كلام أكثر وضوحاً في الأزمة السورية
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : كنت وما زلت مع ثورة الشعب السوري من أجل الحرية والكرامة، وأعلن بكل وضوح أني مع كل الشعوب الثائرة ضد أنظمة الاستبداد والتسلط في كل الأرض، و أؤيد بشدة دعم الشعوب بكل ما يمكنها من استعادة حقوقها المسلوبة في بسط سيادتها على أرضها ومقدراتها، وحقها في اختيار حكومتها ومراقبتها ومحاسبتها بطريقة فاعلة وحقيقيّة.
وفي هذا السياق أود أن أذكر مجموعة من الكتاب الأردنيين الذين يكتبون مشكورين مؤيدين لثورة الشعب السوري، أنهم جاءوا متأخرين، وقد سبقتهم الى هذا الموضوع بوقت طويل، لأنهم كانوا ينتظرون الأذن من أولياء النعمة، وكانوا مترددين لأن النظام السوري كان يحتضن المنظمات الجهادية وعلى رأسها حماس، وقد تعرضت لانتقاد شديد وردود غاضبة من السفارة السورية في الأردن، ومن أنصار النظام أفراداً وأحزاباً.
هذا التأييد الحاسم والواضح الذي أعلنه صباحاً ومساء لا يمنعني من أن أكون علمياً وموضوعياً، وأن أشير الى بعض أخطاء الثورة، أو أخطاء بعض الأطراف المؤيدة للثورة ، وعلى رأسها مصر بقيادة مرسي، ولا يضير الرئيس مرسي ولا ينقص من قدره عندما أقول : أخطأ سيادة الرئيس في موقف او قرار، وعندما أشير الى بعض أخطاء الثورة وداعميها لا يعني تحولاً في المواقف ولا تغيّراً في المبادئ، فالله عز وجل عاتب أنبياءه ورسله، وعاتب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال / "عبس وتولى، أن جاءه الأعمى" وقال أيضاً: " يا أيها النبي لم تحرّم ما أحل الله لك، تبتغي مرضاة أزواجك".
لقد تحدثت بإسهاب عن أخطاء النظام السوري وقمعه، وتدمير بلده وقتل شعبه، وفي الوقت نفسه قد أشرت الى ثلاثة أخطاء كبيرة في مسيرة ثورة الشعب السوري، أحدثت تحولاً سلبياً في مسارها، وألحقت ضرراً كبيراً بمستقبلها , أولها: الانجراف الى العسكرة والعنف، وهذا بفعل النظام و ارادته اولا, حيث نجح في تحويل الثورة الى معركة مسلحة بين طرفين، والنظام يعلم جيداً أنه الطرف الأقوى جيشاً مؤسسياً مسلحاً له خبرة، وقدرات هائلة ,لا تقارن بما في أيدي الثوار من أسلحة خفيفة وبدائية، ومحليّة الصنع أحياناً، وما يستطيع رجال الثورة الاستيلاء عليه، وما يغنمونه من معسكرات الجيش، أو من خلال المنشقين عن الجيش النظامي.
عندما تم تحويل المواجهة الى معركة مسلحة، يصبح النظام قادراً على مخاطبة العالم بمنطق الشرعية في مواجهة التمرد المسلّح، ويصبح لديه التبرير في استخدام القوة المفرطة في عمليات الملاحقة، ويعطيه الحق باستخدام الطائرات والدبابات والبراميل المتفجرة.
الأمر الأكثر أهمية في هذا السياق أن النظام يعلم تماماً المعادلة السياسية العالمية، ويدرك أبعاد اللعبة، وقد قال حينها وزير الخارجية (المعلم) منذ الأيام الأولى للثورة :" احب ان أطمئنكم أن العالم الغربي لن يتدخل عسكرياً في سوريا كما حدث في ليبيا، لأنه باختصار ليس لدنيا نفط "، و الذي لم يقله الوزير؛ أن العالم الغربي ينظر بعين الحذر الى مستقبل الصراع وأثره على (اسرائيل)، والمعلم يعلم يقيناً أن أمريكا والعالم الغربي يفضل بقاء النظام، في ضوء مجيء بديل غير محدد المعالم ربما يكون أكثر عداءً وتهديداً للكيان الصهيوني، ويبقى التعامل مع النظام السوري أكثر سهولة وأفضل ضماناً.
