الفاشية النسوية والتنمر على سعد جابر
جو 24 :
تامر خورما - العنصرية، والفئوية، واضطرابات التعصب الأعمى، أمراض لم تنته بموت موسيليني وهزيمة الفاشية، بل لاتزال التعابير الفنومينولوجية لهذه الأمراض تعبر عن ذاتها عبر تجليات لا تنتهي، تجاوزت حدود التعصب الأعمى لعرق أو طائفة، إلى حالة من الهوس "الجندري"، على يد الفاشية النسوية، التي تعبر عن عصبيتها الشوفينية، عبر نزعة مرضية، صنفت نصف البشرية في خندق الأعداء، استنادا إلى معيار "الجندر"!
آخر "صرعات" هذه الفاشية النسوية تمثلت بالهجمة الشرسة، غير المبررة، على وزير الصحة د. سعد جابر، والذي ادعت نسويات النزعة العصبوية أنه "أساء" إلى طائفتهن "الجندرية" عندما استخدم مفردة البنات، ليعبر عن تعاطفه مع "العاملات" لدى مؤسسات وزارة الصحة!
المفردة التي استخدمها جابر، الذي تجاوز الستين خريفا من عمره، لم ترق -بدلالاتها الإنسانية والأسرية- لهذه الطائفة الجندرية، التي تفضل، على ما يبدو، مفردات جامدة لا روح فيها، كمختلف الكلمات الدالة على المسمى الوظيفي، وهذا طبيعي بالنسبة للنسويات والنسويين الجدد، المنبثقين عن منظومة فكرية مستوردة، تحول الإنسان إلى محض آلة، مجردة من جوهرها البشري!
ولكن المفارقة في هذا الموقف العصبوي تتمثل بأن الإحتجاج كان على تسمية "الجندر" بالمفردة الدالة عليه: "بنات"، وكأن هذه الكلمة بحد ذاتها "شتيمة"! هنا يبرز عنف الاضطراب المفاهيمي عند هذه الطائفة المتعصبة "لجندرها"، رغم تحسسها حتى من المفردات الدالة عليه!
الرجل لم يستخدم مفردة تدل على نزعة ذكورية من قبيل "حريم"، مثلا، ولكنه استخدم كلمة ينبغي فهمها في سياقها الإجتماعي، الذي لن تدركه المنظمات النسوية الهابطة "بالباراشوتات" المستوردة! الدفاع عن المرأة وحقوقها لا يبدأ من اعتبار كلمة "امرأة" أو "بنت" شتيمة تستوجب ردة فعل همجية، كتلك التي تحاول النيل من جابر، استرضاء لمنح المنظمات الغربية، التي يبدو أنها تعاني من شح "دولاراتها" وهباتها..
لا ينكر عاقل أن هنالك عنف ضد المرأة، والطفل، وكبار السن، والأقليات، والفئات المهمشة والمستضعفة، في كافة المجتمعات البشرية. ولكن الدفاع عن أية فئة من هذه الفئات، يتناقض جوهريا مع فكرة التعصب. أدولف هتلر، مثلا، خرج بفكره النازي ردا على استضعاف الشعب الألماني بعد الحرب العالمية الأولى، وعلى الشروط غير العادلة التي فرضها المنتصرون على الألمان، فهل يمكن اعتبار "أسطورة الرايخ" تلك حركة تحررية؟!
الدفاع عن المرأة وحقوقها شيء، والتعصب الجندري الأعمى شيء آخر تماما. العصبوية النسوية تحاول تحويل أي شيء (حرفيا) إلى صراع جندري، حتى لو كان صراعا طبقيا، على سبيل المثال. جابر كان يتحدث إلى الناس منذ بداية الأزمة بكلمات وعبارات "أخوية". الرجل لم يتقمص دور الحاكم، الذي يخاطب الرعية بأوامر السلطة التنفيذية، بل كان يستخدم مفردات مثل "أرجوكم"، رغم خلفيته العسكرية. اختار أن يتحدث إلينا بصفته "ابن بلد"، وفي هذا السياق ينبغي قراءة ما يستخدمه من مفردات، ولكن هذا أعمق من فهم من وضعت العصبوية حدودا ضيقة لإدراكه، أو إدراكها!