خطاب إسلامي متجدد
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : تعرض العالم العربي والإسلامي إلى موجة تغريب واسعة، استهدفت مقومات النهوض، وعوامل بناء الشخصية العربية والإسلاميّة، واتبعت استراتيجية ماكرة، ومنهجية مدروسة قائمة على تجريد الإنسان العربي والإسلامي من هويته الحضاريّة الأصلية، وزعزعة ثقته بنفسه وقدراته، وإحداث هزة عنيفة بمنظومة القيم لديه من أجل تسهيل عمليات الاختراق الفكري، وتسهيل مسارات التبعية والذيلية للقوى الكبرى المتصارعة والمتنافسة على منطقتنا ومقدراتنا.
قوى الاستكبار العالمي وجدت ضالتها عن طريق تجنيد الأتباع الذين يشكلون طابوراً خامساً في حسم الأمة، ويحاولون تغليف أعمالهم التخريبية بطروحات فكرية وأنماط اقتصادية وفلسفات مادية متنوعة، واستعانوا على تنفيذ هذه المهمة عبر النخب الحاكمة، والنخب الاقتصادية، ووسائل الإعلام، وعن طريق البعثات التعليمية والمساعدات والمنح والقروض المشروطة، التي أنتجت واقعاً جديداً، ومجتمعات جديدة مختلفة.
في هذه البيئة ولدت فكرة الإحياء الحضاري الإسلامي التي تبلورت عبر حركات فكرية وثقافية تحاول إعادة بناء الأمة وإعادة صيانة الإنسان العربي والإسلامي من جديد، وتعيد صلته بجذوره التاريخية، وارتباط الحاضر بالماضي، من أجل استعادة الهوية الحضارية الأصيلة وإعادة ترميم منظومة القيم وإصلاحها، ومن أجل بناء الثقة بالنفس القائمة على دعائم فكرية وأخلاقية سامية ممزوجة بالحرص على طلب العلم واكتساب المعرفة.
لقد استطاعت الحركات الإسلامية مقاومة الاستلاب الحضاري، وأسهمت مع الكثير من الجهود المبذولة على الساحة العربية والإسلامية في ترميم الشخصية العربية والإسلامية التي استردت معالمها الحضارية وهويتها الفكرية على مستوى غالب وفاعل ومؤثر، واستطاعت بعض الأقطار الإسلامية أن تحقق نجاحاً ملموساً في بناء بعض النماذج والمشاريع العملية القابلة للتطوير والتحسين.
نحن الآن أمام مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة الحديث الذي يستوجب من الحركات الإسلامية وكل حركات النهوض والبناء التي تستمد فلسفتها من الإسلام العظيم أن تعمد إلى وقفة مراجعة شاملة لكل مشاريعها الاستراتيجية وبرامجها العملية، تبدأ من خلال بلورة خطاب إسلامي متجدد، يأخذ بعين الاعتبار جملة من الأمور والمسائل المهمة منها:
- الانتقال بالخطاب الإسلامي من المنطلق الحزبي والفئوي والطائفي، إلى المنطلق الحضاري الواسع الذي يستعلي على الطرح الحزبي والفئوي والطائفي، ويستعلي فوق الانتماءات القطرية والعرقية والجهوية ويؤسس لخطاب عالمي ممتد إلى كل أطراف الكرة الأرضية.
- النظر إلى الإسلام باعتباره الإطار المرجعي الحضاري للأمة بكل مكوناتها ومذاهبها وأديانها، باعتباره مصدراً لمنظومة القيم الفكرية والثقافية التي تحدد معالم الأمة الحضارية وركائز فلسفتها الشاملة بالتعامل مع الكون بكل موجوداته.
- الانطلاق من أن الإسلام يمثل أهم عوامل الوحدة والتجميع والتبشير، والتسامح والتعايش.
- الابتعاد عن استخدام كل مظاهر العنف والتشنج، والابتعاد عن كل ألوان التعصب والتطرف، الذي يثير مكامن الخوف والرعب في نفوس الجماهير، والحرص على تقديميه بثوب محبب وقشيب وقريب لدى عامة الناس، للمسلمين وغير المسلمين.
- الإسلام يطرح أطر التعاون الحضاري مع كل أمم العالم، ومع كافة شعوب الكرة الأرضية بما لديها من أديان ومذاهب وأفكار وثقافات، فيما يحقق المنفعة العامة للبشرية في كل ما يجلب ويدفع الشر عن جميع موجودات الكون ويناهض منهج صراع الحضارات المدمر.
- الإسلام يحترم العقل الإنساني، ويقدر الجهد البشري ويصون الكرامة الآدمية، ويصون العهود والمواثيق ويقدس العدالة، ويحرّم قتل النفس، ويحارب العدوان، ويدعو إلى مجابهة الفساد والإفساد، بكل أسبابه ومقوماته ومصادره، دون محاباة.
- الإسلام يقرر المساواة في أصل الخلقة لكل الناس والمساواة بين الذكور والإناث، ويحارب التمييز القائم على اللون أوالعرق أو الدين أو المذهب أو الجنس، ويأمر بإرساء أسس العدالة ومحاربة الظلم بصرامة. كما يقرر الحرية لكل آدمي منذ ولادته. هذه الأسس تمثل إجماع الأمة وليست محلاً للخلاف.
