jo24_banner
jo24_banner

للعلم.. الغاز لا يتبخّر بالنضالات الفيسبوكيّة واللايكات الغيفارية

للعلم.. الغاز لا يتبخّر بالنضالات الفيسبوكيّة واللايكات الغيفارية
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية_ النضالات الفيسبوكيّة والمنشورات الغيفاريّة باتت هي مقاربة الثوّار الإفتراضيين في عصر الديجيتال. مع كوب شاي ساخن، أو فنجان قهوة بمرارة الزمان، لكنّها لذّة للشاربين، يتوسّد المناضلون الرقميّون القريحة المنفتحة على الشعارات، ليطلقون عاصفة "البوستات" الحمراء، مدعّمة بتفجير "اللايكات" هنا، والتعليقات هناك، ليقنعوا أنفسهم بأنّهم بلّغوا الرسالة، وأدّوا الأمانة، وهم على الأرائك ينظرون.

الأردن بات مجرّد ساحة استثمار تدور في فلك العدو الصهيوني، بعد أن ارتبط به عضويّا عبر اتفاقيّة الغاز الكارثيّة. لم تخرج الملايين إلى الشوارع لترغم الحكومة على الإستجابة للإرادة الشعبيّة الرافضة لهذه الصفقة الرخيصة، ولم تملأ المظاهرات شوارع المدن، ولم تزحف الجماهير الغاضبة خلف قياداتها الطليعيّة لتغيير المعادلة، وتحرير الوطن من نير الإستعمار الإقتصادي.. ولكن النخب لم تغب يوما عن "السوشيال ميديا".. غضبت.. فعبّرت.. فأمنت.. ونامت..

لا بدّ وأن الإرهابي نتنياهو يرتعد الآن خوفا من هذه الغضبة "الفيسبوكيّة"، التي ستزلزل كيان "اسرائيل" وتهزّ أركانها، انتصارا لدماء شهداء غزّة، وشهداء أبطال الجيش العربي، الذين قدّموا أرواحهم دفاعا عن ثرى فلسطين!

هذا ما تتمنّاه عزيزي المناضل الإلكتروني، غير أن الحقيقة هي أن الواقع مازال على حاله، رغم موقفك الذي قمت بتسجيله، عبر منشور جمع عشرات، أو مئات "اللايكات"، من الأصدقاء والمعجبين، وقد يكون هنالك من قام بمشاركة المنشور، لتوسيع رقعة المعركة "الضارية"، على أكثر من صفحة.

غريب أمر من يعتقد أن العالم بأسره في انتظار رأيه وتنظيره عند كلّ محطّة سياسيّة، فيصدر حكمه ويصدّر موقفه في كلّ القضايا، سواء على المستوى الإقليمي، أو حتّى الدولي.. تجده سبّاقا في إعلان موقفه من ثورة تشيلي، أو انهيار المصارف في لبنان، أو تطوّرات الأزمة السوريّة، أو تفاقم الأزمة بين واشنطن وطهران.. أو غير ذلك من قضايا تحتلّ صفحات وسائل التواصل الإجتماعي.

هذه القفزات "الثوريّة" في الفضاء الإلكتروني، لا يوجد أيّ صدى لها مع الأسف على أرض الواقع، فيما يتعلّق بالقضايا الوطنيّة الكبرى.. ليس المهم أيّها "الغيفاري" أن تصدّر موقفك وتحسن صياغة تنظيراتك في مختلف القضايا، إذا كنت فعلا تعتقد أن لك دور ما، أو أن لرأيك أيّة أهميّة تذكر، فها هو الميدان، ينتظر من يمتلك الشجاعة الكافية لفرض رأيه..

عندما يكون مستقبل وطن بأكمله على محكّ التصفية، فإن نضال "أضعف الإيمان" لا محلّ له من الإعراب.. حتّى لو كان منشور ما سيسهم في التحشيد والتجييش ضدّ ما يحصل، فإن الإكتفاء بهذا لا يسمن ولا يغني من جوع للكرامة والحريّة..

بصراحة، إذا كان العجز قد بلغ بنا هذا الحدّ، فالأولى أن نصمت ونوفّر ما نستهلكه من كهرباء، سندفع ثمنه لدولة الإحتلال، عبر سهر الليالي في فضاءات إلكرتونيّة، لا تشقّ طريق التغيير الحقيقي على أرض الواقع.

 
تابعو الأردن 24 على google news