الاردن.. تعديل ما لا يتعدل
حاتم رشيد
جو 24 :
ما ان يشاع عن تشكيل او تعديل وزاري حتى يغرق الاردنيون في احلامهم. فالمواطنون العاديون الذين اعتز بالانتماء اليهم يمنون النفس بتغيير يصب في صالح الوطن. اما مدمنو التوزير والانتهازيون فيمنون النفس بالفرصة الذهبية التي يتطلعون اليها لتحقيق مآربهم الصغيرة. اكثر هؤلاء يرون في الموقع العام غنيمة مادية ومعنوية. فكم تتوق نفوسهم الصغيرة الى القاب التعظيم الكاذب. والتفخيم الخادع. و من المدهش ان الصورة ذاتها تتكرر لمرات ومرات. وفي كل مرة يقال الشي نفسه. وتكرر الاماني نفسها. كلما بشرنا بوزارة قيل انها تجسد الامل وانها تختلف عما سبقها كفاءة واقتدارا والتزاما بمصالح الوطن. لكن الحصيلة تزيدنا الما. المزيد من الدين. دين جديد ليسدد فوائد دين قديم. ضراىب جديدة تبطش بمجتمع لشدة المه لم يعد يتالم. تعلن الحرب على الفساد فيصبح الفساد اكبر واعظم. ويغدو الفاسدون اكثر جرأة وتتخم جيوبهم جهارا نهارا. الفساد لم يعد جبانا كما كان ذات يوم. والفاسدون باتوا بغير حياء يتباهون بفسادهم. ولا يقبلون بأقل من القاب التعظيم والتفخيم. وعلى المغلوبين على امرهم ان يدينوا لهم تملقا وتزلفا طمعا وخوفا.
السيد الرزاز جاء محمولا على اماني وامال بسطاء الناس الذين ظنوا وافترضوا انهم من نصبوه رئيسا. فمن قبل ظنوا انهم اطاحوا بسلفه السيد الملقي. ومنتشين بنصر مزعوم ظنوا ان ابنا لعروبي مبجل وموثوق لن يخذلهم. ولم يكن هذا وحده مغريا فالرجل ايضا ذو حصيلة اكاديمية وخبرة عملية ينخلع من هولها الفؤاد. ها هو الرجل الساحر يصل اخيرا. المنقذ وصل متأخرا لكنه مع ذلك وصل.
لم يكن بوسع احد ان يخدش نقاوة النصر الذي اطاح بالملقي. او ان يمس طهارة حلم تحقق بتنصيب الرزاز.
كان على الجميع ان يتظاهر بأن الاردن تغير حقا. وان نهج التغيير شرع الابواب على مصاريعها. تلك كانت ضرورة اخلاقية تحتم علينا الا نفسد لحظة فرح وطنية.
يجمع الاردنيون ان السيد الرزاز شخصية مهذبة. واكثر من ذلك انه نظيف وعفيف. لكن من قال ان سلفه كان اقل تهذيبا.
هل التهذيب على ضرورته كاف لتقود وطنا ومجتمعا.
لا شئ مضى نحو الاحسن. آلة الدولة تعمل كما اعتادت ان تعمل. تعديل يليه تعديل والحال على حاله بلا تعديل. تسميات وارقام وبيانات لاحياة فيها ولا نفع.
في تعديله الاخيره يقول الرئيس انه يريد رفع مستوى الانجاز. اي ادعاء واي زعم هذا. قل لنا ما هو انجازك.
مع الاحترام لشخص الرئيس وفريقه الوزاري الذين تجمعني ببعضهم صداقة شخصية. هذه وزارة بيروقراطية لا تحمل ملامح سياسية ولا معالم تكنوقراطية. فهي تفتقر لعقل سياسي على مستوى مصالح دولة تغرق في لحظة نارية اقليميا. وتفتقر لطاقة تكنوقراط إبداعية عل مستوى اجتراح حلول ازمة اقتصادية متجذرة ومتفاقمة.
أن بعض المسميات الوزارية الاخيرة تنم عن ترف تخال معه ان السيد الرزاز يشكل وزارة في السويد وليس في الاردن المحصور بالنار والمعصور بازمات متوالدة.
ابهذه الوزارة يتصدى الاردن لصفقة الاردن. على الاقل دعونا نصدق اننا فعلا نتصدى لا قولا.
الصورة على ثباتها وبؤسها تأبى ان تتبدل. والاعوجاج على حاله عنيد لا يتعدل.
لن ينهض الأردن بغير مشروع مجتمع ودولة حقيقية عصرية ديمقراطيه. الهامها مصلحة شعبها والتي تعلو على اية مصلحة لفرد او شرائح طفيلية.
الاردن بمسيس الحاجة الى رجال دولة يقبلون ويقدمون على تحمل المسؤولية الوطنية بكل تبعاتها. وهم مؤهلون للنجاح يسندهم شعب عظيم وبلد غني بموارده وطموحه واقداره.