الأغنياء كلهم لصوص!
جمانة غنيمات
جو 24 : في استطلاع محلي غير معلن، تُظهر النتائج أن 78 % من المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن كل الأثرياء حققوا ثرواتهم بالفساد، وبطرق ملتوية وغير شرعية.
ما خلص إليه الاستطلاع خطير، ويكشف عن حالة تسود المجتمع، قوامها التشكيك في كل شيء. إذ صحيح أن البعض أثرى بطرق غير شرعية، لكن المؤكد أن ليس كل الأغنياء لصوصا.
وارتفاع النسبة يؤشر إلى غياب الثقة بالآخر أياً كان، خصوصا أن "توزيع التهم" يتم كيفما اتفق، ومثال ذلك الريبة من كل الأغنياء، وفي ذلك ظلم لكثيرين حققوا ثرواتهم عبر قنوات قانونية، بجهد وكد وتعب.
مبدأ التعميم لا ينطبق على المثال السابق فقط، بل يتصل بكثير من القضايا. وليس المطلوب لوم "المعمّمين"، بقدر أهمية البحث عن الأسباب التي أوصلت إلى هذه القناعات.
فالنتيجة بحاجة إلي تحليل وتفسير، كون النظرة السلبية نحو كل الأغنياء، والطعن بنزاهتهم بدون استثناء، لتقف خلفهما أسباب، تتطلب التوقف عندها ودراستها بجدية، كونها تحمل بين طياتها معاني كثيرة.
فمثل هذه المواقف تعكس حالة مجتمعية تكشف عن نفسية سيئة، ناجمة عن شعور بالتهميش والظلم والإفقار نتيجة السياسات الاقتصادية التي أسقطت البعد الاجتماعي من حساباتها، وبسبب تقصير القطاع الخاص بحق نفسه قبل المجتمع.
وبالضرورة، فإن هذه المواقف صادرة عن أشخاص فقدوا الثقة في كل شيء، بالتزامن مع تفشي الحديث عن تغلغل الفساد وانتشاره بمستويات غير مسبوقة. وقد يكون هذا الكلام عن الفساد حقيقة أو محض افتراء، لكنه الواقع اليوم، ويلزم التعامل معه ومعالجته.
خلال العامين الماضيين، بدأت الحالة تتسع بسبب الشعور بعدم العدالة، وضعف تطبيق القانون، بعد أن فشلت كل جهود محاربة الفساد الرسمية في إقناع العامة بنتائجها؛ إذ ما يزال الإحباط من النتائج سيد الموقف، ربما لضعف النتائج، أو لسوء تسويقها.
فجوة الثقة والشك بكل المحيط باتت جلية، وترتبط بشكل عميق بتفتت الطبقة الوسطى التي طالما كانت صمام أمان لكل الطبقات الاجتماعية؛ الغنية والفقيرة منها.
فالطبقية الجديدة، واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، خلفت مثل هذه الآراء. وكل ذلك مرتبط بالضعف الذي أصاب طبقة مجتمعية مهمة، ترتبط بشكل وثيق بالأمن والسلم الاجتماعي، وهي نواة الاستقرار والأداة الرئيسة لإحداث التغيير والإصلاح المطلوب.
التحطيم الذي ألمّ بالطبقة الوسطى خلال السنوات الماضية، تسبب بكل هذا الإحباط، خصوصا وأن وجود هذه الفئة ودعمها إنما يشكلان جدارا قويا يحمي الجميع ويدافع عنهم، لاسيما وأن تقوية الطبقة الوسطى وزيادتها ليس إلا دليل صحة للوضع الاقتصادي، وانعكاس إيجابي للنهج الاقتصادي المطبق.
في إطار التحليل، يبدو أن القطاع الخاص، ومن حيث لا يدري، أطلق الرصاص على قدميه؛ إذ لم يكترث بإصلاح صورته في أعين المجتمع، وقصر كثيرا في مسؤوليته الاجتماعية، ما ساهم في تكريس الصورة النمطية غير المحببة للأثرياء في أذهان كثيرين.
العمل التطوعي أيضا معطل، ما ساهم، بشكل أو بآخر، في الوصول إلى نتيجة الاستطلاع غير الحقيقية بطبيعة الحال، لكنها قناعة راسخة، وتغييرها بحاجة إلى جهد كبير من الدولة والقطاع الخاص، بهدف تقليص فجوة الثقة، ومحاولة تقوية الطبقة الوسطى المهمة للأغنياء والفقراء على حد سواء.
الصورة تتجسد أكثر حين ننظر إلى الفجوة الكبيرة بين عمان العاصمة، التي تمثل العقل الاقتصادي للدولة، وبين أطرافها والمحافظات على الضفة الأخرى، الأمر الذي يخلق احتقانا يتجلى تارة بعنف مجتمعي، وتارة أخرى بحكم غير رشيد على مصدر ثروات الأغنياء.
