jo24_banner
jo24_banner

جدل الاصلاح السياسي والاقتصادي.. والعبادي: التكنوقراط لم يثبتوا نجاحهم

جدل الاصلاح السياسي والاقتصادي.. والعبادي: التكنوقراط لم يثبتوا نجاحهم
جو 24 :
* ظاهرة الجدل السياسي ومساحات الفراغ بين السلطات الرسمية والمواطن
* العرموطي: الشارع بحاجة الى تغيير الادوات لنخرج من حالة عدم اليقين لدى الشارع
* بني ارشيد: ان الجدل السياسي عند كل استحقاق انتخابي يعكس حالة سياسية سائلة غير مستقرة
* حسني: الأداء الإعلامي هو الاقل تأثيرا في الجدل السياسي
* البرايسة: الوضع المعيشي للمواطنين هو المسبب الرئيسي لحالة الجدل الدائرة
* الحوراني: الجدلية هي مسرب مميز للوعي والحرية


محمود ابوداري - 

ظاهرة الجدل السياسي في الداخل الاردني تمددت من منطقة الصالونات السياسية المغلقة الى رحاب الفضاء الالكتروني عبر 5 ملايين حساب على مواقع التواصل الاجتماعي، اختلط فيها الحزبي مع النقابي والفردي مع المجموعات، مما ترك لمساحات الجدل متسعا يضع الدولة في مربع العودة الى ايجاد مصالحة وطنية برؤيا شاملة تحرك المياه الراكدة بين السلطات الرسمية والمواطن خاصة وان المراقبين للمشهد الاردني يتحدثون عن مرحلة مهمة في عمر الدولة بحاجة الى رص الصف الاردني بتفاهمات اجندة وطنية لعبور القادم.

ففي دراسة اجراها مركز الدراسات الاسترتيجية في الجامعة الاردنية ، يعتقد 67% من الأردنيين أن الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ، وانقسمت عينة قادة الرأي في تقييمها لسير اتجاه الأمور (48% يعتقدون أنها تسير في الاتجاه الصحيح، و48% يعتقدون أنها تسير في الاتجاه الخاطئ) ما يترك مساحا الجدل تتسع خاصة وان توظيف العالم الافتراضي والاعلام يتم بأشكال ممزوجة بالغايات لدى الفرقاء والاهداف لدى المتربصين.

وفي حديث لـ الاردن24 قال نائب رئيس الوزراء الأسبق، الدكتور ممدوح العبادي، ان الوضع الراهن في الاردن يعاني من انعدام الثقة بين السلطات الرسمية والمواطن مما ادى الى سوداوية التفكير في عدم اليقين بالمستقبل ما دخلنا في شعار للمرحلة اين نحن ذاهبون.

واستشهد د. العبادي بقول لجلالة الملك عبد الله الثاني ان الثقة بالمسؤول هي اساس الاصلاح السياسي، مشيرا العبادي، الى ان عقدتنا اليوم هي اننا ما زلنا ننتظر من المسؤولين ان يعملوا على الاصلاح السياسي، الذي يجب ان يكون اولوية لانه يقود للاصلاح الاقتصادي.

ويتابع، ان الاردن يمر بتحديات كبيرة وامامه استحقاق انتخابي مقبل لذلك يجب علينا جميعا ان لا نختلف وان نستفيد من فرصة الانتخابات النيابية المقبلة لافراز مجلس نواب قوي يدعم مرحلة الاصلاح السياسي وتشكل مقابلة حكومة يكون رأسها وعمودها الفقري سياسي بإمتياز، لان التكنوقراط لم يثبتوا نجاحهم خلال الازمات السياسية التي تحيط بالاردن في منطقة ملتهبة.

ويقول د. العبادي ان تشكيل حكومة بقيادة سياسية وتعمل بنهج سياسي سيكون لها تأثير مهم في ادارة الدولة وتساعد على تخطي الازمات وتعمل مع مجلس نواب قوي بآفاق جديدة هي بمثابة فرصة عظيمة لمحاربة الفساد ومواجهة ما يسمى بصفقة القرن وتتجاوز مرحلة الجدل السياسي الدائر اليوم لسبب غياب عنصر لتواصل بين جميع الاطراف، وبالنتيجة يصبح لدينا اصلاحا سياسيا ينتج عنه اصلاحا اقتصاديا.

