jo24_banner
jo24_banner

خطوة من أجل العربية

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : لقد تم الإعلان عن نشاط هادف في رحاب الجامعة الأردنية تحت عنوان "خطوة من أجل العربية" بإشراف نادي "فجر العربية"، يهدف إلى تعزيز اللغة العربية في المجتمع الشبابي، بوصفها لغة القرآن الكريم ولغة الثقافة والتاريخ والحضارة.
كما يهدف المشروع إلى توعية الشباب بأهمية اللغة العربية، وتنمية روح الاعتزاز بها وإتقانها، في ظل طغيان اللغات الأجنبية والهجينة، والنزوع إلى اللغات العاميّة والضعف الكبير باللغة العربية واعوجاج الألسنة وتغير مخارج الحروف والفقر الشديد بالمصطلحات وركاكة الألفاظ وسوء النطق.
من خلال الاستماع إلى كلمات النواب في حديثهم وخطاباتهم في موضوع طرح الثقة بالحكومة، يصاب المرء بالإحباط وتغشاه سحابة ثقيلة من الحزن والكآبة، نتيجة الضعف المستشري باللغة العربية وتحطيم قواعد النحو، إذ لا تكاد تخلو جملة واحدة من حديث الأغلبية الساحقة من مجموعة أخطاء فاحشة تؤذي الأذن، وتهز الوجدان والمشاعر بقسوة، وترغم المستمع إلى الابتعاد عن المتابعة، ويذهب إلى الاستشفاء والترويح، حيث يتم نصب الفاعل وجر المفعول به، ورفع المجرور، مما يذهب بالمعنى ويحط من مستوى المضمون ويطيح بالمقاصد.
الضعف الشديد باللغة العربية الذي يعاني منه الأجيال يدعو إلى القلق الكبير حول مستقبل هوية الأمة الثقافية وبنيتها الحضارية، لأن اللغة تمثل أداة التفكير والوعاء الحضاري للأمة ووسيلة الاتصال والتعارف الإنساني، بالإضافة إلى أنها تشكل عاملاً مهماً من عوامل بناء الذات وصياغة الشخصية وتنمية العقل وأداة التعبير عن الهوية الحضارية المتميزة للأمة.
تكمن المصيبة الكبرى في عدم إدراك كثير من أصحاب القرار، وأصحاب المراكز العليا في المسؤولية أهمية اللغة الأصلية للأجيال، بل إن أغلبهم مصاب بالهزيمة النفسية والمعنوية التي تجعلهم يعتقدون أن اللغات الأجنبية هي لغة العلم والحضارة، ولا مجال للتعلم الحقيقي والالتحاق بركب الحضارة العالمية إلاّ بإتقان اللغة الانجليزية أو لغة غربية أخرى، مما أدى إلى إهمال اللغة العربية وعدم الاهتمام بها وعدم إتقانها، وجعلها لغة ثانوية مهملة، ونتج عن ذلك تخريج أجيال لا تتقن اللغة الأجنبية ولا تتقن اللغة العربية في الوقت نفسه، وبتنا نسمع لغات هجينة، لا تمت للعلم بصلة.
نحن لا نقلل من أهمية تعلم اللغات الأجنبية، ولا مجال لإنكار أن اللغة الانجليزية لها أهمية في الوصول إلى العلوم الحديثة، ولكن ما يجب التأكيد عليه بقوة أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال إهمال اللغة العربية وعدم الحرص على إتقانها لدى الأجيال تحت هذه الذريعة، فلا تعارض من حيث المبدأ، بالإضافة إلى وجوب إطلاق مشروع تعريب العلوم الحديثة، والعناية بالترجمة على أوسع نطاق.
نحن بحاجة ماسة إلى إعادة النظر بمناهج اللغة العربية وآدابها وفنونها والعناية بأساتذتها، ورفع كفاءة المعلم بطريقة منهجية مدروسة، كما يجب إطلاق برامج توعية على طريقة نادي "فجر العربية" من أجل إعادة الاهتمام باللغة العربية على جميع المستويات الاجتماعية، ويجب أن يشترك في ذلك الأسرة والروضة والمدرسة والجامعة، والمؤسسات الثقافية والمنتديات العلمية، وتوسيع رقعة التطوع في تعليم الناشئة قواعد اللغة والبيان، كما يجب إطلاق المسابقات بغزارة في مجال الشعر والقصة والرواية والخطابة.
إن إهمال اللغة العربية طريق لإهمال الذات وعامل من عوامل ضياع الهوية، ويزيد من منسوب الهزيمة النفسية لدى الأجيال، ويبقي على التبعية الثقافية، ويعزز مسار الاغتراب والاستلاب الثقافي ويوهن الاعتزاز بالهوية الثقافية للأمة، ويضعف معاني الانتماء والولاء لمشروع الأمة الحضاري الكبير. (العرب اليوم)

a.gharaybeh@alarabalyawm.net
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير