jo24_banner
jo24_banner

الفساد يلتهم ثلث الدخل القومي العربي

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : يقول أمين عام المنظمة العربية لمكافحة الفساد "عامر خياط" أن الفساد هو العائق الأكبر أمام تحقيق التنمية المطلوبة، ويضيف قائلاً: لقد استطاع الفساد أن يلتهم ثلث الدخل القومي العربي منذ منتصف القرن الماضي حيث يقدر حجمه بـ"تريليون" دولار.
هذه العبارة تلخص معاناة المواطن العربي، فإذا أردنا أن نقف على التفسير الصحيح لكل ما يحدث في عالمنا العربي من ضعف وانحطاط وعجز ومديونية، وتخلف علمي وتكنولوجي، وما يحدث من صراع ودماء وتبعية، وهوان وقلة وزن سياسي على الساحة العالمية، فكل ذلك مرده إلى الفساد بكل تأكيد.
هناك فساد اقتصادي، وفساد إداري، وفساد علمي وتربوي، وفساد اجتماعي، وكل هذه الأنواع من الفساد متفرعة عن الفساد السياسي، فهو علة العلل ومصدر وجع القلب، إذ أن الفساد السياسي هو الذي يدير كل خيوط الفساد الأخرى ويشرف عليها، ويمدها بروح البقاء والحياة، وان المستحيل عقلاً وواقعاً أن يتم معالجة الخلل الاقتصادي والضعف العلمي والتربوي والانقسام المجتمعي دون الدخول من بوابة الإصلاح السياسي، الذي يتمثل بإصلاح عقل الدولة.
إذا وجد العجز في الميزان التجاري، ثم يتكرر العجز ويزداد في كل عام فاعلم أن هناك فسادا يقف خلف هذا الخلل، وعندما ترزح الدولة تحت ربقة الدين، وتزداد أرقام الدين وتتضاعف المديونية العامة، فليس هناك تفسير سوى البحث عن عملية فساد كبرى صنعت هذا الواقع عن طريق تبديد المال العام، والعبث بمقدرات الشعب، وعندما تشاهد بذرة العنف تنمو وتترعرع بين مكونات المجتمع، وتشتعل بين الطلاب في الجامعات، فينبغي أن نعلم أن هناك خطأ وقع، وتم التغاضي عنه ولم يتم معالجته بطرق صحيحة، وهذا شكل من أشكال الفساد.
عندما ينحدر المستوى العلمي العام، وعندما يتم التنبيه من المختصين وأهل الخبرة مرة تلو المرة، ومع ذلك يزداد في الانحدار، وتقل قدرة الطلاب على البحث والإنجاز، فينبغي أن تعترف أن هناك فسادا متراكما وما زال يتراكم في المجال العلمي والجامعي، يدل على العجز، واستمرار العجز وعدم معالجته هو عين الفساد وجوهره.
عندما تزداد أعداد العاطلين من العمل، وتزداد أرقام البطالة هذا مؤشر واقعي على ضعف التخطيط عاماً بعد عام، وعندما يتكرر ضعف التخطيط ويتراكم، فهناك قصة فساد تقف خلف الستار.
عندما يتم بيع القطاع العام، وبيع الشركات الحكومية وبيع الشواطئ والموانئ، ومع ذلك يزداد الدين العام ويزداد العجز، ويتضاعف، فهناك بكل تأكيد شبكة فساد متنفذة، أشرفت على إنتاج هذا الواقع المرير، وليس هناك تفسير آخر.
عندما يتم وضع خطة لمكافحة الفقر، ومعالجة جيوب الفقر ويتم وضع موازنة لهذا الغرض، وتكون النتيجة بعد تنفيذ الخطة عبر ستة أعوام زيادة جيوب الفقر بنسبة 25% فليس هناك إجابة سوى الإقرار بوجود فساد مؤكد وواضح ينبغي كشفه أمام المواطنين.
عندما تكون كل هذه الشواهد والأدلة على عمق الفساد وتجذره وانتشاره واتساعه، ومع ذلك ليس هناك قدرة على وقفه أو تخفيف منابعه والحد منه، فهناك نتيجة منطقية قاطعة تقول بأن هناك فسادا في معالجة الفساد.
كل مجتمع بشري قادر على إدارة نفسه وفقاً لما يمتلك من موارد ومقدرات، وقادر على التكيف مع واقعه وفقاً لسنن الكون، فإذا لم يستطيع أن يجعل انفاقه موازياً لموارده، فهناك عملية فساد تخلل نظامه الإداري، ولا مجال للبحث عن مبررات أخرى.
الفساد عدونا الأول، ولن تقوم لنا قائمة ما زلنا عاجزين عن وقف هذا الغول الذي التهم 33% من الدخل القومي العربي، وأعاق التمنية، وصنع التأخر، وأدام التخلف، وأوجد بيئة الانقسام والنزاع الدموي، وأضاع مستقبلنا ومستقبل أبنائنا. (العرب اليوم)

a.gharaybeh@alarabalyawm.net
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير