مصير الخردة العراقية الملوثة في الاردن
أسفرت الحرب الامريكية في العراق عن تدمير آلاف الدبابات العراقية وغيرها من القطع الحربية ، وكان قد تم التدمير من خلال استعمال ادوات التدمير الامريكية والقذائف الصاروخية المصنعة من اليورانيوم المنضب التي خلّفت تلوثا هائلا من خلال ما تخلفه هذه القذائف من اشعاعات مضرة، مما جعل الجيش الامريكي يبحث عن ابعاد هذه القطع الحربية المدمّرة عبر تجار الحروب.
تفيد بعض المعلومات المتداولة أن الاردن كان مؤهلا لاستقبال هذا الكم الهائل من الخردة المليئة بالاشعاعات ، وتفيد الاخبار ان بعض مصانع الحديد في الاردن استوردت هذه الخردة الملوثة بثمن بخس واعادت تدويرها في مصانعها منذ عام 2004 ، وتم خلالها صناعة قضبان الحديد وحديد البناء وغيره من المخرجات الملوثة التي تم تسويقها وبيعها للشعب الاردني المغلوب على امره .
ترى كم عدد البيوت والشقق التي تم بناؤها منذ عام 2004 ودخل في بنائها هذا الحديد الملوث ، الذي تقول بشأنه الدراسات العلمية انه يبقى مصدرا للاشعاعات المضرة مئات السنوات ، مما يجعلنا عرضة لهذا الضرر الذي يشكل عاملا مهما ورئيسيا من عوامل التسبب بامراض السرطان الذي يفتك بالشعب الاردني وابنائهم وابناء ابنائهم الى ما شاء الله من الازمان القادمة.
لقد تمت إثارة هذه القضية في الصحافة عام 2004 عندما هرع بعض التجار الاردنيين الى استيراد هذه الخردة من دبابات ومدرعات ومدافع وقطع حربية مختلفة، ولقد تم الصمت بعد ذلك بفعل اصحاب النفوذ واصحاب المصالح في هذا الشأن، الذين اثروا ثراء فاحشا على حساب صحة المواطن الاردني وصحة الاجيال، إذ يقول بعض الخبراء المهتمين ان هناك زيادة ملحوظة في الاصابة بامراض السرطان وخاصة في شريحة الاطفال.
هذه القضية الخطيرة تحتاج الى تحقيق ودراسة مستفيضة واستقصاء من الحكومة واجهزتها المختصة، كما يقتضي ان تقوم المؤسسات المختصة بالحفاظ على البيئة، والمؤسسات المختصة بالحفاظ على الصحة، بإجراء الدراسات الاستقصائية في اظهار هذه الحقائق وكشف المستور ، ومعرفة كل الذين اسهموا في اقتراف هذه الجريمة لانهم ما زالوا يمارسون هذه الاعمال بلا حساب ولا رقابة ، وما زال حيتان الفساد في مأمن من الملاحقة وايقاع العقوبة.
على الذين يملكون الوثائق والمعلومات المتعلقة بهذا الموضوع ان يعملوا على إبرازها وايصالها الى الصحافة الحرة ، والشخصيات الوطنية المهتمة من اجل اثارتها امام الرأي العام ، وما يتم تداوله ان هناك بعض الاطراف التي تملك الوثائق ، ولديها صور الدبابات العراقية المعطوبة التي تحوي بقايا الجثث المتفحمة .
الشعب الاردني محظوظ بثلة من التجار الفاسدين الذين يستهترون بالشعب ويستهترون بالدولة ويستهترون بالدين والقيم والاخلاق ، ويعمدون الى شراء البضائع الفاسدة والاغذية الملوثة والاطعمة المنتهية الصلاحية التي تحملها السفن التي تجوب البحار والمحيطات تبحث عن شعوب مستغفلة وتجار متنفذين قادرين على شراء الذمم والتحايل على القوانين واستخدام الرشاوى من اجل شراء الصمت والتوقيعات والاختام الموجودة برسم البيع.
الرشوة جريمة بشعة وهي فعل ممنوع في كل شرائع السماء والارض ، وفي اسلامنا وثقافتنا وحضارتنا الرشوة تعد فعلا ملعونا على لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال :"لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما _الوسيط"، ويكون هذا الفعل اشد قبحا واعظم فسادا عندما يتعلق بالشأن العام المتعلق بالامة كلها ، فكيف تكون الجريمة عندما تكون متعلقة بالاجيال القادمة على مدار مئات السنوات في المستقبل، فهل هناك خيانة وطنية اعظم من هذه الخيانة ؟
العرب اليوم