jo24_banner
jo24_banner

التمسك المتطرف بالدماثة الدبلوماسية ومواقف اضعف الايمان لا تعيد اللبدي ومرعي

التمسك المتطرف بالدماثة الدبلوماسية ومواقف اضعف الايمان لا تعيد اللبدي ومرعي
جو 24 :
تامر خورما - "هبة حرفيّا عم بتموت".. هذا ما نقله المحامي خالد المحاجنة، وكيل الأسيرة في سجون الإحتلال الصهيوني، هبة اللبدي، التي تخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ أكثر من أربعين يوما، في ظلّ موقف رسميّ خجول، و"فزعات فيسبوكيّة" لم ترتق إلى تشكيل حالة ضغط شعبيّ، يحمل حكومة الرزاز على تحمّل مسؤوليّتها بما يليق لمواجهة بلطجة العدوّ وعنجهيّته.

وزير الخارجيّة وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، تأبّط سلاح شبكات التواصل الإجتماعي ليعلن في تغريدة على موقع "تويتر" أن الأردن قام باستدعاء سفيرنا في "تل أبيب" للتشاور، بعد رفض "اسرائيل" مطالبنا المستمرّة بالإفراج عن المواطنين الأردنيين، هبة اللبدي، وعبدالرحمن مرعي.

هذه الخطوة الخجولة دعمها الأردن الرسمي بموقف إيجابي فيما يتعلّق بالتفاوض حول قضيّة الغمر والباقورة، إلاّ أن مصادر عبريّة صفعتها لاحقا بنبأ اعتزام رئيس مجلس الأمن القومي الاسرائيلي، منير بن شبات، زيارة المملكة في غضون الأيام القريبة.

سياسة إمساك العصا من المنتصف، والتمسّك المتطرّف بـ "الدماثة" الدبلوماسيّة، ما زالا يجرّان الأردن الرسميّ خطوات واسعة إلى الوراء، كلّما لاحت بادرة خافتة تبشّر -ربّما- بأخذ حياة هبة، وعبدالرحمن المصاب بالسرطان، على محمل الجدّ.

أمام هذا الصلف الصهيوني الوقح، لا يمكن لمواقف "أضعف الإيمان" أن تكون خيارا مطروحا على الإطلاق.. تجازات الكيان العنصريّ في الأرض المحتلّة أتت حتّى على ورقة التوت.. ومازالت الذاكرة الشعبيّة تحترق بقضيّة الشهيد رائد زعيتر، وجريمة السفارة، والكثير من المحطّات التي تفرض علامات الإستفهام حول حقيقة حرص الرسميّين على الدم الأردني!

من الطبيعي أن يحافظ الأردن على شعرة معاوية عندما يتعلّق الأمر بما يهدّد العلاقات الدبلوماسيّة مع دول الجوار، وخاصّة الدول الشقيقة، ولكن لا ينبغي أن ينطبق هذا على عدو يهدّد حتى كينونة الدولة الأردنيّة، بمشاريعه التصفويّة والتوطينيّة، وعبثه الدمويّ بأمن واستقرار الإقليم برمّته.

الأردنيّة أو الأردني الذي يواجه الموت في سجون الإحتلال ليس مجرّد رقم، أو تضحية يمكن تقديمها على مذبح السلام المزعوم.. أربعون يوما مضت على المحنة، وكلّ ما تمكّن الرسميّون من إنجازه هو "التشاور" مع السفير!

أمّا المنظّمات الدوليّة المتشدّقه بـ"حقوق الإنسان" فيبدو أن فعاليّتها مبرمجة وفقا للون الضحيّة أو عرقها.. الدم الفلسطيني والأردني بالنسبة للمحافل الدوليّة تختلف عن دماء أصحاب الرقاب الحمراء، الذين أفرزت ديمقراطيّتهم البرجوازيّة نماذج من أمثال دونالد ترامب، وبوريس جونسون.

العنصريّة الغربيّة البغيضة تجاوزت لغتها وممارساتها اليوميّة كلّ الأعراف الدبلوماسيّة، والقيم الإنسانيّة، وأبسط قواعد الحسّ السليم.. ومازالت البلدان المضطهدة تناور في مساحة ضيّقة لا تتسّع لجثمان الكرامة المهدورة على أبواب استجداء علاقات "حسن الجوار".

الاستجداء، واللباقة الدبلوماسيّة الناعمة لن يعيدا هبة اللبدي وعبدالرحمن من سجون عدو وقح يستهدف الهويّة الوطنيّة والقضيّة الفلسطينيّة على حدّ سواء، ويفرض سطوته على الأرض المقدّسة دون أدنى احترام للوصاية الأردنيّة. هذه "الدماثة" لن تحمي شرق النهر من تهديدات صفقة القرن والأطماع التوسعيّة التي تستحيل تغطيتها بغربال.

أمام هذا الصلف والعربدة ينبغي اتّخاذ مواقف وطنيّة صلبة، تمكّن الأردن من الصمود أمام ما يواجهه من تحديات لن تنتهي إلا بانتهاء الإحتلال العنصري. وإلاّ فإن كلّ ما يحصل اليوم سيكون محض قطرة في طوفان قادمات الأيّام.

هبة وعبد الرحمن اختبار لا يحتمل الفشل.. وأمام السلطة التنفيذيّة الكثير من الخيارات التي ينبغي اتّباعها، عوضا عن اللعب بذات الأوراق الدبلوماسيّة المحروقة.
 
تابعو الأردن 24 على google news