jo24_banner
jo24_banner

المعارضة السورية كسرت رتابة أجواء القمة ووجهت نصائحها للزعماء العرب

محمد خير الرواشدة
جو 24 : بين موقفين من مسألة دعم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في الجلوس على كرسي نظام بشار الأسد؛ افتتحت أعمال مؤتمر القمة العربية في دورته العادية الـ24 التي انعقدت في العاصمة القطرية الدوحة أمس.

فقد كان حاصل الفرق بين موقفي رئاسة القمة السابقة؛ جمهورية العراق، وبين رئاسة القمة الجديدة؛ دولة قطر، يتمثل في الموقف السياسي من تمثيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية للشعب السوري ومنحه الغطاء والشرعية العربيين.
تمسك العراق بموقفها في عدم تمثيل الائتلاف لسورية في القمة؛ وجلوسه على كرسي نظام الأسد الشاغر في جامعة الدول العربية؛ نابع من الدعوة لالتزام القمة بنص المادة الثامنة من ميثاق الجامعة الذي يدعو لأن "تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة، نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول، وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي الى تغيير ذلك النظام فيها".
الكلمة الافتتاحية في القمة العربية الرابعة والعشرين التي تنعقد في العاصمة القطرية الدوحة، وألقاها نائب الرئيس العراقي خضير موسى الخزاعي باسم العراق، رئيسة القمة العام الماضي، حددت معالم الخلاف العراقي القطري على قرار القمة، بملء فراغ المقعد السوري في القمة؛ بعد أن وافق الزعماء العرب على دخول وفد ائتلاف المعارضة، وإلقاء رئيسه أحمد معاذ الخطيب كلمة سورية في القمة.
بعد كلمات نائب الرئيس العراقي؛ افتتح امير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني القمة مرحبا بمشاركة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة والحكومة المؤقتة السوريين؛ بعد "ما اكتسبوه من شرعية شعبية في الداخل وتأييد واسع في الخارج؛ ولما يقومون به من دور تاريخي في قيادة الثورة والاستعداد لبناء سورية الجديدة".
وفي هذا يرد الشيخ حمد استباقيا على مواقف دول عربية تحفظت على مسألة دعم ائتلاف المعارضة السورية علنا أو سرا؛ قائلا "سوف يشهد التاريخ لمن وقف مع الشعب السوري في محنته، مثلما سيشهد على من خذله".
الخلاف السياسي بين رئاستي القمة؛ العراق سابقا وقطر حاليا، اكتسب صفة الجدل الناعم الذي لم يتجاوز حدود البروتوكول والأعراف الدبلوماسية، ما ترك عند كثير من المراقبين؛ انطباعات بنجاح الدوحة في تمرير قرار الاعتراف العربي بشرعية الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بتمثيل سورية؛ لكن الخلاف الدبلوماسي بين الدولتين يجسد حقيقة الخلاف السياسي العربي من مسألة دعم الملف السوري والمتمرس على جبهتين مدعومتين بقوى دولية؛ الأول يدعم فرص بقاء نظام الأسد، والثاني يدفع بائتلاف المعارضة السورية، لتكون البديل السياسي عن النظام.
وفيما كان الخلاف السياسي يتصدر كلمة رئيس القمة العربية؛ العراق وقطر، كسرت كلمة الخطيب بروتوكولية القمة ورتابة أجوائها بعد أن بعثت برسائل للقادة العرب وللعالم؛ وبعد أن عبر الخطيب صراحة عن "زهده بأي مؤتمر دولي، ما دام يعجز عن تمرير الحد الأدنى من الدعم لحرية السوريين"؛ متسائلا: "إن كان يحتاج تقرير حق الدفاع عن النفس إلى سنوات يُذبَحُ فيها الشعب السوري بطريقة ممنهجة وواضحة؟!".
الخطيب الذي عاد عن استقالته؛ ليضع حدا لمخاوف ارتباك المعارضة السورية؛ وتضييع جهود تأسيسها وبنائها على اسس من الاعتراف العربي والدولي، والقدرة على الضغط باتجاه تحصيل حقوق الشعب السوري الذي يعاني من طاحونة الحرب والاقتتال الداخلي؛ بعث بأولى الرسائل في كلمته، متجاوزا الأعراف الدبلوماسية والبروتوكولية في القمم العربية، عبر تقديم النصيحة للزعماء والقادة، ودعوتهم للاستجابة لطموحات الشعوب العربية، بتحقيق المزيد من الكرامة والعدل والمساواة"؛ ونصحهم بأن يتقوا الله في شعوبهم وأن "حصّنوا بلادكم بالعدل والإنصاف".
ثاني رسائله، وجهها للمجتمع الدولي، طالبا "منح الحق الكامل في الدفاع عن النفس، ومقعد سورية في هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وتجميد أموال النظام التي نهبها من شعبنا، وتخصيصها لإعادة البناء والإعمار".
الخطيب ومن على مقعد سورية قي القمة، بعث برسالة سياسية ثالثة تمثلت باجابة مقتضبة لسؤال افتراضي حول من سيحكم سورية؟ حين قال "شعب سورية هو الذي سيقرر، لا أي دولة في العالم.. هو الذي سيقرر من سيحكمه وكيف سيحكمه".
ولعل الغاية من إجابته تلك، كانت في سياق الرد الضمني على اتهام دول عربية، تسعى لاحتواء دول الربيع العربي؛ لإعادة انتاج ادوارها في المنطقة العربية عبر متاجرتها بدعم ثورات الربيع العربي.
لذلك؛ شدد الخطيب على مبدأ الدعم العربي والدولي المطلق لجهود دفاع الشعب السوري عن نفسه، ومنحه حق الحياة والحرية، والانعتاق من سوء استخدام نفوذ السلطة والسلاح، وعدم ترك مسألة دعم الثورة السورية لدول أو أطراف بعينها، يقول مراقب.
القمة العربية التي اختتمت أعمالها أمس؛ نجحت بمنح الشرعية العربية للمعارضة السورية لتمثيل السوريين؛ وحتى مع تحفظ العراق والجزائر علنا؛ وتحفظ دول أخرى سرا، ونأي لبنان بنفسها عن اتخاذ أي موقف؛ ووقوف دول بعينها على جبهتين سياسيتين متناقضتين في دعم القضية السورية؛ فإن مراقبين يعتبرون أن آخر أوراق نظام بشار الأسد، سقطت عربيا، خصوصا وأن حلفاءه لم يقدموا ما يسند إلغاء فرص وحظوظ استبدال المعارضة بالنظام؛ فمشهد جلوس المعارضة على كرسي "الأسد" واستبدال العلم السوري بعلم الثورة السورية، خطوات حاسمة، قد تلغي تماما فرص النظام السوري بالعودة خطوة أو أكثر للوراء؛ وذلك بعد سقوط شرعيته عربيا على الأقل.الغد
تابعو الأردن 24 على google news