الخطأ الثاني: دخول المنظمات المتطرفة على خط الثورة، التي أعلنت بكل صراحة ووضوح تبعيتها للقاعدة، ومبايعتها للظواهري، واعلان الاتحاد مع القاعدة في العراق، مما قدم هدية ثمينة للنظام، وأسعفه في استخدام الأعلام وتضليل الرأي العام العالمي عن مطالب الشعب الحقيقية، بأنه يواجه (الارهاب) في سوريا، مما يسبب حرجاً بالغاً في الأنظمة الغربية والعربية التي تدعم الثوار، وفي هذا السياق أعلم تماماً وهناك بعض من المعلومات الموثقة أن هذه المنظمات مخترقة من النظام، وبعضها مخترقة من إيران، وبعضها يحصل على أسلحة ايرانية، كما حدث في العراق سابقاً، وهنا يجب التنويه أن بعض الأحداث الفاقعة التي نشرتها وسائل الاعلام تمثل اختراقاً ناجحاً من النظام بكل تأكيد، وهذا يسجّل نقطة نجاح لصالح النظام، ونقطة ضعف في جانب الثوار.
الخطأ الثالث: الدفع بالصراع نحو اللون الطائفي والمذهبي ، وهنا لا أعفي النظام السوري، ولا أعفي ايران ولا منظمة حرب الله من التعبئة الداخلية الطائفية لعناصرهم، ورفع شعارات " يا لثارات الحسين"، ولكنهم مارسوا ذلك بشكل سياسي واعلامي ذكي، فلم يعلنوا الجهاد ضد أهل السنة، ولم يصدروا الفتاوي المعلنة، ولذلك فإن الاستجابة للتحريض الطائفي خطأ فاحش وكبير، وكان الأولى بإعلان الجهاد ضد الاستبداد، وضد الأنظمة القمعية، والمطالبة بالحرية والكرامة والمطالبة بحق الشعب باختيار السلطة والحكومة، دون ذكر البعد المذهبي والطائفي. لأنه من الواجب التذكير بضرورة مواجهة الظلم وموجهة سلاطين الجور، بغض النظر عن أديانهم ومذاهبهم وأصولهم وأعراقهم.
وهنا يجب القول بكل وضوح ان الدين والفقه والعقل والمنطق يحتم مواجهة الحاكم الظالم المستبد الفاسد حتى لو كان سنياً، ولو كان عربياً قومياً، أو مسلما حنيفياً، فهذا لا يخفف من عظم الجرم وبشاعة الظلم.
وأخيرا أود تذكير بعض الزملاء الكتاب من معارضي النظام ومؤيديه أن يبتعدوا عن منهج الاجتزاء والتصيد على طريقة (ويل للمصلين) !! خاصة اولئك الذين كانوا يتحينون الفرصة المناسبة لتوجيه بعض السهام الى مبادرة زمزم !! (العرب اليوم)
a.gharaybeh@alarabalyawm.net
وفي هذا السياق أود أن أذكر مجموعة من الكتاب الأردنيين الذين يكتبون مشكورين مؤيدين لثورة الشعب السوري، أنهم جاءوا متأخرين، وقد سبقتهم الى هذا الموضوع بوقت طويل، لأنهم كانوا ينتظرون الأذن من أولياء النعمة، وكانوا مترددين لأن النظام السوري كان يحتضن المنظمات الجهادية وعلى رأسها حماس، وقد تعرضت لانتقاد شديد وردود غاضبة من السفارة السورية في الأردن، ومن أنصار النظام أفراداً وأحزاباً.
هذا التأييد الحاسم والواضح الذي أعلنه صباحاً ومساء لا يمنعني من أن أكون علمياً وموضوعياً، وأن أشير الى بعض أخطاء الثورة، أو أخطاء بعض الأطراف المؤيدة للثورة ، وعلى رأسها مصر بقيادة مرسي، ولا يضير الرئيس مرسي ولا ينقص من قدره عندما أقول : أخطأ سيادة الرئيس في موقف او قرار، وعندما أشير الى بعض أخطاء الثورة وداعميها لا يعني تحولاً في المواقف ولا تغيّراً في المبادئ، فالله عز وجل عاتب أنبياءه ورسله، وعاتب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال / "عبس وتولى، أن جاءه الأعمى" وقال أيضاً: " يا أيها النبي لم تحرّم ما أحل الله لك، تبتغي مرضاة أزواجك".
لقد تحدثت بإسهاب عن أخطاء النظام السوري وقمعه، وتدمير بلده وقتل شعبه، وفي الوقت نفسه قد أشرت الى ثلاثة أخطاء كبيرة في مسيرة ثورة الشعب السوري، أحدثت تحولاً سلبياً في مسارها، وألحقت ضرراً كبيراً بمستقبلها , أولها: الانجراف الى العسكرة والعنف، وهذا بفعل النظام و ارادته اولا, حيث نجح في تحويل الثورة الى معركة مسلحة بين طرفين، والنظام يعلم جيداً أنه الطرف الأقوى جيشاً مؤسسياً مسلحاً له خبرة، وقدرات هائلة ,لا تقارن بما في أيدي الثوار من أسلحة خفيفة وبدائية، ومحليّة الصنع أحياناً، وما يستطيع رجال الثورة الاستيلاء عليه، وما يغنمونه من معسكرات الجيش، أو من خلال المنشقين عن الجيش النظامي.
