jo24_banner
jo24_banner

إعلان الأردن بلدا منكوبا تعليميا

جمانة غنيمات
جو 24 :

يقول رئيس الوزراء د. عبدالله السنور، إن النية لدى الحكومة تتجه إلى إعلان الشمال منطقة منكوبة.

الفكرة مناسبة لمواجهة أعباء اللاجئين السوريين، لكنها تصبح أكثر جدوى وبريقا لو قررت الحكومة إعلان الأردن ككل بلدا منكوبا!

فما حدث في جامعة مؤتة، ليس إلا نموذجا لمعركة يمكن أن تحدث في جميع الجامعات الأردنية. ولعل بعضنا ما يزال يذكر الطالب الذي قتل في الجامعة نفسها قبل أشهر، وكذلك زميله الذي لقي حتفه في جامعة البلقاء التطبيقية قبل نحو عام، وفي ذات الأجواء.
الفرق أن الأزمة تتطور وتتفاقم، وسط غياب الحلول الرسمية. وكل ما نطالعه من تصريحات رسمية في هذا الصدد، يفقد قيمته بمجرد إخماد الحرب، لتعود الأمور إلى ما كانت عليه.
شخصيا، لم أعد -وللأسف- أستبعد مقتل طالب في كل جامعة، وأن يجرح العشرات؛ واحتمالات وقوع معارك وارد، طالما أن أسباب الظاهرة قائمة والحلول مؤجلة.
العنف الجامعي ليس المشكلة الوحيدة العابرة للحكومات، بل ثمة كثير من المشاكل التي  تبدأ بالفقر والبطالة، ولا تنتهي بأزمة المالية العامة وغيرها. والبؤر الساخنة كثيرة، وتنتشر في مختلف المحافظات. ويتزامن ذلك مع فشل في كل شيء، سياسيا واقتصاديا، ليصبح الإخفاق حالة عامة، تؤكد مماطلة الحكومات أو خوفها وعجزها عن الإتيان بحلول تطفئ الأزمات، حتى يكاد الوضع يصل حد الانفجار.
لدينا اليوم حالة فقر تتجاوز العوز المالي، إذ تتعمق هذه الحالة لنكتشف أن كل ما مورس من أجل قتل دولة المؤسسات والقانون، قد خلق مجتمعا يعاني من فقر قيمي وأخلاقي، نجم عن تلكؤ وتخاذل الحكومات وتنصلها من إصلاح الحال.
للأسف، كل شيء فقد بريقه وقيمته، وأفرغ من مضمونه، بما في ذلك الجامعات، حتى صارت لدينا مشاكل تبدأ ولا تنتهي، وحجمها ومخاطرها آخذان في الاتساع. يضاف إلى ذلك مجتمع يعاني من ضعف الثقة بالحاضر والمستقبل، ولا يؤمن بقدرات السلطات الراعية لأمره على حل مشكلاته.
الحال السيئة التي بلغها البلد مسؤولية الجميع بلا استثناء. وما قامت به الحكومات، لم يفقر الناس فحسب، بل أفرغ العقول من كل ما هو منطقي وإنساني.
وفاة الطالب الشاب أسامة دهيسات إنذار جديد، يؤشر لنا على الوضع الخطير الذي وصلنا إليه. وقد يقلل البعض من حجم الحادث، لكنه مدعاة لإعلان الأردن بلدا منكوبا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
المطالبة بإعلان كهذا ربما تتسبب بصدمة للبعض، ممن سيرون فيه مبالغة في ردة الفعل. لكنه في الحقيقة خطوة ضرورية لوقف حالة التهاوي التي نمر بها منذ سنوات، لعل وعسى أن يكون فاتحة للبدء بإصلاح الخراب الذي عمّ.
وقد يتهمني البعض بالسلبية والمبالغة، لكن هل ما يحدث كل يوم دعوة إلى التفاؤل، والإحساس بالنجاح والإنجاز؟ بالتأكيد لا.
حتى اليوم، تفشل الحكومات في تشخيص المرض. ولذا، نشهد تراجع حالة المريض بشكل مطرد. والخشية أن تستمر حالة الإنكار حتى نكتشف أن الأدوية لم تعد تنفع، وأن المريض بحاجة إلى استئصال أعضاء من جسده ليتسنى له العيش بالحد الأدنى!
بعد وفاة الشاب دهيسات، لم يعد السكوت ممكنا. وإصلاح الوضع، وإطفاء البؤر الساخنة، ضرورة. وغير ذلك سيكون جريمة ترتكب بحق البلد وأهله. وصلاح حالنا لن يبدأ قبل أن نصلح التعليم والتعليم العالي والقضاء، فهذه هي الوصفة الحقيقية للتعافي.
بعد ذلك، يجوز لنا التحدث والتغني بالإنجازات الإصلاحية التي حققها البلد. (الغد)


jumana.ghunaimat@alghad
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير