المعانيون والشعور بالمرارة
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : يتحدث المعانيون بمرارة شديدة عما آلت اليه أحوال المحافظة، ويكادون يجمعون على أن هناك أيد عابثة، ومحاولات غير مسؤولة تسعى لإثارة الفرقة بين مكونات المدينة، واشعال بذور النزاع والشقاق في تلك الواحة الصحراوية الوادعة التي تغفو على شواطئ النسيان.
أهل معان عاتبون بشدة على الاعلام والاعلاميين الذين لم ينصفوا هذه المدينة الوفيّة لوطنها وعروبتها واسلامها وتراثها الحضاري الممتد على ضفاف التاريخ منذ بدايات الفتح وحتى قيام الدولة الأردنية الحديثة، ويشعرون بأن هناك من يحاول الاسهام في تشويه صورة المدينة وخلق انطباع غير حقيقي وغير واقعي عن أهلها وجمهورها، من خلال السرد المجتزأ للتاريخ، ومن خلال التركيز على بعض الحوادث المشابهة لما يحدث في بقية محافظات المملكة، ولذلك لا بد من تحري العلميّة والموضوعية في تغطية ما يُجرى فيها بعيداً عن لغة المبالغة والتهويل والتهويش والتشويه، وبعيداً عن الاسهام في زيادة حدة التوتر والانقسام المفتعل بين سكان المدينة من جهة و مع من حولها من قرى وعشائر.
يشتكي أهل معان من ظاهرة ترويج المخدرات بين السكان خاصة في أوساط الشباب وطلاب المدارس والجامعات، ويتحدثون بلهجة مليئة بالشك والريبة حول سهولة توصيل (حبوب الموت) وسهولة بيعها عبر الأكشاك والبسطات والعربات الصغيرة من خلال استعمال مصطلح (الشاي المحسّن)، وهناك أشخاص معروفون بذواتهم وأسمائهم يتزعمون توزيع هذه التجارة عبر وسطاء من الشباب العاطلين من العمل في ظل بيئة طاردة تنعدم فيها فرص العمل ومظاهر التنمية.
ويتساءل المعانيون عن محاولات عزل المركز عن المحيط من خلال ربط القرى والمناطق البعيدة بخطوط مواصلات مباشرة مع العاصمة عمان، من دون الشعور بالحاجة الى الربط مع مركز المدينة، ما أسهم في عدم تطوير المركز، إضافة الى تفكك المحافظة، وتقطيع أوصالها، وضعف علاقات التفاعل والتواصل بين مكوّناتها الاجتماعية، ما يساعد على اقامة الحواجز والجدران العالية بين الأجيال القادمة، و يسهل قرع طبول التعصب والتخندق خلف النزاعات المفتعلة بين سكان المدينة من جهة وعشائر البدو، الذين تربطهم علاقات تاريخية من النسب والمصاهرة والترابط، والمصير المشترك.
تم أربعة مشروعات كبيرة في المحافظة من أجل الاسهام في تنميتها، وتشغيل أبنائها وتطوير بنيتها التحتية ومعالجة بعض المشاكل المستعصية فيها.
المشروع الاول يتمثل بمصنع الزجاج، حيث تشير الدراسات أن منطقة معان تحوي أفضل المواد الخام وأنقاها لصناعة الزجاج المميز على مستوى العالم، ولكن المصنع تعرض للفشل والتفكيك والزوال، بفضل الادارات العاجزة والقائمة على المحسوبية والوساطة، ما أدى الى تبخر المصنع، وهناك من يقوم الآن بسرقة هذه المواد وبيعها خارج الوطن من خلال شركات مشبوهة لا تنتمي للمحافظة وأهلها ولا تنتمي للوطن.
أما المشروع الثاني فكان بتمثل بمقالع ومناشر الحجر، حيث أن (حجر معان) من أجود أنواع الحجر في الأردن، وحظي بسمعة جيدة، ولكن هذا المشروع تعرض للإضعاف ومن ثم التلاشي، عن طريق بعض السياسات والقرارات غير الحكيمة، التي تنقصها الروح الوطنية والنظرة الصائبة.
المشروع الثالث الذي كان يؤمل أن يشكل خطوة تنموية كبيرة للمحافظة وأبنائها، وبدأ العمل بانشاء البنية التحتية التي كلفت ما يصل الى مليون دينار، ولكن المصنع لم يبدأ بالعمل وتوقف استكماله، وتبخر المشروع مرة أخرى، ليكشف عن قصة فساد كبرى، مثل قصص الفساد الأخرى.
المشروع الرابع يتمثل بإنشاء جامعة الحسين بن طلال، التي تضم (11) ألف طالب من المحافظة ومن كل مناطق المملكة، ويعد هذا المشروع خطوة ايجابية ممتازة، من أجل الاسهام في ايجاد جيل جديد منصهر عبر ترابط ثقافي وعلمي قادر على صياغة مجتمع أهلي متحضر ومترابط، ولتكن الجامعة أحد أهم عوامل التنمية الشاملة، ولكن أهل معان يضعون أيديهم على قلوبهم من محاولات اجهاض هذا المشروع وافشاله، من خلال افتعال العنف الجامعي كما حدث في الايام القليلة الماضية، التي ربما يسهم في عزوف الأهالي من مختلف مناطق المملكة عن ارسال ابنائهم للدراسة في هذه الجامعة.
معان تحتاج الى اهتمام وعناية من الحكومة وأصحاب القرار، وبحاجة الى حوار صريح ومباشر مع أهلها ورجالاتها، من أجل الشروع في خطة نهوض عبر جهود مشتركة، ومن خلال اهل المحافظة انفسهم. (العرب اليوم)
a.gharaybeh@alarabalyawm.net
أهل معان عاتبون بشدة على الاعلام والاعلاميين الذين لم ينصفوا هذه المدينة الوفيّة لوطنها وعروبتها واسلامها وتراثها الحضاري الممتد على ضفاف التاريخ منذ بدايات الفتح وحتى قيام الدولة الأردنية الحديثة، ويشعرون بأن هناك من يحاول الاسهام في تشويه صورة المدينة وخلق انطباع غير حقيقي وغير واقعي عن أهلها وجمهورها، من خلال السرد المجتزأ للتاريخ، ومن خلال التركيز على بعض الحوادث المشابهة لما يحدث في بقية محافظات المملكة، ولذلك لا بد من تحري العلميّة والموضوعية في تغطية ما يُجرى فيها بعيداً عن لغة المبالغة والتهويل والتهويش والتشويه، وبعيداً عن الاسهام في زيادة حدة التوتر والانقسام المفتعل بين سكان المدينة من جهة و مع من حولها من قرى وعشائر.
يشتكي أهل معان من ظاهرة ترويج المخدرات بين السكان خاصة في أوساط الشباب وطلاب المدارس والجامعات، ويتحدثون بلهجة مليئة بالشك والريبة حول سهولة توصيل (حبوب الموت) وسهولة بيعها عبر الأكشاك والبسطات والعربات الصغيرة من خلال استعمال مصطلح (الشاي المحسّن)، وهناك أشخاص معروفون بذواتهم وأسمائهم يتزعمون توزيع هذه التجارة عبر وسطاء من الشباب العاطلين من العمل في ظل بيئة طاردة تنعدم فيها فرص العمل ومظاهر التنمية.
ويتساءل المعانيون عن محاولات عزل المركز عن المحيط من خلال ربط القرى والمناطق البعيدة بخطوط مواصلات مباشرة مع العاصمة عمان، من دون الشعور بالحاجة الى الربط مع مركز المدينة، ما أسهم في عدم تطوير المركز، إضافة الى تفكك المحافظة، وتقطيع أوصالها، وضعف علاقات التفاعل والتواصل بين مكوّناتها الاجتماعية، ما يساعد على اقامة الحواجز والجدران العالية بين الأجيال القادمة، و يسهل قرع طبول التعصب والتخندق خلف النزاعات المفتعلة بين سكان المدينة من جهة وعشائر البدو، الذين تربطهم علاقات تاريخية من النسب والمصاهرة والترابط، والمصير المشترك.
تم أربعة مشروعات كبيرة في المحافظة من أجل الاسهام في تنميتها، وتشغيل أبنائها وتطوير بنيتها التحتية ومعالجة بعض المشاكل المستعصية فيها.
المشروع الاول يتمثل بمصنع الزجاج، حيث تشير الدراسات أن منطقة معان تحوي أفضل المواد الخام وأنقاها لصناعة الزجاج المميز على مستوى العالم، ولكن المصنع تعرض للفشل والتفكيك والزوال، بفضل الادارات العاجزة والقائمة على المحسوبية والوساطة، ما أدى الى تبخر المصنع، وهناك من يقوم الآن بسرقة هذه المواد وبيعها خارج الوطن من خلال شركات مشبوهة لا تنتمي للمحافظة وأهلها ولا تنتمي للوطن.
أما المشروع الثاني فكان بتمثل بمقالع ومناشر الحجر، حيث أن (حجر معان) من أجود أنواع الحجر في الأردن، وحظي بسمعة جيدة، ولكن هذا المشروع تعرض للإضعاف ومن ثم التلاشي، عن طريق بعض السياسات والقرارات غير الحكيمة، التي تنقصها الروح الوطنية والنظرة الصائبة.
المشروع الثالث الذي كان يؤمل أن يشكل خطوة تنموية كبيرة للمحافظة وأبنائها، وبدأ العمل بانشاء البنية التحتية التي كلفت ما يصل الى مليون دينار، ولكن المصنع لم يبدأ بالعمل وتوقف استكماله، وتبخر المشروع مرة أخرى، ليكشف عن قصة فساد كبرى، مثل قصص الفساد الأخرى.
المشروع الرابع يتمثل بإنشاء جامعة الحسين بن طلال، التي تضم (11) ألف طالب من المحافظة ومن كل مناطق المملكة، ويعد هذا المشروع خطوة ايجابية ممتازة، من أجل الاسهام في ايجاد جيل جديد منصهر عبر ترابط ثقافي وعلمي قادر على صياغة مجتمع أهلي متحضر ومترابط، ولتكن الجامعة أحد أهم عوامل التنمية الشاملة، ولكن أهل معان يضعون أيديهم على قلوبهم من محاولات اجهاض هذا المشروع وافشاله، من خلال افتعال العنف الجامعي كما حدث في الايام القليلة الماضية، التي ربما يسهم في عزوف الأهالي من مختلف مناطق المملكة عن ارسال ابنائهم للدراسة في هذه الجامعة.
معان تحتاج الى اهتمام وعناية من الحكومة وأصحاب القرار، وبحاجة الى حوار صريح ومباشر مع أهلها ورجالاتها، من أجل الشروع في خطة نهوض عبر جهود مشتركة، ومن خلال اهل المحافظة انفسهم. (العرب اليوم)
a.gharaybeh@alarabalyawm.net