jo24_banner
jo24_banner

رغم مساهمته بـ 4 مليارات دينار سنويا .. تحفيز حكومة الرزاز يتجاهل قطاع السياحة!

رغم مساهمته بـ 4 مليارات دينار سنويا .. تحفيز حكومة الرزاز يتجاهل قطاع السياحة!
جو 24 :
أحمد الحراسيس - في الوقت الذي تزعم فيه حكومة الدكتور عمر الرزاز حرصها على تحفيز القطاعات الاقتصادية المختلفة من أجل تنميتها وتعزيز ايراداتها لتنعكس على مستوى معيشة المواطن وبالنتيجة دخل الخزينة، تكشف الممارسات الرسمية تجاه القطاع السياحي خللا كبيرا وتضاربا غير مفهوم في طريقة تفكير الحكومة، فالرئيس مازال يتعامل مع وزارة السياحة على أنها حقيبة "ترضية"، بدليل استمرار الوزيرة مجد شويكة على رأس هذه الوزارة بعدما كانت وزيرة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ثم وزيرة لتطوير القطاع العام، وأخيرا وزيرة للسياحة!

المشكلة، أن الوزير في بلادنا -وبالذات إن كان غير مختصّ كما هو حال شويكة- يُمضي عدة أشهر في وزارته حتى يتعرّف على المشكلات والتحديات التي يواجهها القطاع، ليُغادر الوزارة بعدها في أول تعديل وزاري..

الواقع أن السياحة وحدها قادرة على حلّ كثير من مشاكل الأردن الاقتصادية، وتجنيب الأردنيين لهيب القرارات الاقتصادية، فهذا القطاع الذي يدرّ على الأردن نحو (4) مليار دينار سنويا قادر على توفير (500) مليون دينار اضافية سنويا إذا ما توفرت لدينا ادارة حصيفة وارادة سياسية للنهوض بالسياحة. والأمر لا يستلزم غير شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، وتشكيل فرق مشتركة تجتمع بشكل مستمرّ من أجل بحث المشكلات وازالة العقبات التي تواجه القطاع والعاملين فيه.


رئيس جمعية وكلاء السياحة محمد سميح وعدد من المستثمرين في القطاع منهم نبيه ريال وسالم عودة وحسين الهلالات وابراهيم محادين، تحدثوا خلال لقاء جمعهم بصحفيين، الثلاثاء، عن المشكلات التي تواجه القطاع السياحي، والتي لا يُكلّف حلّها خزينة الدولة كثيرا من الأموال، لكنها تعود على الخزينة بمئات الملايين.

النقل السياحي

إحدى أبرز مشكلات القطاع السياحي تتمثل في النقل السياحي اللائق، فالمستثمرون يتحدثون عن "حيتان" يمنعون تطوير هذا القطاع وتنميته، ويسعون لمواصلة احتكاره رغم النقص الحادّ في أعداد الحافلات السياحية، إلى جانب كون بعض الحافلات قديمة وغير مؤهلة. 

ويرى وكلاء السياحة أنّ حلّ هذه المشكلة يكمن بمنحهم موافقة على ترخيص حافلة أو حافلتين لكلّ مكتب سياحي، وتخفيف شروط ترخيص شركات النقل السياحي، وعدم اشتراط أن يكون رأس مال الشركة 10 مليون دينار.

ويشير العاملون في القطاع السياحي إلى ارتفاع كلف النقل في الأردن مقارنة بغيره من الدول المجاورة، حيث أن استئجار حافلة سياحية ليوم واحد في الأردن يكلّف (500) دينار، في حين لا تصل كلفة استئجار حافلة في دول مجاورة إلى نصف هذه القيمة، رغم أن الحافلات لديهم أفضل وأحدث.

البنية التحتية

وكلاء السياحة تحدثوا بأسف وأسى كبير عن الأوضاع الكارثية التي تعانيها البنية التحتية، ابتداء من الطرق والمرافق الخدمية وليس انتهاء بالمرافق الصحية في المواقع الأثرية، فلا دورات مياه في المواقع الأثرية، وإن وُجدت في بعض المناطق فإنها تكون غير لائقة ولا مؤهلة، ولا استراحات أو خدمات في معظم المناطق السياحية، بالاضافة إلى عدم توفّر عيادات طبية للتعامل مع الحوادث البسيطة.

ولفتوا إلى صعوبة وصول السياح إلى البترا، خاصة في ظلّ اغلاق طريق وادي عربة أمام الحافلات السياحية، والأوضاع المأساوية التي يعانيها الطريق الصحراوي جراء التحويلات واستمرار العمل عليه.

"بار-كود"

ويشير الوكلاء إلى حاجة ماسّة لتركيب بوابات الكترونية على المواقع الأثرية ليصبح الدخول إليها عبر "بار-كود"، على أن يكون المخرج من مكان آخر، وخاصة في مدينة البترا التي يشهد السيق فيها اكتظاظا لا يُحتمل، ما يجعل السائح يغادر المدينة الوردية حاملا فكرة عدم العودة إليها!

