الخطر الحقيقي لصفقة القرن.. هل يقع الأردن في فخّ الكونفدراليّة الإقتصاديّة؟!
جو 24 :
** الصورة لشعار عصابة آرجون التي أسهمت أساسا في نشوء الكيان الصهيوني
تامر خورما - اعتراف اليانكيز بالقدس عاصمة لاسرائيل، سبق إعلان إدارة دونالد ترمب عن أهمّ تفاصيل صفقة القرن يوم الثلاثاء الماضي، كما أن فرض الهيمنة الصهيونيّة على مغتصبات الضفة الغربيّة ووادي الأردن، بدأ تطبيقه عمليّا على أرض الواقع، كنتيجة تراكميّة للسياسة التي اتّبعها الإحتلال، منذ توقيع اتفاقيّة أوسلو المشؤومة.
والأخطر من هذا كلّه قضيّة اللاجئين التي تعمل الولايات المتّحدة، حليفة اسرائيل الأبديّة والاستراتيجيّة، على تصفيتها منذ الالتفاف على قرار الأمم المتحدة رقم 194، بالقرار 394، والذي يدعو إلى "إيجاد حل" للاجئين، عوضا عن ضمان عودتهم في أقرب وقت، وفق ما نصّ القرار السابق.
أمّا مسألة "يهوديّة الدولة" فهي ليست حديثة الطرح على الإطلاق، بل تمتدّ جذورها إلى قرن من الزمن، وطرحها بشكل فاضح وسافر تكرّر عبر كثير من المحطّات السياسيّة، التي سبقت إعلان هذه الصفقة المبتذلة.
إذا، ما الجديد الذي تضمّنه إعلان ترامب- نتنياهو؟ الإحتلال يمارس سياسة ضمّ الأراضي منذ نشوئه، وفكرة الدويلة الهزيلة، مقطّعة الأوصال، ومنزوعة السلاح، هي جوهر كلّ ما تمّ تداوله على طاولة المفاوضات العبثيّة، والقدس طالما شهدت عمليّات تهجير شرسة، بشتّى الوسائل وأقذرها، حتّى أن طرح "أبو ديس" -مثلا- كعاصمة للدويلة المتخيّلة جاء خلال حياة الراحل ياسر عرفات..
هذا الشقّ السياسي لصفقة القرن لم يأت بأيّ جديد يذكر.. حسب التعريف المنطقي لمفردة "جديد".. وللسلطة الفلسطينيّة والأردن رفضه كما تشاء قيادتيهما.. في نهاية الأمر، العدو يفرض إجراءاته على أرض الواقع، وباب الإحتجاج اللفظي لن يغلق في وجه أحد، غير أنّ هذا لن يقف في وجه الزحف الصهيوني الذي لا يعرف حدودا. دون إلغاء كافّة الاتفاقيّات والمعاهدات التي تمّ إبرامها مع هذا العدو، فإن أيّ رفض لن يغادر دائرة الشعارات الإنشائيّة، العصيّة على الترجمة إلى واقع متحقّق.
الجديد الذي أفرغ ما في جعبة القائم بأعمال اليمين الصهيوني في واشنطن، جاريد كوشنر، يتمثّل بالشقّ الإقتصادي من هذه الصفقة، التي تكمن شياطينها في تفاصيل المشاريع التي ستكون نتيجتها ربط وجود ما تبقّى من أراضي السلطة الفلسطينيّة، واقتصاد الدولة الأردنيّة، بالمصالح الصهيونيّة وإرادة الإحتلال. صفقة الغاز التي سبقت إعلان صفقة القرن رسميّا، ليست سوى أوّل غيث الطاعون القادم.
ليس المقصود هنا أن صفقة القرن لا تستهدف تصفية القضيّة الفلسطينيّة على حساب الأردن، ولكن الإحتلال راغب فيما هو أبعد من ذلك. شعار عصابة آرجون التي أسهمت أساسا في نشوء الكيان الصهيوني، يتضمّن خارطتيّ الأردن وفلسطين معا. وأطماع الإحتلال لم تخرج كثيرا عن إطار الطروحات التاريخيّة السابقة.
كان الحديث يدور قبل عدّة سنوات حول مشروع "كونفدراليّة" يربط الأردن والضفة الغربيّة المحتلّة واسرائيل. الأردن الرسمي أكّد في ردّه على هذا السيناريو موقفه الثابت بإقامة دولة فلسطينيّة مستقلّة عاصمتها القدس الشرقيّة، وهو ذات الردّ الذي واجهت فيه الخارجيّة الإردنيّة إعلان الثلاثاء.
ولكن، إذا ما أخذنا بعين الإعتبار حقيقة أن الإحتلال يستند دوما إلى سياسة فرض الأمر الواقع، بصرف النظر عن وجود أو عدم وجود مفاوضات أو اتفاقيّات أو معاهدات، وإذا ما تذكّرنا قليلا مدى الاستماتة الغربيّة في تحقيق مشروع ناقل البحرين، وكافة المشاريع الإقتصاديّة، التي من شأنها ربط الإقتصادين الأردني والفلسطيني مباشرة بمركزيّة دولة الإحتلال، ألسنا أمام مشروع كونفدراليّة من نوع آخر: "كونفدراليّة اقتصاديّة"، قد تمهّد الطريق لتحقيق مشروع "من الفرات إلى النيل"، الذي يعبّر عنه علم الإحتلال، وشعار حزب أزرق- أبيض، بشكل مباشر.
في البدء كان ناقل البحرين، وتشعّبت المشاريع المقترحة قبل وبعد ذلك، وبالأمس تم توقيع اتفاقيّة الغاز، واليوم يتوّج ترمب جولته التي بدأها منذ تولّيه الرئاسة، والتي قادت إلى مؤتمر المنامة، بإطلاق ملف صفقته الكارثيّة، بما تتضمّنه من مشاريع اقتصاديّة، وأرقام تتحدث عن مبالغ ضخمة سيتمّ استثمارها بما يمهّد الطريق -عمليّا- لإقامة مثل هذه الكونفدراليّة الإقتصاديّة، التي لا تحتاج إلى إعلان وحدة سياسيّة لتحقيقها، كما لا تحتاج إلى القبول بالشقّ السياسي للصفقة والتوقيع عليه.. فهل يقع الأردن في هذا الفخ؟!