تحية إكبار للعمال في عيدهم السعيد
بفرح غامر تحتفل البشرية في هذا النهار المبارك بعيد العمال العالمي، وتتوجه الأنظار نحو الأيدي العاملة التي أجادت البذل وأحسنت العطاء لبناء وعمران كوننا الفسيح، ولمنجزاتها المتواصلة لما فيه خدمة الإنسان وراحته على الأصعدة الحياتية والمعيشية المختلفة. نستذكر في هذا النهار بإكبارٍ وتقدير العاملين في البر والجو والبحر. نستذكر العاملين في المشافي ودور الرعاية، ونستذكر المعلمين الذين يقدمون عصارة فكرهم لبناء جيل يتمكن من مواجهة المستقبل بسلاح العلم والمعرفة، نستذكر الطبيب والمهندس ورجل القانون وكل صاحب فكر وقلم وريشة وإزميلِ نحْتٍ يخترق الحجر الأصَمَّ فيحيله قطعة فنية تتكلم دون استنطاق.. نستذكر الأمَّهات وهُنَّ في عمل دؤوب لتربية ابنائهنّ، نستذكرالعاملين في المعامل والمتاجر والحقول الذين ينهمر عرق جباههم ليروي التراب الظامىء فينبت سنابل مكتنزة حَبَّاً.. في هذا النهار نشدُّ بحرارة على أيدي عمال الوطن الذي لولا حرصهم وعنايتهم لما كحَّلنا الأعين بجمال بيئتنا ونظافتها. وبحرارة نشدُّ أيضاً على جميع الأيدي الشريفة على اختلاف خدماتها تلك الأيدي الحانية التي تعمل بحماس وفرح لما فيه الخير العام.
ولعلَّ واجب التحية يجب ان يتوجه في هذا العيد البهيج إلى العاملين خلف مكاتبهم بحسٍ وطني متقدٍ وبعيون لا تعرف الغمْض من أجل أمن الوطن وأمان المواطن، ومثلهم نشامى الميدان من شمال مملكتنا الأردنية الهاشمية الحبيبة إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، الذين على رأس أولوياتهم المحافظة على المنجزات التي تحققت على مدى سنوات كثيرة في هذا الحمى العربي المنيع وكي تبقى مسيرة البناء والإنماء مستمرة بثبات وعزيمة دون تعكير من حاقد أو طامع.
ولمَّا كانت التوجيهات الملكية السامية قد ركـَّزت على إيلاء عمال الأردن كل عناية واهتمام ودعم، فإننا نتطلع إلى ان تضاعف وزارة العمل جهودها لاجتثاث تظلمات عمال يجري استغلالهم في بعض الميادين.. فمن إطالة ساعات الدوام في مرافق معينة إلى عدم إعطاء العمال اجورهم ومستحقاتهم بالتمام والكمال، بل سلب إجازاتهم، إلى عدم توفير أسباب سلامة أرواح عمال البناء في المشاريع تحت الإنشاء، إلى استخدام مواد كيماوية هالكة لعمال شركات الصيانة والتنظيفات رغماً عن إرادتهم، إلى تشغيل الأطفال والأحداث ليس في النهار فحسب بل لساعات متأخرة من الليل أو تشغيلهم نهاراً في مهن منهكة لقواهم الضعيفة .. إلى عدم تفعيل قوانين وساعات عمل المرأة ليلاً وعدم ضبط المهن المصرَّح بها وما يتبع ذلك من طرق استغلال.
في هذا النهار، لا بد من كلمة نحث بها شبابنا من حملة الشهادات الجامعية بأن يستغلوا أوقاتهم بتقبـُّل أية أعمال أخرى وإن تبدت شاقة على نحوٍ ما في بداياتها ..ذلك ان الإنتظار وعدم استثمار الوقت إلى أن يتحقق ما يصبون إليه حسب تخصصاتهم الجامعية ،لا يصب في صالحهم وصالح ذويهم ومجتمعهم، بل يجرُّهُم إلى متاهات الفراغ ومشاكل قد تودي بمستقبلهم ! يروي تراثنا العربي أن إنساناً موسِراً أراد أن يحث أبناءه على العمل وأن يحفز فيهم النشاط فقال لهم : هل تعلمون كيف صرت غنياً ؟ ردُّوا عليه : حدثِّنا أنت رعاك الله ! قال : إذاً اسمعوا نصيحتي : يوجد في كل سنة يومٌ من أيامها وكل من عمل بجد في ذلك اليوم استغنى ، غير أني ولتقدمي في السن نسيت أيّ يوم هو! فلا تتوانَوا أنتم عن العمل بجد كل يوم لئلا يفوتكم ذلك اليوم المبارك فيضيع تعبكم في السنة كلـِّها !
وختاماً، وفي هذا النهار المعطر بنسائم أيار الشذية نتمنى لعمال بلدنا الغالي كل توفيق ونجاح وليعلموا أن لهم قيمة كبيرة في أعيننا، وبهم نزهو، وبعرق جباهِهِم نفخر.
وكل عام وأنتم بخير.
حنا ميخائيل سلامة
Hanna_salameh@yahoo.com