وقالوا إنهم تقدموا بهذا المقترح عدة مرات إلى الجهات المعنية، ولكن دون فائدة..

الحجز الالكتروني

إحدى أكبر المشكلات التي يواجهها القطاع السياحي هي ارتفاع كلف حجز الفنادق، ومما يُفاقم هذه المشكلة الحجز عبر التطبيقات الذكية والمواقع الالكترونية، والحقيقة أن أثر هذه المواقع والتطبيقات سلبي للغاية، فقد أصبحت تتحكم بالسعر بشكل غير منطقي وطارد للسياحة، مستغلة في ذلك الخصومات التي تحصل عليها من الفنادق نفسها.

ما يحدث أن شركات الـ "Booking" تحصل على خصومات لعملائها يمكّنها من تقديم الغرف الفندقية وعرضها بأسعار أقلّ مما يحصل عليه وكلاء السياحة، هذا بالاضافة إلى استفادة شركات الحجز من كونها لا تدفع أي رسوم أو ضرائب للحكومة الأردنية، وفي هذا خسارة كبيرة للدولة؛ هذه الشركات لا تدفع أي ضرائب عن أرباحها، كما أنها قادرة على رفع أسعار الحجوزات على السياح الحقيقيين من خلال حجوزات وهمية قد تجري بشكل غير منطقي عبرها.

وفي هذا السياق، تحرم الحكومة من خلال موقع "Jordan Pass" الخزينة من مبلغ (70) دينارا عن كلّ سائح وبشكل غير منطقي، فالحكومة تستوفي من كلّ سائح مبلغ (100) دينار من أجل دخول مختلف المواقع الأثرية في المملكة، اضافة إلى (40) دينارا "فيزا"، إلّا أنّها تمكّن السياح من الحصول على "فيزا" وتذكرة لدخول جميع المواقع الأثرية في المملكة مقابل (70) دينارا.

تكسّب غير مشروع

ويتساءل المستثمرون في القطاع السياحي عن منح هيئة تنشيط السياحة شركة مصرية مبلغا يصل إلى (2) مليون دينار سنويا مقابل جلب السياح الروس إلى المملكة، مستغربين عدم قيام الهيئة بهذه المهمة.

درب الأردن.. لماذا؟

وفي سياق التكسب غير المشروع، تساءل مستثمرون أيضا عن سبب قيام الوزارة والهيئة بدعم جمعية درب الأردن، وهي جمعية مسجلة في وزارة التنمية.

الاستقواء على السياح

من أهمّ وأخطر المشاكل التي يشكو منها المستثمرون في القطاع السياحي هو تعامل بعض الأشخاص والأطفال داخل المدينة الوردية مع السياح والأدلاء السياحيين؛ هناك ممارسات سلبية تقع على السياح وأتاوات تُفرض على مرأى ومسمع الدولة من قبل أشخاص يريدون مرافقة السياح "قسرا"، ويرفضون أي ممانعة قد يُبديها الدليل السياحي المرخّص، حتى أن شعورا عامّا أصبح يُسيطر على المشتغلين في قطاع السياحة بأن هؤلاء يمتلكون حصانة تمنع أي جهة من محاسبتهم.

وفي الحديث عن اولئك الأشخاص في البترا، يبرز تساؤل هامّ عن علاقة السفارة الأمريكية بهذه الشريحة، وسرّ الزيارات التي يقوم بها أفراد من السفارة إليهم بشكل منحهم الحصانة، بل وجعل الدولة تسمح لهم بالسكن في أماكن قريبة من المدينة الأثرية لتتنامى أعدادهم بشكل غير معقول.

وفي هذا السياق، يُطالب الوكلاء الحكومة بتضمين مواضيع في المناهج الدراسية عن أهمية وكيفية التعامل مع السياح، وذلك من أجل تمكين المجتمعات المحلية مع اظهار أفضل معاملة مع السياح.

الاستثمارات الأجنبية

ومن المشاكل الكثيرة التي يعانيها قطاع السياحة نظام تنظيم استثمارات غير الأردنيين، والذي يسمح للأجنبي بالاستثمار بنسبة 100% في المكاتب السياحية، رغم أن هذه الشركات الأجنبية لن تكون ملتزمة بشكل كامل لا بتسويق الأردن سياحيا ولا بالالتزامات التي تستحق عليها جراء نشاطها الاقتصادي في المملكة.

الحكومة مطالبة بالنظر إلى السياحة والتعامل معها على أنها بترول الأردن، وأن تقوم بتصويب كلّ الأخطاء، والتوقف عن التعاطي مع حقيبة السياحة على أنها جائزة ترضية، فهذا القطاع يُشغّل عشرات الآلاف من الأردنيين ويدرّ على الخزينة بنحو 4 مليار دينار سنويا، والأصل أن يكون هناك اهتمام ورعاية واشتباك ايجابي مع القطاع الخاص والعاملين في هذا المجال، وأن يكون هناك شراكة تعود على كلّ الأطراف بالنفع.
 
تابعو الأردن 24 على google news