jo24_banner
jo24_banner

استراتيجيات الإعلام للإلهاء والتحكم في الشعوب

علي سعادة
جو 24 :
 تدور معظم النظريات الإعلامية الحديثة حول قدرة وسائل الإعلام التقليدية والإعلام الحديث (مواقع التواصل الاجتماعي) على صناعة رأي عام زائف وغير واقعي، وتتفق معظمها على عدة مبادئ وأفكار لعل من أوضحها نظرية «دوامة الصمت» التي تعد من النظريات التي تؤكد قوة وسائل الإعلام في تكوين الرأي العام (صناعته)، وأسست هذه النظرية الباحثة الألمانية إليزابيث نويل – نيومان في عام 1974.

تقوم الفكرة الأساسية للنظرية على أن الفرد يعيش في مجتمع ويتفاعل مع بيئة الرأي العام بمقوماته وعوامل تشكيله، لذلك فالفرد يميل إلى تشكيل رأيه طبقا للرأي العام السائد في المجتمع الذي يعيش فيه.

تقول نظرية «دوامة الصمت»، بحسب ما هو منشور في أكثر من موقع، على افتراض رئيسي فحواه أن وسائل الإعلام حين تتبنى آراء أو اتجاهات معينة خلال فترة من الزمن، فإن معظم الأفراد سوف يتحركون في الاتجاه الذي تدعمه وسائل الإعلام، وبالتالي يتكون الرأي العام بما يتسق مع الأفكار التي تدعمها وسائل الإعلام.

ولاحظ بعض الباحثين أن وسائل الاتصال والإعلام تتخذ أحيانا جانبا مؤيدا لإحدى القضايا أو الشخصيات أو الحكومات، ويؤدي ذلك إلى تأييد معظم الأفراد للاتجاه الذي تتبناه وسائل الإعلام بحثا عن التوافق الاجتماعي.

أما الأفراد المعارضون لهذه القضية أو ذلك الاتجاه، فإنهم يتخذون موقف «الصمت» تجنبا لاضطهاد الجماعة وخوفا من العزلة الاجتماعية حتى وإن كانوا يؤمنون بآراء مخالفة لما تعرضه وسائل الإعلام، فإنهم يحجبون آراءهم الشخصية، ويكونون أقل رغبة في التحدث عن هذه الآراء مع الآخرين.

وتساهم ثلاث آليات أساسية في تأثير الوسائل الإعلامية في الجماهير هي:

أولا- التراكمية:

وتتمثل في التأثير التراكمي من خلال التكرار، حيث تميل وسائل الإعلام إلى تقديم رسائل متشابهة ومتكررة حول موضوعات أو شخصيات أو قضايا معينة، ويؤدي هذا العرض التراكمي إلى تأثيرات في المتلقين على المدى البعيد.

ثانيا- الشمولية:

تسيطر وسائل الإعلام على الإنسان وتحاصره في كل مكان، وتهيمن على بيئة المعلومات المتاحة، مما ينتج عنه تأثيرات شاملة في الفرد يصعب الهروب من رسائلها.

ثالثا- التجانس:

ويعني توافق الأفكار التي تقوم وسائل الإعلام ببثها وعرضها على جمهور المتلقين، كما يعني وجود اتفاق وانسجام بين القائمين بالاتصال مع المؤسسات التي ينتمون إليها مما يؤدي إلى تشابه توجهاتهم والقيم الإعلامية التى تحكمهم، وعليه تكون الرسائل التي تعمل وسائل الإعلام المختلفة على بثها تبدو متشابهة ومتسقة مع بعضها بعضًا مما يزيد من قوة تأثيرها في جمهور المتلقين.

وتؤدي هذه العوامل السابقة مجتمعة إلى تقليل فرصة الفرد المتلقي في أن يكون له رأي مستقل حول القضايا المثارة، وبالتالي تزداد فرصة وسائل الإعلام في تكوين الأفكار والاتجاهات المؤثرة في الرأي العام.

إن وسائل الإعلام لا تعبر بالضرورة عن رأى الأغلبية، بل تعكس أحيانا رأى الأغلبية المزيفة التي تروج لها وسائل الإعلام.

هذا الانتقاد عززه المفكر المعروف ناعوم تشومسكي، فقد تطرق بكتابه المهم في هذا المجال «السيطرة على الإعلام، الإنجازات الهائلة للبروبجندا» في موضوع كيفية استخدام الإعلام والدعاية في تجريد الديمقراطية من قوة تمثيلها للإرادة الشعبية وتحويل تلك الارادة الشعبية نحو موضع مزيف آخر يصب أو يخدم مصلحة النخب المهيمنة في المجتمع.

الاسترتيجيات الـ10 التي يسلكها الإعلام للإلهاء والتحكم في الشعوب كما عددها المفكر نعوم تشومسكي هي كالتالي:

1- استراتيجية الإلهاء.
2- اخلق المشكلة ووفر الحل.
3- التدرج.
4- التأجيل.
5- خاطب العامة كأنهم «أطفال».
6- استخدم الجانب العاطفي بدلاً من الجانب التأملي.
7- إبقاء العامة في حالة من الجهل والغباء.
8- تشجيع العامة على الرضا بجهلهم.
9- تحويل التمرد إلى شعور ذاتي بالذنب.
10- معرفة الأشخاص أكثر مما يعرفون أنفسهم.

من هنا نجد أن أي سلطة لا يمكن لها أن تترك وسائل الإعلام سواء تقليدية من صحافة وتلفزيون وإذاعة، أم افتراضية مثل مواقع التواصل الاجتماعي دون رقابة من جهة، ودون توجيه وتدخل من جهة أخرى، مستفيدة بالطبع من جميع ما نشر حول «دوامة الصمت» أو استراتيجيات تشومسكي للإلهاء والتحكم في الشعوب، بل انها تعمد إلى تطبيقها حرفيا، أو لنقل إنها تطبقها فعليا على الواقع.
تابعو الأردن 24 على google news