هل علقميو العصر الحديث سيكونون مسؤولين عن سقوط غزة؟!
اسم تفوح منه رائحة الخيانة والغدر، اسم ارتبط بكارثة من أخطر الكوارث، وهي سقوط بغداد حاضرة الخلافة الإسلامية في أيدي التتار، فهو اسم خائن، قدَّم وطنه قربان ولاء وعربون انتماء لأعداء دينه وأمته، لا يخلو منه عصر من عصور هذه الأمة.
عيّنه هولاكو حاكمًا صوريًّا، بل إن الأمر تزايد بعد ذلك، ووصل إلى الإهانة المباشرة له ولم تكن الإهانة تأتي من قبل هولاكو، بل كانت تأتي من صغار الجند في جيش التتار؛ وذلك لتحطيم نفسيته، فلا يشعر بقوته، ويظل تابعًا للتتر.
ويروي السبكي -رحمه الله- طرفًا من تلك الإهانات فيقول:"وأما الوزير"ابن العلقمي" فإنه لم يحصل على ما أمَّل، وصار عندهم أخسّ مِنَ الذُّباب، ونَدِمَ حيثُ لا ينفعه الندم، ويُحكَي أنه طُلِب منه يومًا شعيرٌ فركب الفرس بنفسه ومضى ليُحصِّله لهم، وهذا يَشتُمُهُ وهذا يأخذُه بيدِه، وهذا يَصفَعُهُ بعد أن كانت السلاطين تأتِي فتُقبِّل عتبة داره، والعساكر تمشي في خدمته حيثُ سار مِن ليلهِ ونهارِه.
وإذا بامرأةٍ تراهُ مِن طاقٍ،فقالت له:(يا ابن العلقمي،أهكذا كنت تركب في أيام أمير المؤمنين؟!)فخَجِلَ وسكَت، وقد ماتَ غَبنًا بعد أشهرٍ يسيرةٍ، ومضى إلى دَارِ مَقبَرِهِ ووجدَ ما عَمِلَ حَاضِرًا).
وبالرغم مِنْ خِسةِ الفعلِ وبذاءتِه، إلا أنّه يتكررُ في كلِّ زمانٍ، فتلاميذُ "ابن العلقمي" الذين من قادة الضياع المتسورين على ثوابت الأمة وإرثها التاريخي الذين تخرجوا من مدرسته ودخلوا التاريخ كثر وقد نجحوا وأزحوا معلمهم ابن العلقمي، ونالوا مقاماً لم يبلغه احد في فعل كل ما هو خسيس.
الناظرُ في حال الكثير ممّن يسارعون لخدمةِ السيِّد الأمريكي، يعمَدون إلى الاستفادة من مدرسة "ابن العلقمي" والاعتبار بمنهجه البراغماتي، للدوس على كافة القيم والمبادئ، فتقيأوا المستور في داخلهم إلى عمق المفضوح من أجل شيء واحد، وهو البقاء على الكرسي، ولو يُقال:هذا الذي خان أو ساهم!! غير آبهين بما سيلحقهم من خزي وعار.
وعالمنا العربي والإسلامي، وللأسف الشديد، يحوي الكثير من هذه النماذج، التي تؤكد نظرية التفوق الهامشي للزبد والعلو الوقتي للدخان الأسود، من قادة الضياع الفكريّ والانحراف السلوكيّ والفساد والإفساد الأخلاقيّ في الأرض، يؤازرهم المنافقون المتشدّقون الذين يستخدمون علمهم لتبرير فسادهم والتماس الأعذار للسقوط والانحراف، وخلط الحقّ بالباطل، حتّى تضيع معالم الحقيقة، في نظر العامّة.
وللمفارقة العجيبة فإن استاذ هؤلاء ومعلمهم الأول "ابن العلقمي" قد نال صفعاتٍ قاسيةٍ ومسباتٍ فضيعةٍ على فعلته الشنيعة، إلا أن تلامذته النجباء اليوم، ينالون الحماية والرعاية والدعم على أفعالهم المشينة.
فتبًا لهم ولإستاذهم وتبْ الذي سجّل التاريخ نكبته وحمّلنا تبعة خيانته، وصدق نزار عندما قال:
ودخلنا في زمان الهرولة..
ووقفنا بالطوابير، كأغنامٍ أمام المقصلة.
وركضنا.. و لهثنا..
وتسابقنا لتقبيل حذاء القتلة.








