2024-10-07 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

مجلس النواب والإجماع على طرد السفير

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : أقدم مجلس النواب على خطوة غير مسبوقة في تحصيل الإجماع على طرد السفير الصهيوني من الأردن، على أثر قيام الصهاينة بتدنيس الحرم القدسي، وتوجيه إهانة رسمية لفضيلة المفتي العام للديار الفلسطينية، وتم طرح آراء كثيرة حول معاهدة وادي عربة، خاصة في ظل تأكيد إشراف الأردن الرسمّي على القدس والمقدسات.
الخطوة التي تم اتخاذها من مجلس النواب تشكل محطة حاسمة ولها تداعيات في غاية الخطورة والأهمية بشأن المرحلة السياسية برمتها، وسوف تنعكس آثارها على المجلس نفسه وعلى الحالة الشعبية والرسمية، سواء أدرك المجلس أبعاد هذه الخطوة أم تغافل عنها.
سوف يقال أن إجماع المجلس في هذا الشأن غير ملزم للحكومة، وغير ملزم للسلطات الأردنية المختصة بتنفيذ ما جاء في هذه التوصية، لأن هذا الأمر شأن تنفيذي تفصيلي من اختصاص الحكومة الدستوري، ربما يكون هذا القول صحيحاً من الناحية الشكلية، ولكن المجلس يملك القدرة على إنفاذ إرادته بطريقة دستورية، من خلال استعمال صلاحيته بنزع الثقة من الحكومة في حالة إهمال رغبة المجلس التي تم التعبير عنها بالإجماع.
المجلس وضع نفسه في امتحان صعب وكبير، فإما أن يحترم نفسه ويصون موقع السلطة التشريعية من العبث ولغو الكلام، وأن يحفظ هيبته أمام الشعب الأردني، وبحفظ كرامة أعضائه الذين أجمعوا على هذا الأمر بشكل واضح وصريح ومعلن، وإما أن يصبح المجلس أمام استحقاق كبير وخطير يتعلق بمصيره بشكل حتمي لا مفرّ منه، بأن يقدم على حل نفسه.
الأطراف كلها الآن أصبحت أمام هذا الامتحان المفاجئ وغير المتوقع، وأولها الحكومة، خاصة أنها توصف بأنها حكومة برلمانية، وأنها بصدد تنفيذ وعودها التي التزمت بها قُبيل تحصيل الثقة الصعبة التي تجاوزت الأغلبية المطلقة بأصوات قليلة ومعدودة.
إذا تم تنفيس هذا الإجماع وإبطاله بأية طريقة من الطرق، فهذا سوف يؤكد صحة الأصوات التي تصف المجلس بأنه لا يمتلك السلطة الحقيقية التي منحها له الدستور، وأنه غير قادر على فرض إرادته وتنفيذ قراراته، مما يضع علامة استفهام كبيرة حول حقيقة تمثيل المجلس لجمهور الناخبين وتمثيل الشعب الأردني وتقرير مصيره والتعبير عن رأيه في القضايا السياسية الكبيرة التي تتعلق بالأوطان والمقدسات والاحتلال والتدنيس.
المجلس يجب أن يتخذ كل الاحتياطات والإجراءات التي تلزم الحكومة بحفظ ماء وجهه وأن لا تدخل البلد كلها في حرج فقدان الثقة بعد اهتزازها الشديد الذي تعرضت له خلال المراحل السابقة.
يتوقع المراقبون أن تجري مفاوضات ضاغطة على المجلس بشكل جماعي وفردي، من أجل عدم متابعته لمقتضيات هذا الإجماع، وسوف تجري اجتماعات واتصالات من كل نوع ومن كل لون لتجعل المجلس يعاود نقض هذا الإجماع "ولحس" ما تم من قرارات وتصريحات في هذا الشأن؛ وسوف يكون الموضوع محل موازنة مختلة بين الحرج الذي سوف يلحق بالأردن من الطرف الصهيوني والأمريكي إذا تم تنفيذ هذه الخطوة، وما يتبع ذلك من آثار وتداعيات. هذا من جانب ومن جانب آخر الحرج الذي سوف يلحق بمجلس النواب ومصداقيته أمام شعبه، وقدرته على حفظ هيبته التي تمثل هيبة السلطة التشريعية وهيبة الشعب الأردني كله.
الأردنيون جميعاً ينتظرون نتيجة هذه الموازنة، وسوف تكون كرامة الشعب الأرني في كفّة، وكرامة السفير الصهيوني في كفة أخرى، فأيها الكفة الأثقل في موازين الدولة والسلطة؟؟ إذ سوف يكون لهذه الموازنة أثر كبير وخطير على مجمل العلاقات الداخلية التي تتعرض لامتحان مرعب!
الموضوع دقيق وفي غاية الحساسية، ويحتاج إلى تحمل المسؤولية بطريقة مختلفة عما كان يتم في المراحل السابقة، لأن الأردن والمنطقة كلها تعيش ظروفاً مختلفة تماماً، تستحق مزيداً من الحكمة ومزيداً من الصلابة في تحمل المسؤولية، وعلى المجلس وكل الأطراف المتصلة بالقرار أن ترجح أهمية الإرادة الشعبية ووزنها الحقيقي في كل الأعراف، وعند كل الشعوب، وأولها "الشعب اليهودي" وكيفية تعامله مع الشأن الديموقراطي وقرارات "الكنيست الاسرائيلي". العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير