jo24_banner
jo24_banner

آلية جديدة لتسعير الكهرباء تتضمن رفع التعرفة العام القادم

آلية جديدة لتسعير الكهرباء تتضمن رفع التعرفة العام القادم
جو 24 :
كتب: أنس ضمرة - 

نشرت الجريدة الرسمية "آلية استهداف الأسر المستحقة لدعم الكهرباء" التي تعمل على "إعادة توجيه الدعم لمستحقيه" وفق ما ذكرت الآلية المنشورة في 31 اكتوبر الماضي.

هذه الآلية تعمل على تعديل "الدعم" الموجود على فاتورة الكهرباء حاليا من كمية الاستهلاك "الشرائح" إلى مقاييس "الرفاه الاجتماعي" للأسر. وذلك بهدف خفض قيمة الدعم الموجه من قبل الحكومة إلى المشتركين المنزليين.

الآلية المعمول بها حاليا، تقدم دعما تدريجيا للمشتركين حسب كمية الاستهلاك، حيث ترتفع قيمة الكيلووات في حال القفز من شريحة إلى أخرى. وذلك ينطبق على كافة المشتركين وعددهم 1.2 مليون مشترك تقريبا.

الآلية الحكومية التي أُقرت بشكل مفاجئ ستعتمد على مقياس "الرفاه الإجتماعي" للأسرة بحيث يتم تقديم الدعم للأسر الفقيرة واصحاب الدخل المحدود حصرا، بينما وفق المعايير التي ستعتمد عليها وزارة الطاقة من قاعدة بيانات صندوق المعونة الوطنية، إلى نزع الدعم عن ما تعتقد الحكومة أنهم غير مستحقين.

بالنتيجة؛ الآلية الحكومية الجديدة، ستعاقب المستهلكين التي تعتقد الحكومة أنهم "اثرياء" رغم محاولاتهم -إن وجدت - في خفض فاتورة الطاقة لديهم (من أجل الناس والكوكب) وبالتالي الحكومة تساعد كل من سيشملهم الدعم الحكومي الجديد على زيادة فاتورة الطاقة لديهم نظرا للدعم الموجود على فاتورة الطاقة.

الحكومة التي تتحفظ حتى اليوم على نشر دراسة الفقر، نظرا للأرقام "المرعبة" التي تشملها الدراسة وفقا لما نشر عنها، كيف تمكنت من تحديد "الرفاه الإجتماعي" ومن هم المستحقين للدعم؟.

هذه الآلية الجديدة التي ستبدأ الحكومة بتطبيقها اعتبارا من نيسان 2020 كان قد اقترحتها ورقة بحثية للبنك الدولي تم اعدادها بطلب من وزير التخطيط في 2011. إلا أن الحكومة رفعت اسعار الكهرباء بنسب وصلت إلى 15% والآن ستعمل على اعادة توزيع هذا الرفع.

خليط الطاقة بالأردن

بالنظر إلى خليط الطاقة الإجمالي الان في الأردن، ووفقا لوزيرة الطاقة هالة زواتي، فإن 93% من الكهرباء المولدة في المملكة يتم إنتاجها من الغاز المسال بنسبة 93%، وما نسبته 7% من الطاقة المتجددة.

هذه الأرقام تفوق ما كانت عليه قبل عام 2011 - قبل انقطاع الغاز المصري واندلاع ازمة الطاقة في الأردن - حيث كان الغاز المصري يساهم في توليد 80% من خليط الطاقة، و 5% فقط للطاقة المتجددة و 15% من الوقود الأحفوري.

وبعد اندلاع الثورة المصرية في 2011 وتفجير انبوب الغاز الناقل بين مصر والأردن لأكثر من 26 مرة، وانقطاع الغاز المصري بشكل نهائي، اعتمد الأردن على توليد الكهرباء من خلال الوقود الاحفوري بنسبة 95%. لتحقق شركة الكهرباء الوطنية خسائر وصلت إلى 5 مليار دينار حسب تصريحات سابقة للوزيرة زواتي.

ميناء الغاز المسال

في تموز 2015 افتتح الأردن ميناء الغاز المسال في العقبة، الذي جاء بهدف تعويض نقص او وقف امدادات مصر للغاز الطبيعي للأردن، عادت محطات توليد الكهرباء للعمل باستخدام الغاز المسال، بدلا من الوقود الأحفوري (السولار، الفيول اويل) الذي كبد الخزينة 5 مليار دينار ديون على شركة الكهرباء الوطنية.

وبالتالي؛ عادت تكاليف الكهرباء لما كانت عليه سابقا في عهد الغاز المصري، كما أن الغاز المصري نفسه عاد وتعهدت مصر بمد الأردن بشحنات من الغاز الطبيعي على مدى الـ 15 عاماً المقبلة، لتعويضه عن الكميات التي لم تتمكن من ضخها في السنوات السابقة.

كلف توليد الكهرباء الآن

بالنتيجة؛ محطات التوليد عادت لسابق عهدها، تعمل على الغاز الطبيعي المسال وهو الأقل كلفة بالمقارنة مع البدائل التقليدية، بينما رفعت الحكومة أسعار التعرفة الكهربائية في 2014 وحتى 2017 بزيادة وصلت إلى 15%.

شركة الكهرباء الأردنية قبل عام 2010 حققت ربح بمقدار 24 مليون دينار، بينما بدأت خسائرها في نهاية 2010 حيث سجلت خسائر مقدارها 160 مليون دينار، قالت الشركة في حينها أن هذه الخسائر بسبب انخفاض تزود الأردن من الغاز المصري - كان ذلك بسبب شح توفر الغاز المصري وليس لأحداث التفجيرات- الجانب المصري بدأ يرسل في حينها رسائل واضحة للحكومة أن مصر لن تتمكن من الاستمرار في تزويدها بالغاز، إلا ان الحكومة آخرت انشاء ميناء الغاز المسال 6 سنوات.

بدأ الأردن التفكير في ميناء الغاز المسال كحل استثماري وجوهري لمشكلة التزود بالطاقة المملكة منذ عام 2011، وتمت احالة العطاءات عام 2012، إلا أن أسباب غامضة آخرت إنشاء الميناء إلى النصف الثاني من عام 2015 وكبدت الخزينة نحو مليار دينار سنويا.

من يدفع ثمن التقصير الحكومي؟

هذه الخلفية التاريخية؛ للتذكير بأن الأردنيين ليسو من يتحملو خسائر قطاع الطاقة التي تسبب فيها وزراء ورؤساء وزراء، بسبب المماطلة بمشروع بناء ميناء الغاز، والإعتماد على الجانب المصري كمصدر وحيد للتزود بالغاز.

الآلية الجديدة التي تحاول الحكومة فرضها الان، تهدف إلى تعويض خسائر شركة الكهرباء الوطنية البالغة 5 مليار دينار، على حساب الأردنيين، الفقراء منهم والمقتدرين، بينما لم يحاسب الأردن وزير طاقة واحد او رئيس وزراء واحد على التقصير والإهمال في ملف التزود بالطاقة خلال السنوات ال 10 الماضية.

هذه السياسات الحكومية أيضا تتمثل بإتفاقيات شراء الطاقة من شركات التوليد التي وقعت الحكومة معها اتفاقيات توليد طويلة الأمد تصل إلى 25 عام، كان آخرها اتفاقية شراء الطاقة من مشروع العطارات بكلفة 12 قرش للكيلوات، وهي قيمة عالية بالمقارنة مع البدائل المتوفرة، لا سيما الغاز المسال والطاقة المتجددة التي لا تتجاوز كلفة الكيلو وات فيهما 8 قروش.

وبالتالي؛ مسلسل كلفة الطاقة والدعم الحكومي يبقى رهينا لأسئلة كثيرة لن تجيب عليها الحكومات السابقة ولا الحالية ولا حتى اللاحقة، وهي من أين نشتري الطاقة وبكم؟ وكم كلفة الدعم الحكومي -إن وجد. وهل تأمل الحكومة بسلسلة الرفع هذه تسديد العجز في كلفة التوليد، ام تسديد خسائر 2011 - 2015 فترة انقطاع الغاز المصري؟.
 
تابعو الأردن 24 على google news