عندما تحطمت الطائرات عند الفجر
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : قبل بزوغ فجر الخامس من حزيران عام 1967 م، كانت أسراب الطائرات " الاسرائيلية " تنطلق محاذية لسطح البحر، صوب القواعد الجوية العسكرية المصرية، لتنجز مهمة تحطيم الطيران المصري وهو رابض بلا حراك، من أجل انجاز مهمة حسم المعركة مع العرب, والحاق الهزيمة بهم قبل أن تبدأ المعركة وفقاً لخطة محكمة رسمت خطوطها من سنوات.
هزيمة (1967 م) سطرت صفحة سوداء في سجل العرب الحديث تفوح منها رائحة الخيانة والعمالة، الممزوجة بالعجز والظلم ,والتخلف وسوء الادارة، والقمع والاستبداد، والمؤطرة بالتنظير والشعارات الكبيرة الخالية من أي مضمون حقيقي, سوى تعمد الاستغفال الجريء للشعوب المكوبة والمخدرة تحت وقع خطابات النضال الطويلة , والجعجعة عبر الاثير, ومن خلال الاذاعات والشاشات، التي تدغدغ العواطف ,وتستجدي تصفيق الجماهير المخدوعة والمضللة من المحيط إلى الخليج..
لم نستفق من هول الهزيمة ,وذهول الإنكسار بعد!، رغم كل ما قيل وما كتب وما نشر من وثائق وأسرار وحقائق حول مجريات الحرب الصورية وخباياها، بدليل أن أبطال الهزيمة ما زالوا يشرفون على توجيه دفّة المرحلة ؛أنظمة وقادة وشخصيات وفكراً وثقافة وورثة!!
فبدلاً من الاعتراف بالمسؤولية عن هذه الهزيمة المروّعة، وبدلاً من محاكمة المقصرين والعاجزين والمتآمرين، فقد تم العكس تماماً، فقد جاءت قوافل الإعلاميين المرتزقة لهذه الأنظمة لتقود حملة استغفال ناجحة، ورسمت استراتيجية إعلامية تقوم بجوهرها على أن الحرب كانت تستهدف الأنظمة العربية التقدمية، وكانت تستهدف المشروع النهضوي العربي الذي تقوده، وكانت تهدف إلى النيل من الزعامات الخارقة التي كانت تشكل خطراً على المشروع الصهيوني الامبريالي الأمريكي، ولكنها فشلت في تحقيق أهدافها ولم تستطع إسقاط زعيم تقدمي عربي واحد!!
بمعنى آخر وبناءً على هذه المقولة، فإن هزيمة (67) لم تكن هزيمة للعرب على وجه الحقيقة والدقة، بل هي هزيمة قاسية "لإسرائيل"! بدليل بقاء الأنظمة والزعامات العربية التقدمية على عروشها ,وبقيت تقود المرحلة بالكفاءة نفسها والمنهجية نفسها ولله الحمد والمنّة!!
لم يغب (أحمد سعيد) و(هيكل) عن الفضاء الإعلامي العربي ,بل خلّفوا لنا جيشاً من تلامذتهم الإعلاميين والصحافيين والكتاب الذين أدركوا أهمية الإعلام وسحره وتأثيره العميق على الجماهير وفي صياغة الرأي العام وفي قلب الحقائق، وفي ضمان سير المعركة مع العدو ضمن إطار القتال الورقي، والممانعة اللفظية، التي تحفظ الحدود بكفاءة ولا تحول دون تطور الكيان الصهيوني سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.!!
ما زالت المشاهد تكرر نفسها، لتذكرنا جميعاً بدروس (67)، فهذه أسراب الطائرات العسكرية الصهيونية تقوم بالمهمة نفسها ودائماً قبيل الفجر، فقد دمرت المفاعل النووي العراقي عام 1982م، والصواريخ السورية في البقاع، والمفاعل النووي السوري، ومركز البحث العلمي قرب دمشق، ودائماً تكمل المهمة وتعود إلى قواعدها بسلام منذ ستة وأربعين عاماً، ولم يتم إسقاط طائرة واحدة، بل لم يتم التصدي لها ولو بطلقة واحدة مضادة، حتى لا يتم تعكير صفو الممانعة والحق بالرد في المكان والزمان المناسبين!!
المشكلة لدينا ليست بقلة الذكاء والنباهة، ولا بقلة الوعي ونقص الإدراك، ولا بفقدان القدرة وضعف الهمة، ولكن المصيبة تتخلص "بفقدان الحياء" وصدق من قال: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت".!!
فالهزائم تصنع بلا حياء، ويكرس التخلف والعجز بلا حياء، وتبدد المقدرات بلا حياء، ويضيّع العباد بلا حياء، وتمارس كل أنواع الرذائل بلا حياء، ويتم قلب الحقائق بلا حياء، وتقتل الشعوب وتدمر الأوطان بلا حياء، ويكذب الزعماء بلا حياء...
