيم وأبرزهم المهندس عبد الهادي الفلاحات نقيب المهندسين الزراعين والمهندس عزام الهنيدي نقيب المهندسين الأردنين ومن معهم من زملائهم، ومن جاء بعدهم يستحقون التحية لانهم عملوا على إرساء عرف وطني صحيح يقوم على تنمية الشعور الوطني، ويعزز روح الانتماء العميق لهذه الأمة وعقيدتها وتراثها وحضارتها، في ظل ارتفاع منسوب الزيف والنفاق وفي ظل الانحراف في مفاهيم الولاء والأنتماء الوطني، التي تحتاج الى إعادة بناء وإعادة تصحيح.
نحن نشعر بالعتب والحزن على غياب الأحتفال بهذا اليوم في مجمع النقابات هذا العام، لأن الاحتفاء به ينبغي أن لا يكون أمرا قشوريّاً، او نوعاً من أنواع رفع العتب أو يعبر عن مستوى من مستويات التكلف المصطنع أو من التصرفات الإعتذارية، التي تكون ضمن دائرة النشاطات الوطنية الخجولة.
المناسبات الوطنية فرصة ذهبية للتعبير عن شعور جماعي عميق بالانتماء لهذا الوطن، ومناسبة لصهر المشاعر المجتمعية التي تقدس خدمة الوطن وتنميتها وتعظيمها، لتسمو فوق مشاعر الانتماء الجهوي أو المناطقي أو الإقليمي أو العشائري، وفوق الانتماء الشخصي الأناني الفردي القاتل، لأن الوطن ومصلحة الوطن فوق الأحزاب والمنظمات والمؤسسات والفئات والجماعات، لأنها كلها وجدت لخدمة الوطن، وتستمد شرعيتها من حلال قدرتها على تقديم هذه الخدمة النبيلة.
الوطن ليس حقيبة سفر، والوطن ليس بقرة حلوباً، ولا سلعة تباع وتشترى، والوطن ليس ساحة للتنافس على المكتسبات، والوطن ليس مرفقاً لقضاء الحاجات، وليس منطقة عبور، وليس فندقاً أو مسرحاً للنجومية والاستعراض ولا منجماً للإستثمار، الوطن أيها الناس أرض مقدسة، والوطن حب وانتماء وتضحية وجهاد وبذل وعطاء، و اعمار وحفظ وصيانة، وثقافة وتراث وحضارة وتاريخ، وحياة وعيش وبقاء، ومستقبل يعيش في الضلوع وينام بين الأجفان ويخلد في سويداء القلوب، بلا تكلف أو خجل وبلا مواربة في التصريح والتلميح ، فهذا من مقتضيات الايمان، والاتزام العقدي القاطع، الذي يجعل الجهاد من أجل حفظ الأوطان وحمايتها قمة سنام الأسلام، ومن أعظم فرائض الدين، والأستشهاد في سيبل ذلك طريق لنيل أرفع الدرجات في الأخرة، فهذا محل اجماع النقل والعقل على مر العصور والدهور.
a.gharaybeh@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)