jo24_banner
jo24_banner

التعديل الوزاري محاولة بائسة لإرباك المشهد السياسي

د. منتصر بركات الزعبي
جو 24 :


التعديل الوزاري الفاجعِ ,والمخيِّبِ للآمالِ ,أبقى الغُصَّةَ في اختيارِ الوزراءِ على أساسِ الكفاءةِ السياسيةِ والجدارةِ هي المعيارُ ,محضُ خرافة , يستمرؤها الناسُ ويَلَذُّ لهم سماعُهَا , ولكنَّها على أرض الواقع محض خيال .

إنها بحق حكومات استنساخ لتجارب فاشلة ،لن تحل أيّا من المشاكل ولن تحقق أي مكسب للشعب ,ولن تقدر على انتشال البلاد من أزماتها ،لا سيما في ظل حالة عدم التجانس التي ظهرت إلى العلن مبكرا ، وبهذا تكون الحكومة قد ألقت بآمال وطموحات الشعب الأردني في مهب الريح!!.

المعلوم في علم الفيزياء أن المركبة الفضائية إذا أرادت أن تتخلص من الجاذبية والإفلات منها ,أطلقت صاروخا للدفع ,و نحن بأمسَّ الحاجة في ظل الظروف الصعبة والمعقدة التي نعيشها ،وتعيشها المنطقة بأكملها إلى من يدفع المسيرة ،لا إلى من يعيدها إلى الوراء .

ألم يَحِنْ الوقت لعهدٍ ونهجٍ جديد ؟ففشلُ الحكوماتِ أصبحَ عبئًا كبيرًا ،والتكلفةُ أصبحت عاليةً جدًا.

لقدْ كشفَ التعديل الأخير وهو الأسوأ في تاريخ الأردن الغطاءَ عنْها ،فبدَتْ سوءَتُها وانكشفت عورتُها على حقيقتِها ،هشّةً واهنةً كبيتِ العنكبوتِ ،لا تقومُ على أساسٍ .

لمْ تُحرِّكْ معاناة الشعب شعرةً واحدةً مِن جسدِها المشلولِ منذ تشكيلها ،فباتَتْ عاجزةً ساكنةً كمياهِ البحرِ المَيّتِ ،وطَفِقتْ تخصفُ مِن التعديل الوزاري ،ما تواريَ به سوءَتَها ،ولتداريَ عَجزِها.

فقائمةُ الأسماءِ التي دخلتْ التشكيلَةَ الوزاريَّةَ ،والتي تّم تدويرُ مواقعِها ،لا تعكسُ أيّ تغييرٍ على نهجِ الحكومةِ في معالجتِها للقضايا المصيريَّةِ التي تعاني مِنها البلادُ ،فلذلك لم تَرْقَ إلى مستوى توقعاتِ الشارعِ الأردنِيِّ ،ولمْ تكنْ شاملةً ولا مُعبِّرةً عنْ نبضِ الشارعِ ،فجاءَتْ بعيدةً كلَّ البعدِ عنْ تلبيةِ رغباتِ المواطنين التي كانتْ تطمحُ إلى تغييراتٍ حقيقيّةٍ لتدرأ فشلها الذريع في إدارة العملية الانتخابية التي أفرزت مجلس النواب التاسع عشر الذي يعيشُ حالةَ موتٍ سياسيّ ،بسببِ عجزِهِ عنْ تقديمِ أيِّ إشباعٍ ديمقراطيّ ،أو اقتصاديٍّ ،أو سياسي أو حتى مِنْ زَاوِيَةِ الكرامةِ الوطنيِّة .

وفشلها الصارخ في احتواء وباء كورونا رغم زيادة قدرات النظام الصحي ،وفشلها في انقاذ القطاعات المتضررة من جائحة كورونا ،لا بل ذهبت إلى الإجهاز عليها من خلال فرض حظر شامل ليوم الجمعة ، وتمديد الحظر الليلي ،بالإضافة إلى فشلها في تعزيز الحريات العامة وحرية الصحافة تحديدا ،ومن أبرزها حل نقابة المعلمين ، وسجناء الرأي والمعتقلون السياسيون.

فسياسَةُ الترقيعِ – الهروب - التي تنتهجها الحكومات المتعاقبة من أسوأ الظواهر في تاريخ الأردن بلا طعم ولا لون ولا رائحة ،بلا هوية وفاقد لكل المقومات ،ولمْ تَعُدْ حلًّا ،حيثُ اتّسعَ الخرْقُ على الراقِعِ ،ولمْ يَعُدْ ينفعُ الترقيعُ فيها.

سؤالٌ أتوجّهُ بهِ إلى رئيسِ الحكومةِ ،ما هي الظروفُ التي استدعتْ مِثلَ هذا التعديلِ ؟وهلْ القادمون أحسنُ حالاً مِن الذين أفضوا إلى ما قدموا ،أمْ هو تغييرُ وجوهٍ ،وشمَّاعاتٌ تعلِّق عليْها إخفاقاتِك وعجزك؟

فالتعديلَ لمْ يكنْ لضرورةٍ مِنْ أجْلِ المحاسبةِ ومراجعةِ الأداءِ ،بُغْيَةَ تطويرِ الأداءِ وضخِّ دماءٍ جديدةٍ ،وإنّما لأغراضٍ سياسيَةٍ بحتةٍ ،لا علاقةَ لها بنشاطِ الحُكمِ ،فهي إذا حكومة عاجزة وغير كفؤة، بكل المقاييس الشعبية والسياسية ،وليس لديها القدرة على إدارة الدولة ،وهي ليست بحجم القدرة على تخطي الأزمات التي نمر بها من تحولات اقتصاديه وصحية واجتماعية وسياسية وإقليمية ،مما يفيدُ أنَّ الحالَة التي يمرُ بها بلدُنا الحبيبُ في حالةٌ غيرُ صحيّةٍ بالكاملِ ومرفوضةٌ بالكاملِ.
تابعو الأردن 24 على google news