تجليات ادارة البلاهة والحُمق بعهد حكومة النهوض في رمال صندوق النقد المتحركة!
جو 24 :
أحمد الحراسيس - نشرت صفحة رئاسة الوزراء عبر تويتر تصريحا لوزيرة الدولة لشؤون الاعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة جمانة غنيمات، قالت فيه إن "زيادة الضرائب لم ترفع من ايرادات الخزينة، وإن الحكومة لن تفرض ضرائب جديدة". وتأتي تلك التصريحات بعد ساعات من تصريح نائب رئيس الوزراء ورئيس الفريق الاقتصادي في الحكومة الدكتور رجائي المعشر والتي أكد فيها أن الحكومة دفعت مبلغ (100) مليون دينار اضافية كفروقات أسعار طحين بسبب رفع الدعم عن الخبز.
اقرار بالفشل
تلك التصريحات شكّلت اعترافا صريحا بفشل السياسات الاقتصادية التي سارت عليها الحكومة، وأكدت صحة ما ذهب إليه خبراء الاقتصاد الذين حذروا مرارا من النتائج الكارثية لنهج زيادة الضرائب في ظلّ انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين. لكنّ الحكومة ومن بعدها مجلس النواب ضربوا كلّ تلك التحذيرات عرض الحائط وقرروا التماهي مع توصيات صندوق النقد الدولي الذي لم يدخل بلدا يعاني ظرفا اقتصاديا صعبا إلا وعمّق حالة الفقر التي يعيشها الشعب، ولنا في تشيلي والبرازيل واليونان مثل، لتأتي النتائج بهذه الكارثية؛ مواطن عاجز عن تلبية أدنى متطلبات العيش، وقطاعات تتداعى، وخزينة تواصل النزيف جراء الفشل الحكومي.
المشكلة، أن الحكومة التي جاءت على وقع الاحتجاجات الواسعة الرافضة لهذه السياسات، واصلت مسيرة الهدم والتقويض والتبعية والارتهان لصندوق النقد الدولي، والمضحك المبكي أنها كانت تنتظر نتائج مختلفة!
لا نعرف ما هي مبررات بقاء حكومة الدكتور عمر الرزاز في الدوار الرابع، وما هو الملفّ الذي تمكن الرجل من تحقيق النجاح فيه، ولماذا نواصل الانخراط في مخططات افقار الشعب والدولة؟! ثمّ كيف يرهن الاقتصادي الفذّ مصير الاقتصاد الأردني بالسجائر والمحروقات كما يُفهم من تصريحات المعشر ووزير المالية الدكتور عز الدين كناكرية؟ ماذا لو قرر الأردنيون الاقلاع عن السجائر؟ ماذا لو قرروا الاستجابة للدعوات الحكومية بالاعتماد على قطاع النقل العام المتهالك؟ وهل تعتقد الحكومة أنها إذا رفعت أسعار سلع معينة فإن الاقبال عليها سيزيد أو سيظلّ كما هو؟! ألا تدري الحكومة أن رفع أسعار السلع يعني بالضرورة تراجع الاقبال عليها وبالتالي انخفاض مبيعاتها وانخفاض عوائد الخزينة من الضريبة المفروضة عليها؟! ألم تلمس الحكومة ذلك بعد رفعها الضرائب والرسوم على شركات الاتصالات حتى وصلت في مجموعها نحو (65%) من كلف الخدمات التي يشتريها المواطن؟!
تصريحات عشوائية
تصريحات المعشر كشفت أيضا حجم ضعف وهشاشة حكومة الرزاز، فإذا كان نائب رئيس الوزراء هو الأكثر خبرة بين أعضاء الطاقم الوزاري، والأصل أنه الأكثر حكمة، ويثير كلّ هذا الجدل مع كلّ تصريح يُدلي به خلال اجتماعات مجلس النواب، فلنا أن نتخيل كارثية التصريحات الصادرة عن الوزراء الآخرين وحجم الارباك الذي يحدثه أحدهم مع كلّ تصريح صحفي؛ فهذا يقول إن الدخان سبب تراجع الايرادات وذاك يقول إنه تراجع الاقبال على شراء البنزين، حكومة تقول إن رفع الدعم عن الخبز يأتي لتوفير (40) مليون دينار على الخزينة والمعشر يقول إن الحكومة تدفع (100) مليون فروقات أسعار طحين، وزير يقول إن التخليص على المركبات ارتفع خلال الثلث الأول واخر يقول إن استهلاك البنزين انخفض.
الحقيقة أن ما يجري يؤشر على حجم السذاجة السياسية لدى بعض أعضاء الطاقم الوزاري التأزيميين، واصرارهم على اثارة الشارع بالضرب على عصبه واستفزازه بالتصريحات العشوائية التي يُطلقونها وسط غياب رئيس الوزراء في اجازة خاصة خارج البلاد في صورة واضحة عن حجم انفصال هذا الرئيس عن واقع حكومته المفككة.
حكومة ولاية عامة!
وسط كلّ ذلك الوضع المتردّي، يأتي أحدهم ويقول إن الحكومة تعمل بدون أي تدخلات من أي مركز من مراكز صنع القرار، وذلك في محاولة لعزلها وتحميلها كامل مسؤولية التردي والتراجع، وهذا غير صحيح على الاطلاق، فإذا كنا متفقين على أن الحكومة قد فشلت فلماذا لا تقوم مراكز صنع القرار تلك بعزل هذه الحكومة، إلا إذا كانت شريكة لها بالفشل فعلا.
إن الفشل في ادارة الملفّ الاقتصادي وغيره من الملفات خلال المرحلة الماضية انعكس بشكل سلبي على حياة الأردنيين، والمطلوب من هذه الحكومة بكامل طاقمها الوزاري تقديم اعتذار صريح للشعب الأردني مشفوع باستقالتها لفشلها الذريع، والتراجع عن كافة القرارات الجبائية التي جرى اتخاذها سابقا، بل وتخفيض ضريبة المبيعات على مختلف السلع والخدمات.