عندما ينعدم الحياء تفسد الحياة، وتصبح بلا معنى، وسوف نبقى عرضة للهزائم والنكبات العديدة والمتكررة، وسوف نبقى نتجرع مرارة الحقائق المقلوبة والمعايير المقلوبة والنكسة المقلوبة والانتصارات المقلوبة. (العرب اليوم)
a.gharaybeh@alarabalyawm.net
هزيمة (1967 م) سطرت صفحة سوداء في سجل العرب الحديث تفوح منها رائحة الخيانة والعمالة، الممزوجة بالعجز والظلم ,والتخلف وسوء الادارة، والقمع والاستبداد، والمؤطرة بالتنظير والشعارات الكبيرة الخالية من أي مضمون حقيقي, سوى تعمد الاستغفال الجريء للشعوب المكوبة والمخدرة تحت وقع خطابات النضال الطويلة , والجعجعة عبر الاثير, ومن خلال الاذاعات والشاشات، التي تدغدغ العواطف ,وتستجدي تصفيق الجماهير المخدوعة والمضللة من المحيط إلى الخليج..
لم نستفق من هول الهزيمة ,وذهول الإنكسار بعد!، رغم كل ما قيل وما كتب وما نشر من وثائق وأسرار وحقائق حول مجريات الحرب الصورية وخباياها، بدليل أن أبطال الهزيمة ما زالوا يشرفون على توجيه دفّة المرحلة ؛أنظمة وقادة وشخصيات وفكراً وثقافة وورثة!!
فبدلاً من الاعتراف بالمسؤولية عن هذه الهزيمة المروّعة، وبدلاً من محاكمة المقصرين والعاجزين والمتآمرين، فقد تم العكس تماماً، فقد جاءت قوافل الإعلاميين المرتزقة لهذه الأنظمة لتقود حملة استغفال ناجحة، ورسمت استراتيجية إعلامية تقوم بجوهرها على أن الحرب كانت تستهدف الأنظمة العربية التقدمية، وكانت تستهدف المشروع النهضوي العربي الذي تقوده، وكانت تهدف إلى النيل من الزعامات الخارقة التي كانت تشكل خطراً على المشروع الصهيوني الامبريالي الأمريكي، ولكنها فشلت في تحقيق أهدافها ولم تستطع إسقاط زعيم تقدمي عربي واحد!!
بمعنى آخر وبناءً على هذه المقولة، فإن هزيمة (67) لم تكن هزيمة للعرب على وجه الحقيقة والدقة، بل هي هزيمة قاسية "لإسرائيل"! بدليل بقاء الأنظمة والزعامات العربية التقدمية على عروشها ,وبقيت تقود المرحلة بالكفاءة نفسها والمنهجية نفسها ولله الحمد والمنّة!!
لم يغب (أحمد سعيد) و(هيكل) عن الفضاء الإعلامي العربي ,بل خلّفوا لنا جيشاً من تلامذتهم الإعلاميين والصحافيين والكتاب الذين أدركوا أهمية الإعلام وسحره وتأثيره العميق على الجماهير وفي صياغة الرأي العام وفي قلب الحقائق، وفي ضمان سير المعركة مع العدو ضمن إطار القتال الورقي، والممانعة اللفظية، التي تحفظ الحدود بكفاءة ولا تحول دون تطور الكيان الصهيوني سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.!!
ما زالت المشاهد تكرر نفسها، لتذكرنا جميعاً بدروس (67)، فهذه أسراب الطائرات العسكرية الصهيونية تقوم بالمهمة نفسها ودائماً قبيل الفجر، فقد دمرت المفاعل النووي العراقي عام 1982م، والصواريخ السورية في البقاع، والمفاعل النووي السوري، ومركز البحث العلمي قرب دمشق، ودائماً تكمل المهمة وتعود إلى قواعدها بسلام منذ ستة وأربعين عاماً، ولم يتم إسقاط طائرة واحدة، بل لم يتم التصدي لها ولو بطلقة واحدة مضادة، حتى لا يتم تعكير صفو الممانعة والحق بالرد في المكان والزمان المناسبين!!
المشكلة لدينا ليست بقلة الذكاء والنباهة، ولا بقلة الوعي ونقص الإدراك، ولا بفقدان القدرة وضعف الهمة، ولكن المصيبة تتخلص "بفقدان الحياء" وصدق من قال: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت".!!
فالهزائم تصنع بلا حياء، ويكرس التخلف والعجز بلا حياء، وتبدد المقدرات بلا حياء، ويضيّع العباد بلا حياء، وتمارس كل أنواع الرذائل بلا حياء، ويتم قلب الحقائق بلا حياء، وتقتل الشعوب وتدمر الأوطان بلا حياء، ويكذب الزعماء بلا حياء...
عندما ينعدم الحياء تفسد الحياة، وتصبح بلا معنى، وسوف نبقى عرضة للهزائم والنكبات العديدة والمتكررة، وسوف نبقى نتجرع مرارة الحقائق المقلوبة والمعايير المقلوبة والنكسة المقلوبة والانتصارات المقلوبة. (العرب اليوم)
a.gharaybeh@alarabalyawm.net