هل كان بالون اختبار؟
د. منتصر بركات الزعبي
جو 24 :
لم تكن الحكومة تتوقع ردة الفعل الغاضبة التي تداولها الكثير من أبناء الشعب على صفحات التواصل الاجتماعي ،على قرارها المفاجىء ،القاضي بوقف الزيادات الممنوحة للقطاعين المدني والعسكري ابتداء من 1/1/2020 وتزامنا مع اطلاف عاصفة الكترونية ،الذي سيبدأ سريان مفعوله من تاريخ 1/5/2020 الى نهاية العام باعتباره غير مبرر.
فأوعزت إلى أحد أذرعها الإعلامية بإطلاق بالون اختبار من أن "خزينة الدولة لا يتوفر فيها دينار من رواتب شهر آيار"، وجرت العادة أن يكون قبل اتخاذ القرار وليس بعده ،ولكن ردة الفعل العنيفة على القرار فاجأها ،مما اضطرت لإطلاق بالون متأخر لاشغال الناس بحيثياته ،لعل وعسى يخف من ردة الفعل التي أربكتها.
ولمعرفة المزيد عن هذا الموضوع إليكم التوضيح التالي :بالون الإختبار عرّفتهُ "موسوعة السياسة" بأنه: مصطلح سياسي صحافي، يقصد به تسريب معلومات، غالباً ما تكون خاطئة, إلى جهة إعلامية معينة (جريدة, مجلة, وكالة أنباء ..) بقصد نشرها على الرأي العام، ومعرفة موقفه وردات فعله عليها، فإذا ما أثارت هذه المعلومات استياءاً عاماً، تعمد الجهة الُمُسربة إلى نفيها أو تكذيبها بشكل أو بآخر, أما إذا جاءت ردود الفعل فاترة أو محبذة عمدت إلى تأكيدها وتبنيها .
ويمكن تعريفه أيضاً بجس النبض، وغالباً ما تقوم به الحكومات، بهدف معرفة ردود أفعال شعوبها أو الجهات المعنية حول موضوع ما، ولا أعتقد أن أي معلومة مُسربة إلى جهة إعلامية وأن توقيتها قد يأتي بالصدفة، بل إنه عمل متعمد في توقيت مدروس بعناية فائقة , فهو عبارة عن "بالون اختبار" لدراسة مدى رد الفعل عند الناس .
وهناك من يدير اللعبة من وراء الستار،لتمرير ما يريد من خلال إجهاض مطالب الفئة المستهدفة، سواء كانت مدنية أو عسكرية ,والالتفاف على مطالبها للإبقاء على الوضع القائم دون زيادة، إن لم يكن هناك نقصان وتراجع.
إنّ أشدّ ما يراهن عليه "مُطلقوا البالون” ويسعون للوصول إليه بكل الوسائل هو بثّ الإحباط في نفوس عامة النّاس، وإقناعهم بأنّ ما هم مُقدمون على إعداده هو للصالح العام, وأنه حاصل لا محالة، وأنّه قدر لا أمل في ردّه ولا فائدة ترجى من مقاومته، وأنّه لابدّ للحفاظ على المصلحة من القبول به أو على الأقلّ النأي بالنفس عن مصادمته ،وهذا ما حصل بالفعل سكت الناس وكأن شيئا لم يكن .