هَلْ تَكْمِيْمُ الأفوَاهِ يَبْنِيْ مُجْتَمَعًا إيْجَابِيًا؟!
د. منتصر بركات الزعبي
جو 24 :
ثقافةُ تكميمِ الأفواهِ التِي يَقومُ بها بعضُ الذِين (فَاحَتْ) مِنْهُم رائِحةُ الظلمِ ، والاضطِهادِ والتقصِيرِ والتَدَخُلِ في شؤونِ البِلادِ والعبِاد ، ممن يَتكَسَبونَ مِنْ قَمْعِهِم للآراءِ المخالفةِ ،ما هي إلا سِلاحُ الضعفَاءِ ،وما هُم إلا مِسمَارُ يُدَقُّ في نَعْشِ الوطِن ،لأنَّهم مَهزومون مِنَ الدَّاخِلِ ،ويَعِيشون لَحَظاتِ ضَعْفٍ ،تجعلُهُم يَقِيسون الأمورَ بمقاييسَ شخصيةٍ ،ومصالحَ ذاتيةٍ مؤقتةٍ ،وهمْ الطبقةُ الأكثرُ نفوذًا ،والأكثرُ إضْرارًا بمصالحِ الوطنِ ،لأنَّهم وأمثالَهم (الحطبُ) الحقِيقِيُّ لنيرانِ الفَسادِ.
وهمْ مِمَّن ابتلاهم اللهُ – عزّ وجلّ - بداء النِسيانِ ،فالحُرِّيَّةُ عندَهم :هِي فقطْ ما يوافقُ توجهاتُه ، وأكبرُ دليلٍ على ذلكَ ما يمارسُونَه مِنْ قَمْعٍ واضْطِهَادٍ ،وبضاعتهم التِي يَسُوقونَها لِتَبرِيرِ أفعَالِهم ، وَجَدْنَاهِا تُزكِمُ الأنوفَ مِنْ نَتْنِ رائِحتِها.
وجودُ هذهِ الثقافةِ السَيِّئةِ فِي بعضِ دَوَائِرِنَا ، مُخَالِفٌ للاتجاهِ الوَطنِيِّ الذِي وضَعْه ملك البِلادِ لبناءِ الدَّولةِ علَى أُسُسٍ مِنَ العدَالةِ والمُسَاواةِ ، واحترامِ الإنسانِ ، ومُخالفٌ لنَهْجِه الإصْلاَحيَّ الذِي سَنهُ، بلْ مُخالفٌ حتى لفِطرَة الَبَشرِ التِي أوجَدَهَا اللهُ (وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً )
إنَّ مُشكِلةَ هؤلاءِ تَكمُنُ في تنامِي ثقافَةِ الحِوَارِ ، وفرضِ فِكْرَةِ التكافؤِ فِي الحُريَّاتِ العامَّةِ ، وأَّنَّهُ قَدْ يُعَرِّضُ مَصَالِحَهُم للخَطَرِ ، لأنَّ الحِوارَ قدْ يَكْشِفُ الأخطَاءَ ويُرْسِي حَقائِقَ غَائِبةٍ أوْ مُغَيَّبَةٍ!
لا أريدُ التحدُّثَ عَنْ دَورِ "أحمد حسن الزعبي وغيره من الأغيار" فِي ذلكَ ، لأنَّه ليسَ دورًا ، إنَّما هو واجِبٌ حَمَلَوه علَى عاتِقِهِم اتجاهَ وطنِهِم وشعِبِهِم الذِين ينتمِون إليهِ ، ويَحْمِلُون هُويتَه، لذلكَ لا أرَى فِي دَورِهِم النبيل مِا يُخرِجُهم من المِلَّةِ ،فهم ليسوا وَحْدَهُم ،إنَّمَا هَم مِن أَوفِياءِ الحُرِيَّةِ ،الذيِن يَقِقونَ سَدًا مَنِيعًا أمامَ هَمَجِيَّةِ الاستبدادِ والفسادِ ،يفتخرُ بهِم الأردُنُّ .