عندما تم تحويل المواجهة الى معركة مسلحة، يصبح النظام قادراً على مخاطبة العالم بمنطق الشرعية في مواجهة التمرد المسلّح، ويصبح لديه التبرير في استخدام القوة المفرطة في عمليات الملاحقة، ويعطيه الحق باستخدام الطائرات والدبابات والبراميل المتفجرة.
الأمر الأكثر أهمية في هذا السياق أن النظام يعلم تماماً المعادلة السياسية العالمية، ويدرك أبعاد اللعبة، وقد قال حينها وزير الخارجية (المعلم) منذ الأيام الأولى للثورة :" احب ان أطمئنكم أن العالم الغربي لن يتدخل عسكرياً في سوريا كما حدث في ليبيا، لأنه باختصار ليس لدنيا نفط "، و الذي لم يقله الوزير؛ أن العالم الغربي ينظر بعين الحذر الى مستقبل الصراع وأثره على (اسرائيل)، والمعلم يعلم يقيناً أن أمريكا والعالم الغربي يفضل بقاء النظام، في ضوء مجيء بديل غير محدد المعالم ربما يكون أكثر عداءً وتهديداً للكيان الصهيوني، ويبقى التعامل مع النظام السوري أكثر سهولة وأفضل ضماناً.
الخطأ الثاني: دخول المنظمات المتطرفة على خط الثورة، التي أعلنت بكل صراحة ووضوح تبعيتها للقاعدة، ومبايعتها للظواهري، واعلان الاتحاد مع القاعدة في العراق، مما قدم هدية ثمينة للنظام، وأسعفه في استخدام الأعلام وتضليل الرأي العام العالمي عن مطالب الشعب الحقيقية، بأنه يواجه (الارهاب) في سوريا، مما يسبب حرجاً بالغاً في الأنظمة الغربية والعربية التي تدعم الثوار، وفي هذا السياق أعلم تماماً وهناك بعض من المعلومات الموثقة أن هذه المنظمات مخترقة من النظام، وبعضها مخترقة من إيران، وبعضها يحصل على أسلحة ايرانية، كما حدث في العراق سابقاً، وهنا يجب التنويه أن بعض الأحداث الفاقعة التي نشرتها وسائل الاعلام تمثل اختراقاً ناجحاً من النظام بكل تأكيد، وهذا يسجّل نقطة نجاح لصالح النظام، ونقطة ضعف في جانب الثوار.
الخطأ الثالث: الدفع بالصراع نحو اللون الطائفي والمذهبي ، وهنا لا أعفي النظام السوري، ولا أعفي ايران ولا منظمة حرب الله من التعبئة الداخلية الطائفية لعناصرهم، ورفع شعارات " يا لثارات الحسين"، ولكنهم مارسوا ذلك بشكل سياسي واعلامي ذكي، فلم يعلنوا الجهاد ضد أهل السنة، ولم يصدروا الفتاوي المعلنة، ولذلك فإن الاستجابة للتحريض الطائفي خطأ فاحش وكبير، وكان الأولى بإعلان الجهاد ضد الاستبداد، وضد الأنظمة القمعية، والمطالبة بالحرية والكرامة والمطالبة بحق الشعب باختيار السلطة والحكومة، دون ذكر البعد المذهبي والطائفي. لأنه من الواجب التذكير بضرورة مواجهة الظلم وموجهة سلاطين الجور، بغض النظر عن أديانهم ومذاهبهم وأصولهم وأعراقهم.
وهنا يجب القول بكل وضوح ان الدين والفقه والعقل والمنطق يحتم مواجهة الحاكم الظالم المستبد الفاسد حتى لو كان سنياً، ولو كان عربياً قومياً، أو مسلما حنيفياً، فهذا لا يخفف من عظم الجرم وبشاعة الظلم.
وأخيرا أود تذكير بعض الزملاء الكتاب من معارضي النظام ومؤيديه أن يبتعدوا عن منهج الاجتزاء والتصيد على طريقة (ويل للمصلين) !! خاصة اولئك الذين كانوا يتحينون الفرصة المناسبة لتوجيه بعض السهام الى مبادرة زمزم !! (العرب اليوم)
a.gharaybeh@alarabalyawm.net