jo24_banner
jo24_banner

شكرا جنوب افريقيا

د. منتصر بركات الزعبي
جو 24 :


هل يعقل أن ينتظر أكثر من مليارين ونصف مسلم من جنوب افريقيا أن تقف على أعتاب غزة في محكمة العدل الدولية لتحصل لنا حقوقنا؟ إنه العار يا أمة المليار!!

ولكنها دولة ذات سيادة ونحن لسنا كذلك، دولة لديها قانونييها ونحن لسنا كذلك، نحن الاقرب إلى غزة هويةً ولغةً ودينا، لكن لم تنل ولا دولة عربية واحدة شرف الدفاع عن غزة وتقديم دعوى قضائية بحق الكيان الصهيوني الغاصب، بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق المدنيين الفلسطينيين خلال الحرب الدائرة على غزة، أمام محكمة العدل الدولية، لتُربكها وتِجعلها تعاني من سابقة قضائية خطيرة، ولم تستطع أي دولة من هذه الدول، أن تقف صفا الى جانب جنوب افريقيا في الاجراءات! السؤال الذي يطرح نفسه، هل الدول العربية ثملة، لدرجة غياب منطقها الانتمائي الاقليمي والدولي؟! أم أنها عجزت عن اتخاذ موقف مؤيد على الأقل مثل موقف بوليفيا مثلا؟

ولكن مَا اتَّصَفَ بِهِ النظام السياسي العربي على الدوام هو: الجُحُودٍ والخذلان والغدر، إِلاَّ أَّن لُؤمَ مَن جَحَدَ وَقِلَّةَ مُرُوءَةِ مَن صَدَّ، لا يَمنَعُ كَرِيمًا مِن مَدِّ يَدِ المَعرُوفِ ِأياً كان، فالإنْسَانِيّةُ لَيْسَتْ دِيْنَاً، بل هِيَ رُتْبَةٌ يَصِلُ لَهَا بَعْضُ الْبَشَرِ، وَيَمُوتُ آخَرُونَ دُونَ الوُصُولِ لَهَا! فَالله لا يَضِيعُ لَدَيهِ مَعرُوفٌ، وَلا تَذهَبُ عِندَهُ صَنِيعَةٌ سُدًى، وَإِنَّهُ مَا مِن أَحَدٍ في هَذِهِ الدُّنيَا إِلاَّ وَعَلَيهِ مِنَ الفَضلِ لِلآخَرِينَ نَصِيبٌ؛ إنْ هُوَ حَفِظَهُ كَانَ ذَا عَقلٍ وَمُرُوءَةٍ، وَإِن هُوَ ضَيَّعَهُ كَانَ لَئِيمًا خَسِيسَ الطَّبعِ قَلِيلَ الدِّيَانَةِ، وَقَد أَمَرَنَا اللهُ تَعَالى في كِتَابِهِ الكَرِيمِ أَلاَّ نَنسَى الفَضلَ لمن يبذله، وَدَعَانَا نَبِيُّنَا - ﷺ - إِلى شُكرِ الجَمِيلِ, وَلَو كَانَ قَلِيلاً وَقَرَنَ شُكرَ اللهِ بِشُكرِ النَّاسِ، وَرَغَّبَ في المُكَافَأَةِ عَلَى المَعرُوفِ، وَحَذَّرَ مِن نُكرَانِ الجَمِيلِ وَكِتمَانِهِ، أو كُفرِهِ وَتَنَاسِيه واحتقاره، قال رسول الله - ﷺ -{مَنْ أَتَى إلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَلْيُكَافِئْ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَذْكُرْهُ فَمَنْ ذَكَرَهُ فَقَدْ شَكَرَهُ }.

وامتثالاً لأمر الله - تبارك وتعالى - وتنفيذًا لوصية رسوله - ﷺ - رأيتُ من الواجب أن أرفع مَعَرَّةَ اللُّؤمِ وَخَسَاسَةِ الطَّبعِ عن أنفسنا؛ لأننا في زَمَنٍ تَرَاجَعَ فيه كَثِيرٌ مِن أَهلِ الفَضلِ عَن بَذلِهِ، بَل وَصَلَ الأَمرُ يبعضهم إِلى عَدَمِ التَّفكِيرِ فِيهِ أَبَدًا، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِمَا نَالَهُم مِن لَدْغَاتِ الجَاحِدِينَ، وَلِمَا اكتَوَوا بِهِ مِن غَدَرَاتِ المُتَنَكِّرِينَ. لأتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان، لدولة جنوب إفريقيا، على موقفها التاريخي النبيل والشهم، الذي تمثل بتقديم دعوى قضائية ضد الكيان الصهيوني المجرم، بتهمة الإبادة الجماعية لأهلنا في غزة، فليس عجبًا أن يصدرَ هكذا موقف من دولة بهذا المستوى الرفيع، التي حملت على عاتقها شرف وأمانة المسؤولية، في الوقت الذي سكت فيه أهل الحق عن حقهم، ليصدق فينا قول الله تعالى:[وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ].

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news