لكن، هل يمكن لوم الناس على انطباعاتهم، في وقت لم يسع فيه كثير من الأثرياء إلى تغييرها، بل قوبلت بإهمال ليس له مثيل؟!الغد
ما خلص إليه الاستطلاع خطير، ويكشف عن حالة تسود المجتمع، قوامها التشكيك في كل شيء. إذ صحيح أن البعض أثرى بطرق غير شرعية، لكن المؤكد أن ليس كل الأغنياء لصوصا.
وارتفاع النسبة يؤشر إلى غياب الثقة بالآخر أياً كان، خصوصا أن "توزيع التهم" يتم كيفما اتفق، ومثال ذلك الريبة من كل الأغنياء، وفي ذلك ظلم لكثيرين حققوا ثرواتهم عبر قنوات قانونية، بجهد وكد وتعب.
مبدأ التعميم لا ينطبق على المثال السابق فقط، بل يتصل بكثير من القضايا. وليس المطلوب لوم "المعمّمين"، بقدر أهمية البحث عن الأسباب التي أوصلت إلى هذه القناعات.
فالنتيجة بحاجة إلي تحليل وتفسير، كون النظرة السلبية نحو كل الأغنياء، والطعن بنزاهتهم بدون استثناء، لتقف خلفهما أسباب، تتطلب التوقف عندها ودراستها بجدية، كونها تحمل بين طياتها معاني كثيرة.
فمثل هذه المواقف تعكس حالة مجتمعية تكشف عن نفسية سيئة، ناجمة عن شعور بالتهميش والظلم والإفقار نتيجة السياسات الاقتصادية التي أسقطت البعد الاجتماعي من حساباتها، وبسبب تقصير القطاع الخاص بحق نفسه قبل المجتمع.
وبالضرورة، فإن هذه المواقف صادرة عن أشخاص فقدوا الثقة في كل شيء، بالتزامن مع تفشي الحديث عن تغلغل الفساد وانتشاره بمستويات غير مسبوقة. وقد يكون هذا الكلام عن الفساد حقيقة أو محض افتراء، لكنه الواقع اليوم، ويلزم التعامل معه ومعالجته.
خلال العامين الماضيين، بدأت الحالة تتسع بسبب الشعور بعدم العدالة، وضعف تطبيق القانون، بعد أن فشلت كل جهود محاربة الفساد الرسمية في إقناع العامة بنتائجها؛ إذ ما يزال الإحباط من النتائج سيد الموقف، ربما لضعف النتائج، أو لسوء تسويقها.
فجوة الثقة والشك بكل المحيط باتت جلية، وترتبط بشكل عميق بتفتت الطبقة الوسطى التي طالما كانت صمام أمان لكل الطبقات الاجتماعية؛ الغنية والفقيرة منها.
فالطبقية الجديدة، واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، خلفت مثل هذه الآراء. وكل ذلك مرتبط بالضعف الذي أصاب طبقة مجتمعية مهمة، ترتبط بشكل وثيق بالأمن والسلم الاجتماعي، وهي نواة الاستقرار والأداة الرئيسة لإحداث التغيير والإصلاح المطلوب.
التحطيم الذي ألمّ بالطبقة الوسطى خلال السنوات الماضية، تسبب بكل هذا الإحباط، خصوصا وأن وجود هذه الفئة ودعمها إنما يشكلان جدارا قويا يحمي الجميع ويدافع عنهم، لاسيما وأن تقوية الطبقة الوسطى وزيادتها ليس إلا دليل صحة للوضع الاقتصادي، وانعكاس إيجابي للنهج الاقتصادي المطبق.
في إطار التحليل، يبدو أن القطاع الخاص، ومن حيث لا يدري، أطلق الرصاص على قدميه؛ إذ لم يكترث بإصلاح صورته في أعين المجتمع، وقصر كثيرا في مسؤوليته الاجتماعية، ما ساهم في تكريس الصورة النمطية غير المحببة للأثرياء في أذهان كثيرين.
العمل التطوعي أيضا معطل، ما ساهم، بشكل أو بآخر، في الوصول إلى نتيجة الاستطلاع غير الحقيقية بطبيعة الحال، لكنها قناعة راسخة، وتغييرها بحاجة إلى جهد كبير من الدولة والقطاع الخاص، بهدف تقليص فجوة الثقة، ومحاولة تقوية الطبقة الوسطى المهمة للأغنياء والفقراء على حد سواء.
الصورة تتجسد أكثر حين ننظر إلى الفجوة الكبيرة بين عمان العاصمة، التي تمثل العقل الاقتصادي للدولة، وبين أطرافها والمحافظات على الضفة الأخرى، الأمر الذي يخلق احتقانا يتجلى تارة بعنف مجتمعي، وتارة أخرى بحكم غير رشيد على مصدر ثروات الأغنياء.
لكن، هل يمكن لوم الناس على انطباعاتهم، في وقت لم يسع فيه كثير من الأثرياء إلى تغييرها، بل قوبلت بإهمال ليس له مثيل؟!الغد