إن الذين يقدمون الإسلام بغير هذه المعالم والأسس إنما يقدمون على جريمة بحق هذا الإسلام العظيم ويسيئون إلى روحه وفلسفته وينفرون ولا يبشرون ويخطئون ولا يصيبون. (العرب اليوم)
a.gharaybeh@alarabalyawm.net
قوى الاستكبار العالمي وجدت ضالتها عن طريق تجنيد الأتباع الذين يشكلون طابوراً خامساً في حسم الأمة، ويحاولون تغليف أعمالهم التخريبية بطروحات فكرية وأنماط اقتصادية وفلسفات مادية متنوعة، واستعانوا على تنفيذ هذه المهمة عبر النخب الحاكمة، والنخب الاقتصادية، ووسائل الإعلام، وعن طريق البعثات التعليمية والمساعدات والمنح والقروض المشروطة، التي أنتجت واقعاً جديداً، ومجتمعات جديدة مختلفة.
في هذه البيئة ولدت فكرة الإحياء الحضاري الإسلامي التي تبلورت عبر حركات فكرية وثقافية تحاول إعادة بناء الأمة وإعادة صيانة الإنسان العربي والإسلامي من جديد، وتعيد صلته بجذوره التاريخية، وارتباط الحاضر بالماضي، من أجل استعادة الهوية الحضارية الأصيلة وإعادة ترميم منظومة القيم وإصلاحها، ومن أجل بناء الثقة بالنفس القائمة على دعائم فكرية وأخلاقية سامية ممزوجة بالحرص على طلب العلم واكتساب المعرفة.
لقد استطاعت الحركات الإسلامية مقاومة الاستلاب الحضاري، وأسهمت مع الكثير من الجهود المبذولة على الساحة العربية والإسلامية في ترميم الشخصية العربية والإسلامية التي استردت معالمها الحضارية وهويتها الفكرية على مستوى غالب وفاعل ومؤثر، واستطاعت بعض الأقطار الإسلامية أن تحقق نجاحاً ملموساً في بناء بعض النماذج والمشاريع العملية القابلة للتطوير والتحسين.
نحن الآن أمام مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة الحديث الذي يستوجب من الحركات الإسلامية وكل حركات النهوض والبناء التي تستمد فلسفتها من الإسلام العظيم أن تعمد إلى وقفة مراجعة شاملة لكل مشاريعها الاستراتيجية وبرامجها العملية، تبدأ من خلال بلورة خطاب إسلامي متجدد، يأخذ بعين الاعتبار جملة من الأمور والمسائل المهمة منها:
- الانتقال بالخطاب الإسلامي من المنطلق الحزبي والفئوي والطائفي، إلى المنطلق الحضاري الواسع الذي يستعلي على الطرح الحزبي والفئوي والطائفي، ويستعلي فوق الانتماءات القطرية والعرقية والجهوية ويؤسس لخطاب عالمي ممتد إلى كل أطراف الكرة الأرضية.
- النظر إلى الإسلام باعتباره الإطار المرجعي الحضاري للأمة بكل مكوناتها ومذاهبها وأديانها، باعتباره مصدراً لمنظومة القيم الفكرية والثقافية التي تحدد معالم الأمة الحضارية وركائز فلسفتها الشاملة بالتعامل مع الكون بكل موجوداته.
- الانطلاق من أن الإسلام يمثل أهم عوامل الوحدة والتجميع والتبشير، والتسامح والتعايش.
- الابتعاد عن استخدام كل مظاهر العنف والتشنج، والابتعاد عن كل ألوان التعصب والتطرف، الذي يثير مكامن الخوف والرعب في نفوس الجماهير، والحرص على تقديميه بثوب محبب وقشيب وقريب لدى عامة الناس، للمسلمين وغير المسلمين.
- الإسلام يطرح أطر التعاون الحضاري مع كل أمم العالم، ومع كافة شعوب الكرة الأرضية بما لديها من أديان ومذاهب وأفكار وثقافات، فيما يحقق المنفعة العامة للبشرية في كل ما يجلب ويدفع الشر عن جميع موجودات الكون ويناهض منهج صراع الحضارات المدمر.
- الإسلام يحترم العقل الإنساني، ويقدر الجهد البشري ويصون الكرامة الآدمية، ويصون العهود والمواثيق ويقدس العدالة، ويحرّم قتل النفس، ويحارب العدوان، ويدعو إلى مجابهة الفساد والإفساد، بكل أسبابه ومقوماته ومصادره، دون محاباة.
- الإسلام يقرر المساواة في أصل الخلقة لكل الناس والمساواة بين الذكور والإناث، ويحارب التمييز القائم على اللون أوالعرق أو الدين أو المذهب أو الجنس، ويأمر بإرساء أسس العدالة ومحاربة الظلم بصرامة. كما يقرر الحرية لكل آدمي منذ ولادته. هذه الأسس تمثل إجماع الأمة وليست محلاً للخلاف.
إن الذين يقدمون الإسلام بغير هذه المعالم والأسس إنما يقدمون على جريمة بحق هذا الإسلام العظيم ويسيئون إلى روحه وفلسفته وينفرون ولا يبشرون ويخطئون ولا يصيبون. (العرب اليوم)
a.gharaybeh@alarabalyawm.net