رسالة الكورونا المختصرة للجنس البشري
جو 24 :
تامر خورما - رئيسة المفوضية الأوروبية، أورزولا فون دير لاين، دعت إلى التمسك بخطط حماية البيئة والمناخ الخاصة بالاتحاد الأوروبي في ظل جائحة كورونا. وقالت في رسالة مسجلة بالفيديو تم نشرها اليوم الثلاثاء: "إذا استخدمنا الاتفاق الأخضر الأوروبي كبوصلة، يمكننا جعل أزمة هذا الوباء فرصة، لتشكيل اقتصاداتنا بشكل مختلف وجعلها أكثر قدرة على المقاومة. ويمكننا تسليم أطفالنا هذا العالم كمكان أفضل".
كما حذرت فون دير لاين من العودة إلى العادات القديمة الضارة بالبيئة، مؤكدة أن أزمة كورونا تمكن السيطرة عليها، ولكن تغير المناخ لا يمكن التحكم فيه لفترة طويلة.
جائحة الكورونا جاءت لتسلط الضوء مجددا على القضايا البيئية، ومخاطر التغير المناخي، ولكن هذه المرة بشكل أكثر صرامة. في نهاية الأمر لا يمكن فصل هذا المرض الوبائي عن حقيقة كونه نتيجة لاعتداءات النظام الرأسمالي العالمي المستمرة على الطبيعة.
انتهاك الحياة البرية جعل الإنسان مكشوفا أمام مختلف الفيروسات والأمراض التي تحملها الكائنات الحية، التي تعرضت لانتهاك مساحاتها الخاصة. ولا ننسى كيف أفضت هذه الاعتداءات البشرية إلى حرائق استراليا، وجحيم الأمازون، قبل أن يأتي رد الطبيعة عبر هذا الفيروس المستجد.
وتحت سطوة هذا الرد البيئي القاسي فرضت كثير من بلدان العالم حظر التجول على مواطنيها، وأوقفت العمل في المصانع، التي طالما راكمت انبعاثاتها الضارة، وخنقت الكوكب الوحيد الذي اعتقدت البشرية أنها تملكه. اليوم قررت الظروف وقف هذا العبث، تحت طائلة انتشار الوباء!
في ظل هذا الحظر الذي فرضته الجائحة، بدأ الكوكب يتنفس بعض الشيء. جبال الهمالايا بات بالإمكان رؤيتها من الهند، بسبب قلة الانبعاثات الكربونية، وانخفاض مستوى التلوث. الحياة بدأت تدب في كثير من المساحات، التي انتهكتها البشرية لعقود طويلة، حتى أن الحيوانات وجدت فرصتها للتجول في كبرى العواصم والمدن، بمختلف قارات هذا الكوكب.
هذا الدرس، الذي فرض على البشر تعلمه بالطريقة الصعبة، قد يكون فرصة لإعادة الحسابات، والتفكير الجدي بالبحث عن مصادر بديلة للطاقة، تضع حدا للانتهاكات الكارثية، التي ضاقت بها الأرض.
في الأردن تحديدا نحن أحوج ما نكون إلى هذه الطاقة النظيفة، ليس لأسباب بيئية فحسب، بل أيضا لأسباب اقتصادية وسياسية، تفرض علينا ضرورة البحث عن البدائل، للتخلص من غاز العدو الصهيوني مثلا، ولتخفيض قيمة فاتورة الكهرباء، التي كانت قبل ظهور الكورونا مباشرة، تشكل أكبر هم شغل الرأي العام.
البدائل النظيفة للطاقة متاحة في حال توافر الإرادة للاستفادة منها. الجائحة تلقن العالم درسا قاسيا اليوم. ولعل ما يهمنا تحديدا في هذا السياق، التخلص من القيود التي تفرضها معادلات احتكار مصادر الطاقة، وحرب النفط التي لا تنتهي.