زئبقية المجتمع المدني وانتقائية حقوق الإنسان
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية - انتقائية غريبة وسمت نشاط مؤسسات المجتمع المدني، التي تصرخ بأعلى الصوت دفاعا عن حقوق الإنسان ومبادئ الحرية والعدالة حينا، وتلوذ بالصمت المطبق، دافنة رأسها في رمال اللامبالاة وعدم الإكتراث، أمام أبشع أنواع الإنتهاكات، أحيانا أخرى.
في الأمس القريب، وقفت تلك المنظمات وقفة رجل واحد، دفاعا عن شباب تم اعتقالهم ذات محطة سياسية، حيث لم يتم ادخار أي جهد أو وسيلة ضغط انتصارا لهم.. عاصفة ثورة حقوقية كانت قد اندلعت حينها، ولم تهدأ حتى إطلاق سراح أولئك النشطاء.
المشهد المتعلق بالحريات العامة، وخاصة حرية الرأي والتعبير، لم يتغير اليوم إلى الأفضل، بل بات أكثر بؤسا وأشد ظلاما، حيث تستمر الملاحقات الأمنية والاعتقالات السياسية ضد نشطاء الحراك الشعبي والمعتقلين السياسيين، الذين يواجه بعضهم خطر الموت في ظل الإضراب عن الطعام، ولكن تلك المنظمات التي ثارت بالأمس، صمتت فجأة، وكأن القضية لا تعنيها على الإطلاق!
مبادئ الحرية وحقوق الإنسان ومناهضة التعذيب كلها تلاشت فجأة في ظل هذا الصمت الثقيل، الذي هيمن على تلك المؤسسات الحقوقية، التي عصفت ضمائرها بالأمس، وتبلدت اليوم، وكأن شيطانا ما قد ابتلع ألسنتها!
علامات استفهام كثيرة تدور حول هذا الصمت الرهيب تجاه قضية معتقلي الرأي والسجناء السياسيين من الحراك الشعبي وحراك أبناء قبيلة بني حسن، باستثناء بعض البيانات الصادرة عن تحالف "همم".. الأصل أن المبادئ لا تتجزأ، ولكن يبدو أن لتلك المنظمات منطق آخر، يتحكم في نشاطها على قاعدة الإنتقائية!