وفي تصريحات صحفية حذّرت الوزيرة السابقة خولة العرموطي من أن المشهد السياسي الحالي تلفّه الضبابية والاشاعات فيما يتعلق بالتمديد لمجلس النواب من عدمه، مستدركةً بأن الغموض الذي تخلقه هذه الحالة بالتزامن مع الغموض المصاحب لما يعرف بـ "صفقة القرن” بات من الممكن لمس نتائجهما على الأردنيين في كل مكان.

وتحدثت العرموطي عما أسمته "حالة عدم اليقين” سابقاً باعتبارها من أخطر ما يمكن لمسه لدى الشارع، خصوصا حين يتعلق الأمر بالسلطة التنفيذية الممثلة بالحكومة واجراءاتها سواء في السياق الاقتصادي أو السياسي، إلى جانب نشاطات السلطة التشريعية الحالية.

وتصر العرموطي مع كثر في المشهد السياسي اليوم على ان الأدوات الموجودة في الحكومة والبرلمان قد تكون استنفذت فرصها، وبات الشارع يحتاج لتغييرها، ليس فقط كحاجة للشعور بالتغيير وإنما أكثر كضرورة للبلاد لصالح الانتقال لخيارات أقدر على حمل أعباء المرحلة المقبلة بما فيها العلاقات الخارجية والسياسة الداخلية.

وأشار القيادي الاسلامي، زكي بني ارشيد،إلى الأصوات التي تدعو لإجراء انتخابات مبكرة والاحتكام إلى الإرادة الشعبية في مواجهة صفقة القرن.

وقال ان الجدل السياسي في الأردن عند كل استحقاق انتخابي يعكس حالة سياسية غير مستقرة، ودائماً يطرح السؤال عن جدوى العملية الإنتخابية وقيمة مجلس النواب، وفي كل مرة أيضاً يغشى بعض المواطنين حلم بميلاد مجلس نواب أفضل من المجالس السابقة.

و يقول بني ارشيد ، في خضم هذا الاحتدام بين تبكير الانتخابات أو تأجيلها والتمديد للمجلس الحالي، تبرز أصوات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، ويستمر الجدال حول احداث إصلاح سياسي يتناول القانون ونظام الدوائر الانتخابية وتمكين الأحزاب من تصدر الانتخابات بدلا من هيمنة التجمعات المحافظة ورأس المال على غالبية المجلس.

ويطرح بني ارشيد سؤالا، مع كل التقدير للدور العشائري في البعد الاجتماعي التكافلي: "هل إجراء انتخابات عشائرية داخلية تمهيدا لتمثيل العشيرة في المجلس هل هذه العملية لها علاقة بالدولة المدنية الديمقراطية؟".

ويقول الصحفي الراصد للاعلام، وليد حسني، ان الاعلام الأردني يعكس حالة الجدل السياسي والمطلبي الذي يفرض نفسه على الشارع الأردني والحكومة على حد سواء، لكن يبقى الأداء الإعلامي في هذا الجانب الأقل تأثيرا في تفاصيل هذا الجدل، لكون الاعلام ارتضى القيام بدور الناقل متخليا عن دوره كصانع وموجه ومرسل.

ويضيف حسني إن الأردن يشهد هذا الأوان جدلا سياسيا متعدد العناوين فمن المحلي الى الإقليمي الى الدولي، ثم المطالب الخدماتية والاجتماعية على تنوعها إلا أن جميعها لا تظهر في الإعلام بشكل متوازن او بمضمون يعكس واقع هذا الجدل الذي تجاوز الطبقة النخبوية لتتسع قاعدة المشاركين فيه وتتضخم خاصة بسبب السوشيال ميديا وتحديدا الفيس بوك باعتباره المنصة الأكثر شعبية واتساعا "أكثر من 6 مليون حساب أردني على الفيس بوك".

ويقول حسني، اليوم يبدو الأردن في عين العاصفة، وهو وصف تقليدي كلاسيكي لكنه لم يفقد بريقه ودلالاته، ولا يبدو المستقبل واضحا أمام الأردنيين الذين يعتقدون أن وطنهم مهدد بسبب"صفقة القرن" أولا، وبما يعتقدونه من أن الأردن يتعرض لمؤامرة لتضييق الخناق عليه لتهيئة أرضية سياسية مناسبة لدفعه لتقديم المزيد من التنازلات خاصة ما يتعلق منها بالقدس وبالقضية الفلسطينية.

واعتبر ان هذه الحقيقة تمثل تخوفات حقيقية تتقاطع مع ما يعانيه الأردنيون من مشاكل وأزمات اقتصادية واجتماعية وخدماتية في ضوء واقع حياتي صعب، وأمام مستقبل غامض لا وضوح فيه، مما يبقي الباب مفتوحا أمام الأردنيين جميعهم للاشتباك في جدل سياسي حول كل تلك القضايا التي تجد لها فضاءا أوسع وارحب للتعبير عنها في منصات التواصل الاجتماعي أكثر مما تجده لها من مساحة في وسائل الاعلام الأخرى.

وبالنتيجة يقول وليد حسني ، فان الجدل والحراك السياسي والاشتباك اليومي الأردني مع القضايا اليومية والحياتية سيبقى ظاهرة راسخة في المجال العام الأردني دون أن تصل الى نهايات خطرة أو حتى الى احتجاجات عنفية غاضبة، وإنما ستبقى محاصرة في علبة الإحتجاج الناعم، والنقاش الآمن.

واعتبر المحامي علي البرايسة في حديثه لـ الاردن24 ، ان ماهية الجدل السياسي في الساحة الأردنية وأثر المصاعب الحياتية كارتفاع فواتير الكهرباء والارتفاعات المتواصلة لأسعار المحروقات رغم الانخفاض العالمي في الأسواق على هذا الجدل.

ويقول، إن ما يجري في الساحة الأردنية مرده الى حالة الاحباط عند الاردنيين بسبب النكوص عن المطالب الشعبية بالاصلاح السياسي ، بينما تسير الحكومات على نهج اقتصادي بمزيد من القروض من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، معتبرا ان الحفاظ على الاردن هو شأن وطني عالي لا يجوز الحياد عنه من قبل الأردنيين مهما كانت وأن تسعى الدولة من خلال الحكومات الى التخفيف من الأعباء الحياتية للناس .

وتقول الباحثة لينا الحوراني بحديثها لـ الاردن24، في ظل الاهتمام بالشأن العام، والتغييرات التي تفرض التعليق حولها ونقاشها ،تظهر الجدلية بكل اشكالها ،وغالبا طرح الرأي هو اجتهاد شخصي لصاحبه من تصوره وتحليله للأحداث والقضايا .

وتضيف، اتسمت الاحداث السياسية المتلاحقة وانعكاساتها على الاوضاع الاقتصادية والديموغرافية وبالتالي الاجتماعية خلال العقدين الاخيرين، بتغيرات طارئة متلاحقة فرضت الجدلية علي كل المستويات ..نخب وأفراد، البعض يدلي بدلوه من قبيل المشاركة بتصوره للاحداث وحسب الصورة التي تشكلت لديه من خلاصة النقطة التي يقف عنها، والبعض ينطلق بأحكام فاصله لا تقبل النقاش ولا التعليق! فأقواله حازمة وراسخة وهو رأس الحكمة ومالكها ومبررا موقفه بأنه يدعم مشروع معين بتصوره، مهما كانت المفارقات، اما غيره فجاهل ولا يلم بأي تصور منطقي أو صحيح!

وقالت الحوراني، هنا ظهرت معضلة كبيرة، ففي حين يفترض أن تكون الجدلية مثمره وميزة لتعزيز الوعي والحريات ،أصبحت عاملا قويا في إقصاء ربما متعمد أو غير متعمد للرأي الأخر واجهاضه ،ودفع أصحابه غالبا إما للإبتعاد عن المشاركة! أو إعتبار اصحاب الحكمة المفترضة أعداء يجب محاربتهم!

واعتبرت أمر الخوض في الشأن العام موضوع تحكمه عوامل المعرفة والثقافة واخلاقيات الأفراد، ويجب التوصل لقناعة أن الخلافات بوجهة النظر حول أي جزئية لا يجب ان تحمل صفة التسلط والعدائية! بل يجب أخذها بإطار وجهة نظر تقبل النقاش والقبول وايضا الرفض الذي لا يصنع حواجزا غير قابلة للإلغاء.
 
تابعو الأردن 24 على google news