التطرف وباء خطير وشر مستطير
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : ربما يكون التطرف أحد أخطر الأمراض والأوبئة التي أصابت الأمة في تاريخها المعاصر، والحقت الضرر بحاضرها ومستقبلها وشكلت غمامة سوداء قاتمة في سمائها الحضاري، وكانت سببا مهما في اشكالية الفهم والتفهم لدى الآخر.
التطرف أصاب جوانب كثيرة ومتعددة في حياة الأمة، فهو ليس مقتصرا على الجانب الديني، بل نجد هناك تطرفا ثقافيا وفكريا وسياسيا واجتماعيا تظهر معالمة في السلوك اليومي والتفاعل المتعدد الأوجه في الحوار والكتابة والقصيدة، كما يظهر في عمليات البيع والشراء في السوق وقيادة السيارات والحافلات في الشارع، في القدر نفسه الذي يظهر في المدارس والجامعات وقاعات الدرس وساحات العلم ,وندوات الحوار.
يتجلى احد اهم الاثار العميقة للتطرف في اللغة السياسية المستعملة والمتبادلة بين أنظمة الحكم والشعوب العربية، التي انقلبت الى نمط ثقافي سياسي متاصل بين الأحزاب والاتجاهات السياسية والمكونات المجتمعية، التي لا تعترف بالاخر، وترفض مجرد وجوده على تراب الوطن أو على قيد الحياة، من خلال استعمال مصطلحات التكفير والخيانة والتآمر والتعامل مع العدو، وتلقي الأوامر من الأجنبي، وتنفيذ مخطط المحتلين والمستعمرين، والتعاون مع أجهزة الاستخبارات العالمية، ما يحتم فرض اللجوء المحتم الى لغة الدم والتصفية الجسدية، وممارسة أعمال الإلغاء بأقصى درجات العنف والقوة ,التي تصل الى مستوى حرب الابادة التي لا نهاية ولا أفق.
التطرف وليد عوامل كثيرة واسباب متعددة، ونتيجة جملة ظروف سياسية واجتماعية معقدة، وغالبا ما يكون التطرف رداً على تطرف اخر مخالف له في الاتجاه ومساو له في المقدار، فالتطرف الشعبي رد على التطرف الرسمي، وتظرف الأحزاب والجماعات رد على تطرف الأنظمة وامعانها في التسلط والتفرد في الحكم ,وممارسة الابعاد والتهميش والإقصاء، اذ غالبا ما يكون التطرف نتيجة شعور بالقهر والكبت وفقدان الكرامة الذي ينفجر عنفا لفظيا ,ونمطا ثقافيا ,وتعبيرا فكريا وعقديا.
التطرف يكبر ويتسع وينتشر في بيئة خصبة مناسبة, تسود فيها حالات فقدان العدالة، وتنعدم فيها الفرص المتكافئة بين الأفراد والمكونات والاتجاهات، وتظهر فيها معالم التمييز القائم على العرق أو اللون أو الجهة أو الدين أو المذهب أو الاتجاه السياسي، فينمو الاحباط ويترعرع اليأس، الذي يتحول تدريجيا الى ميل متنام ومتطور نحو العنف واستعمال القوة.
من أخطر آثار لتطرف أنه يصبح وسيلة للاختراق والاستثمار من قبل الاطراف القويّة والأجهزة الاستخباراتية العالمية، وذلك بسبب سهولة وقوع المتطرفين في المصائد المعدة بطريقة محكمة، لأن التطرف يكون في العادة قائما على الانماط السطحية والساذجة وغير العميقة في الفهم والفكر، وينتشر التطرف بين الجهلاء كما تنتشر النار في الهشيم، ويكون التعبير عنه بتبنى الشعارات الفاقعة، واستعمال اللهجة العاطفية المؤثرة التي تدغدغ عواطف الجهلة والشباب المراهقين ,الذين يعانون من الفراغ الثقافي والفكري الممزوج بشعور التهميش ,وضياع الهوية وفقدان الهدف، واختلاط الغايات.
معالجة التطرف لا تكون باستخدام العنف والقوة، واستعمال لغة السحق والإبادة، كما يجري الان على ايدي الدول الكبرى بالتحالف والتعاون مع مختلف دول العالم، لأن استخدام القوة والعنف هو في حقيقته تطرف أشد من جهة الدول والأنظمة، والذي يحتمل تفسيرا واحدا ؛ أنه يقصد الى ديمومة التطرف ونموّه وازدهاره عن طريق هذا الأسلوب في المعالجة.
أهم طريقة في مواجهة التطرف تكون مبنية على فهم عوامله وأسباب ظهوره، مما يحتم تجفيف المستنقع أولا قبل محاربة البعوض، وهذا يتمثل في ارساء بيئة العدل وتكافؤ الفرص، ومحاربة كل أنواع التمييز، والتخلص من أنظمة القمع والتسلط، ومساعدة الشعوب على تحقيق مصيرها واختيار حكامها، ودمج الشباب في معركة البناء والتنمية وصناعة النهضة، والتخلص من كل عوامل الصراع الدموي المتطرف القائم على تجاهل الآخر وتهميشه ونفيه من الحياة. (العرب اليوم)
a.gharaybeh@alarabalyawm.net
التطرف أصاب جوانب كثيرة ومتعددة في حياة الأمة، فهو ليس مقتصرا على الجانب الديني، بل نجد هناك تطرفا ثقافيا وفكريا وسياسيا واجتماعيا تظهر معالمة في السلوك اليومي والتفاعل المتعدد الأوجه في الحوار والكتابة والقصيدة، كما يظهر في عمليات البيع والشراء في السوق وقيادة السيارات والحافلات في الشارع، في القدر نفسه الذي يظهر في المدارس والجامعات وقاعات الدرس وساحات العلم ,وندوات الحوار.
يتجلى احد اهم الاثار العميقة للتطرف في اللغة السياسية المستعملة والمتبادلة بين أنظمة الحكم والشعوب العربية، التي انقلبت الى نمط ثقافي سياسي متاصل بين الأحزاب والاتجاهات السياسية والمكونات المجتمعية، التي لا تعترف بالاخر، وترفض مجرد وجوده على تراب الوطن أو على قيد الحياة، من خلال استعمال مصطلحات التكفير والخيانة والتآمر والتعامل مع العدو، وتلقي الأوامر من الأجنبي، وتنفيذ مخطط المحتلين والمستعمرين، والتعاون مع أجهزة الاستخبارات العالمية، ما يحتم فرض اللجوء المحتم الى لغة الدم والتصفية الجسدية، وممارسة أعمال الإلغاء بأقصى درجات العنف والقوة ,التي تصل الى مستوى حرب الابادة التي لا نهاية ولا أفق.
التطرف وليد عوامل كثيرة واسباب متعددة، ونتيجة جملة ظروف سياسية واجتماعية معقدة، وغالبا ما يكون التطرف رداً على تطرف اخر مخالف له في الاتجاه ومساو له في المقدار، فالتطرف الشعبي رد على التطرف الرسمي، وتظرف الأحزاب والجماعات رد على تطرف الأنظمة وامعانها في التسلط والتفرد في الحكم ,وممارسة الابعاد والتهميش والإقصاء، اذ غالبا ما يكون التطرف نتيجة شعور بالقهر والكبت وفقدان الكرامة الذي ينفجر عنفا لفظيا ,ونمطا ثقافيا ,وتعبيرا فكريا وعقديا.
التطرف يكبر ويتسع وينتشر في بيئة خصبة مناسبة, تسود فيها حالات فقدان العدالة، وتنعدم فيها الفرص المتكافئة بين الأفراد والمكونات والاتجاهات، وتظهر فيها معالم التمييز القائم على العرق أو اللون أو الجهة أو الدين أو المذهب أو الاتجاه السياسي، فينمو الاحباط ويترعرع اليأس، الذي يتحول تدريجيا الى ميل متنام ومتطور نحو العنف واستعمال القوة.
من أخطر آثار لتطرف أنه يصبح وسيلة للاختراق والاستثمار من قبل الاطراف القويّة والأجهزة الاستخباراتية العالمية، وذلك بسبب سهولة وقوع المتطرفين في المصائد المعدة بطريقة محكمة، لأن التطرف يكون في العادة قائما على الانماط السطحية والساذجة وغير العميقة في الفهم والفكر، وينتشر التطرف بين الجهلاء كما تنتشر النار في الهشيم، ويكون التعبير عنه بتبنى الشعارات الفاقعة، واستعمال اللهجة العاطفية المؤثرة التي تدغدغ عواطف الجهلة والشباب المراهقين ,الذين يعانون من الفراغ الثقافي والفكري الممزوج بشعور التهميش ,وضياع الهوية وفقدان الهدف، واختلاط الغايات.
معالجة التطرف لا تكون باستخدام العنف والقوة، واستعمال لغة السحق والإبادة، كما يجري الان على ايدي الدول الكبرى بالتحالف والتعاون مع مختلف دول العالم، لأن استخدام القوة والعنف هو في حقيقته تطرف أشد من جهة الدول والأنظمة، والذي يحتمل تفسيرا واحدا ؛ أنه يقصد الى ديمومة التطرف ونموّه وازدهاره عن طريق هذا الأسلوب في المعالجة.
أهم طريقة في مواجهة التطرف تكون مبنية على فهم عوامله وأسباب ظهوره، مما يحتم تجفيف المستنقع أولا قبل محاربة البعوض، وهذا يتمثل في ارساء بيئة العدل وتكافؤ الفرص، ومحاربة كل أنواع التمييز، والتخلص من أنظمة القمع والتسلط، ومساعدة الشعوب على تحقيق مصيرها واختيار حكامها، ودمج الشباب في معركة البناء والتنمية وصناعة النهضة، والتخلص من كل عوامل الصراع الدموي المتطرف القائم على تجاهل الآخر وتهميشه ونفيه من الحياة. (العرب اليوم)
a.gharaybeh@alarabalyawm.net