لجان فواتير الكهرباء.. ذرٌ للرماد في العيون...
نادر خطاطبة
جو 24 :
أجزم أن اللجنة المحايدة التي شكلتها الحكومة لتدارس الخلل -إن وجد- في الارتفاع الجنوني لقيم استهلاك الكهرباء لن تتوصل إلى مايثبت صحة ادعاء المواطن بوجود حالات تلاعب، أو اي أخطاء فنية، وما تشكيلها الا ذراً للرماد في العيون، وازاحة البصر عن مشكلة تشوه أسعار "التعرفة الكهربائية المتدرجة صعودا" وتعاني منها الفئة الأكبر من المشتركين بالخدمة، وهم شريحة الاشتراك المنزلي..
الحكومة وإدارات الشركات تعلم علم اليقين أن أوضاعها من الناحية الفنية سليمة، حتى لو اضطرت الأمور الاستعانة بجهات فنية خارجية على سبيل التحكيم، لا لجنة محلية محايدة أو سواها، والنتيجة المسبقة معلومة أن لا اخطاء، كون الفحص الفني سيشمل أداء العدادات وسلامتها، وربما الاحمال والتذبذب بالفولتية أن وجد، لكنه نهاية المطاف لن يفضي إلى أدنى قناعة بوجود خلل..
الخلل او الاختلال في قضية الكهرباء، مرده المعادلات الرقمية التي تحتسب على أساسها قيمة الاستهلاك ونقصد التعرفة، التي وإن بدا أن غايتها تقشفية إرشادية وتوعوية لضبط استهلاك الطاقة، الا ان هذا، حق يراد به باطل، وذريعة سمجة طالما أن ارقام التوليد بالقطاع، باتت تأخذ منحى اللجوء للتصدير من جهة، وزيادة الطلب على الاستهلاك بلغة الشركات المزودة للخدمة، تعني زيادة ارباح تنعكس على العاملين فيها، وفرج للمساهمين فيها، اذا ماعلمنا أن بعض شركات التوزيع تمنح أرباحا تتجاوز ١٥٠ بالمئة من قيمة السهم تبعا للأرباح المجزية المتأتية من البيع.
فنيا، المعادلة قائمة على عداد يعد كمية استهلاك، وبرمجيات تحسب قيم الفواتير، وتوزعها تصاعديا ضمن سلسلة تعرفات مشوهة، ولانغفل وجود أخطاء بشرية قد تطال جانب أخطاء القراءة والسرقة، لكنها بالمناسبة محدودة، وقيد السيطرة والمعالجة بلغة الارقام، ودون حدوث أي جلبة، وتنتصر الشركات فيها للمواطن بطيب خاطر وكل احترام.
لغة الأرقام التصاعدية درجة الاضعاف بعد القفز عن الكيلو ١٦٠ وصولا للكيلو الالف وواحد الذي تصل تعرفته إلى ٢٦ قرشا يتبعها، الابتكار الاردني بجانب فرق المحروقات، ناهيك عن التلاعب الرقمي، بالقسمة على ٣٠ يوما كمعدل شهري، الذي وان أظهر حسن النوايا بجانب احتساب القيمة حتى لو تأخر الجابي، عشرة أيام عن قرائته، فهو يدخل كميات بالحسبة المنطق من نواحي التعرفة تكون ظالمة للمستهلك، وفيها أفضلية لصالح شركات التوزيع، وتغول غير محق على جيوب الناس، يمنح افضلية سعرية للشركات.
مؤسف أن نكون بلدا يعاني معظم سكانه من أوضاع معيشية، التردي فيها يأخذ منحى التصاعد يوما بعد يوم، وفاتورة الكهرباء ضمن الحد الأدنى للاستهلاك، تعادل فاتورة استهلاك أسرة أوروبية أو أمريكية كل سبل رغد العيش في منزلها قائمة على الكهرباء، للتدفئة وإعداد الطعام والإنارة وتسخين ماء الاستحمام، بل وزيادة ضغط الدوش وما هو أكثر من مجالات الاستخدام.
ومؤسف أكثر، أن يكون ايجار العقار الذي تسكنه يلامس حاجز المئتي دينار وتاتيك فاتورة الكهرباء ضعف قيمة الإجارة، سواء كانت لمرة أو مرتين شتاء، ومثلهما صيفا، باعتبار أن التغيرات المناخية انقلبت علينا صيفا، وبتنا نعاني موجات الحر التي أسقطت المراوح من خيارات التبريد لدينا واستعضنا عنها بالمكيفات..
لا ندري الى متى سنستمر بمجاراة حكومات، تتكئ في كل شيء على جيوبنا، حتى بمجال تشجيعها الاستثمار وجذبه فهي أن قدمت تسهيلات وبنى تحتية، وعوامل الأمن والامان، يبدو أنها تضيف إليها البشر، فتظهرنا بمظهر الشعب الشغوف بالطلب على السلعة، الذي اسقط "لاء الرفض" من قاموس حياته تجاه ما ينغص عيشه، وأقصى مدى احتجاجي يمكن أن يصل إليه، تغريدة شتم فيسبوكية للأوضاع تقيد في سجله لربما يحتاجها الجلاد بعد حين.