بين الوباء وبؤر الفقر.. كي لا ننسى أبناء المخيمات
جو 24 :
كتب محرر الشؤون المحلية - جهود استثنائية وتدابير فريدة في نوعها، لجأت إليها الدولة لحماية أمن المواطنين الصحي، واستئصال أية بؤرة لتفشي وباء الكورونا حتى قبل أن يكتمل تشكلها.. ومازالت الدولة ماضية في إجراءاتها لحصار بؤر المرض، قبل تفشيه.. ولكن ماذا عن بؤر الفقر والبؤس، التي تنهش فيها الفاقة والحرمان، بما هو أشد فتكا من أي وباء أو طفرة بيولوجية، خاصة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين؟!
ليس كل الناس من أبناء الطبقة الوسطى، ولا كل المواطنين مؤمنين بحماية وظيفية تضمن استمرار رواتبهم، وديمومة أعمالهم في القطاعين العام والخاص، رغم قانون الطوارئ، وحالة حظر التجول.. هنالك مئات الآلاف ممن يتدبرون بالكاد قوتهم اليومي، حتى في ظل الظروف العادية.. أولئك المكافحون من لا يعمل منهم يوما، فإنه حرفيا لا يأكل!
ولا تقف جائحة البؤس المحدق بهذه الفئات الشعبية عند حدود الحرمان من الأمن الاقتصادي، بل باتت أبسط حقوقها الإنسانية ضائعة في مهب التراشق بواجبات تمثيلها، وتحمل المسؤولية تجاهها، ما بين مؤسسات الدولة الأردنية، ودائرة الشؤون الفلسطينية ولجان المخيمات، بحيث يعمد كل طرف إلى إلقاء المسؤولية على الآخر، حتى باتت هذه الفئات المكافحة لضنك العيش، في مهب النسيان.
القضية هنا ليست سياسية على الإطلاق، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بحق العودة، أو صفة اللجوء التي لا ينبغي نزعها عن أبناء المخيمات، بل هي قضية إنسانية بامتياز، ترتبط بأبسط حقوق الإنسان، بالبقاء المحض!
بصرف النظر عن حجج وذرائع لجان خدمات المخيمات، فقد وردت كثير من الشكاوى -خاصة من مخيم الحسين وأحياء جبل النزهة- حول عدم حصول مئات العائلات التي حرمت من العمل بسبب الظرف الراهن، دون أن تتلقى أية مساعدة على الإطلاق.. هذه العائلات تعيش على الأرض الأردنية.. علينا أن لا ننسى هذا، ما يعني أن دائرة الشؤون الفلسطينية ليست وحدها من يجب أن يتحمل اللوم.
وزارة التنمية الاجتماعية أيضا مطالبة بتحمل مسؤولياتها تجاه هذه الفئات الشعبية المكافحة، إلى جانب كافة مؤسسات الدولة. اللاجئون الفلسطينيون يعيشون بين ظهرانينا، وتنطبق عليهم كافة القوانين الأردنية، والأهم من هذا أنهم أخوة الدم، لهم ما لنا، وعليهم ما علينا!
لا يعقل أبدا أن ننسى أبناء المخيمات بذريعة محددات التمثيل السياسي.. ليس هذا هو الأردن الذي نعرفه، والدولة مطالبة بتحمل مسؤولياتها تجاههم مثلما تتحمل مسؤولياتها تجاه أية قرية، أو أية بقعة من بادية الوطن.. نحن هنا شعب واحد، من الدرة إلى الطرة.. ومن المفرق حتى الأغوار، وما بعد الأغوار.