jo24_banner
jo24_banner

قانون إصلاح وطني شامل

جمانة غنيمات
جو 24 : للمرة الأولى منذ سنوات يمكن القول إن لدى الحكومة فريقا اقتصاديا، وسوء الطالع أن تتوفر هذه الميزة في حكومة فايز الطراونة "الانتقالية"، الأمر الذي يخفض سقف التوقعات حياله، ليس لأسباب ترتبط بقدراته بل بقصر عمر الحكومة، إذ ما الذي يمكن أن تفعله الحكومة في أشهر معدودة أمام كل هذه المشاكل؟.
الوقت ليس في صالح الفريق، ولن يسعف الزمن الحكومة الحالية لإحداث الكثير من التغييرات المطلوبة وإدخال تطور ملموس في الوضع الاقتصادي، والمساهمة في إخراج البلد من عنق الزجاجة، إلا إذا كانت حكومة رفع إسعار.
المشكل الاقتصادي ثلاثي الأبعاد، ويرتبط بشكل حثيث بالسياستين المالية والنقدية والبيئة الاستثمارية، وانعكاسات كل ذلك على المستوى المعيشي للأفراد، ومشكلة تآكل المداخيل التي تتفاقم يوما بعد يوم، ومرشحة لذلك أكثر في ظل الحديث عن قرارات رفع الأسعار.
الملفات الاقتصادية الجاثمة على مكاتب وزراء الفريق الاقتصادي هي ذاتها منذ سنوات، وبات الحديث عنها مملا ومكرورا؛ حيث كان التحسن الذي طرأ عليها محدودا لأسباب تتعلق بغياب الرؤية الإصلاحية المتوازنة والقادرة على التعاطي مع الحالة بكل تجلياتها.
أدى غياب الفريق والرؤية إلى إهمال المطالب بوضع برنامج إصلاح وطني يعالج الاختلالات السابقة، ويغني المملكة عن وصفات صندوق النقد التي بدأت تقترب من البلد شيئا فشيئا، في ظل تراخي الحكومات المتعاقبة عن أداء الدور المطلوب منها.
قصر الوقت قد يكون حافزا للفريق لعدم التلكؤ وتسريع وتوسيع خطوات الإصلاح، بما يساهم بوضع أساس متين للبناء عليه، من قبل الحكومات اللاحقة، إذ لا ضير من المحاولة، خصوصا وأن الأشهر القصيرة المتوقعة لبقاء الطراونة وفريقه في "الرابع" محدودة.
وبما أن البلد يمر بحالة استثنائية، فإن إنجاز مسألة واحدة كفيل بمنح حكومة الطراونة لقب حكومة الإصلاح الاقتصادي، حتى لو لم يتسنَ لها تطبيق برنامج الإصلاح الذي تقره. والظفر بهذا اللقب يحتاج إلى إقرار برنامج إصلاح وطني شامل، على شكل قانون دائم، لضمان التزام الحكومات به، سواء الحالية أو تلك اللاحقة.
يمكن للحكومة أن تضمّن في القانون كثيرا من الأهداف والإجراءات الواجب اتخاذها والتي تصب في معالجة الاختلالات، من خلال وضع خطة لثلاث سنوات، تلتزم بها كل الحكومات تماما كما كانت تخضع لبرامج صندوق النقد وسياساته القاسية والصعبة، التي طبقتها المملكة منذ العام 1989 وحتى تخرج الأردن منها في العام 2004.
ميزة هذا القانون، إن وضع، أنه سيراعي الخصوصية الأردنية، ويفسح المجال للموازنة بين متطلبات الإصلاح القاسية وتلك التي تحقق العدالة مثل إقرار التشريعات المطلوبة لحماية المستهلك، والضرورية لتشجيع الاستثمار، وتحقيق العدالة الضريبية التي تكفل إعادة توزيع مكتسبات التنمية والنمو من خلال وضع قانون ضريبي منسجم مع الدستور، يوفر إيرادات أكثر للخزينة بعيدا عن جيب المواطن.
إقرار مثل هذا القانون سيساعد على ضمان تجاوز أزمة مماثلة لتلك التي وقعت في العام 89، وسيمكن الحكومة من تمرير قراراتها الصعبة، خصوصا أن وضع خطة شاملة للإصلاح سيؤثر على الفرد من جهة، لكنه سيدعمه وينصفه في الجهة المقابلة.
ضمان نجاح البرنامج يحتاج إلى أن يتزامن أيضا مع إصلاح سياسي حقيقي، أساسه قانون انتخاب يحقق تمثيلا عادلا ومرضيا لكل الأطياف السياسية والمجتمعية، بحيث نفرز مجلس نواب يمتلك الشرعية، ويساعد الحكومة أيا كانت على تطبيق قانون برنامج الإصلاح الذي بات حاجة ماسة لا يجوز تأخيرها أكثر.
لدى حكومة الطراونة فرصة ذهبية لتحرز هذا اللقب شريطة أن تتوفر النوايا، والتخلي عن البطء والمماطلة، وعدم الهروب كما في كل مرة من العمل الصعب والشاق إلى البحث عن حلول سهلة على حساب المواطن.

jumana.ghunaimat@alghad.jo
الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير