البترا في مرمى تل أبيب!
جو 24 :
تامر خورما - صفقة القرن.. مشروع تصفوي اتخذ منه الأردن موقف الرفض القاطع والحاسم، ليس شعبيا فحسب، بل وعلى أعلى المستويات الرسمية أيضا. الاستهداف الصهيوني لم يعد مقتصرا على غرب النهر، هذا ما بات الجميع يعترف به بعد أن وضعت الدولة الأردنية ضمن دائرة الإستهداف الواضح المباشر، دون حتى أن يحاول العدو ستر أطماعه الإستعمارية، التي لا تعرف حدا على الإطلاق.
مقابل هذه الصفقة لدينا الحكومة الأردنية، التي يفترض أن تكون في خندق المواجهة، غير أن الرئيس عمر الرزاز قد تكون له وجهة نظر مختلفة بعض الشيء.. هذا ما تثبته المواقف الرسمية، التي تجاوزت كل الخطوط العدمية، بزئبقية عالية التردد، سريعة الإنقلاب على الذات، تدحض الأقوال بأفعال وممارسات لا تخدم إلا المشروع الصهيوني_ الأميركي في المنطقة.. هذا هو الواقع -مع الأسف- ولا مهرب من تسمية الأشياء بمسمياتها، إذا ما أردنا إسعاف وطن يحتضر.
في البدء، عمدت حكومة الرزاز إلى تكريس التبعية للمؤسسات المالية الدولية، ماضية بالعجز في موازنة الدولة إلى ما يتجاوز المليار وربع المليار دينار، واضعة الدولة الأردنية في مهب الحاجة الدائمة لاقتراض المزيد، والاتكال المطلق على الدائن، سواء كان هذا المانح "السخي" هو العم سام، أو غيره من حلفاء اليانكيز في خليج المحروقات.. لم يكتف صاحبنا بهذا، بل قدم أفضل خدمة جادت بها أية حكومة أردنية أو عربية للاقتصاد الصهيوني، عبر اتفاقية الغاز، التي من شأنها فرض مركزية الإحتلال كسمة اقتصادية مطلقة للمنطقة.. ولكن حتى هذا لم يكن كافيا، بل أعربت هذه الحكومة عن رغبتها في تمكين "المستثمر" -بصرف النظر عن جنسيته- حتى من الأرض الأردنية!!
صدق أو لا تصدق، الرزاز قدم من خلال حكومته مشروع قانون من شأنه تمكين "الإسرائيليين" من شراء أراض أردنية، وتحديدا في منطقة البترا، التي يدعون فيها حقوقا دينية و"تاريخية".. احتفالاتهم "السياحية" وطقوسهم التلمودية على هذه الأرض، التي يحاولون فرض الزيف على آثارها، لاتزال صاخبة..
البرلمان رفض هذا المشروع، الذي جاء باسم القانون المعدل لقانون سلطة إقليم البترا.. ولكن ماذا يعني أن تقوم الحكومة بتقديم مثل هذا القانون، في ظل هذه الظروف بالغة الحساسية؟ محاولة فتح الباب على مصراعيه أمام "مستثمرين من أية جنسية" لشراء أراضي أردنية في البترا، لا ينفصل إطلاقا عن جملة التفاصيل التي وردت في خطة ترمب لما يسمى "بالسلام"، أو ملحقاتها من مشاريع اقتصادية كارثية.
حكومة استيراد الغاز المسروق، يبدو أنها تريد منح "اسرائيل" موطئ قدم في البترا، بالتوازي مع اعتزام الإحتلال ضم مستوطنات الضفة الغربية وغور الأردن! ماذا يدعى هذا؟! هل يعتقد الرئيس يا ترى أن هذا الاندفاع في حماية وتحقيق مصالح واشنطن وحلفائها، قد يكون "جوكر" بقائه في الدوار الرابع؟ أم هل ما صدر عن حكومته كان "مزحة" أو "بالون اختبار"؟!
نعلم أن الليبرالية الأردنية لا تعرف حدودا لنزواتها "الإستثمارية".. ونعلم أيضا أن هذه الليبرالية هي في الواقع ليبرالية هجينة، إثر اقترانها ببيروقراطية قاتلة، وهو ما يدفعها دوما إلى احتراف دور "الأخ الأصغر" للمستثمر الأجنبي.. ولكن الرزاز تفوق على كافة أقرانه في نادي اللاعبين الجدد.. الرجل لا يحاول حتى إخفاء برنامجه، الذي وصل في نزقه إلى درجة الإستعانة "بأي مستثمر" لاستثمار منطقة البترا، التي يروجها الأردن على أنها واجهته الحضارية، وبوابته التاريخية!
بالأمس ضاعت فلسطين.. الجرح لم يلتئم بعد يا جلاوزة "البزنس".. اليانكيز يريدون القدس عاصمة "لاسرائيل"، فهل حق عليكم قول العم سام، لتلحقون بها عمان؟!