jo24_banner
jo24_banner

على هامش العمل الحزبي والثقافة المجتمعية.. لا تستفزوا الإعلام إذا كنتم تخشون الحقيقة!

على هامش العمل الحزبي والثقافة المجتمعية.. لا تستفزوا الإعلام إذا كنتم تخشون الحقيقة!
جو 24 :
تامر خرمه_ وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، المهندس موسى المعايطة، قال خلال لقائه بالأحزاب السياسية في مبنى الوزارة، إن هناك خللا في الثقافة المجتمعية يحد من انتشار العمل الحزبي السياسي.

هذه التصريحات تعني أن المجتمع الأردني، غير قادر بتركيبته البنيوية، على تقبل الحياة الحزبية، وبالتالي فإن المنظومة الديمقراطية برمتها، لا تليق بهذا المجتمع!!

بصراحة، لا يمكن القبول بهذا التوصيف. الوزير نفسه يدرك زخم الحياة الحزبية، الذي شهدته البلاد، عندما كان هو نفسه ناشطا في هذا الميدان، ويدرك أيضا أنه لا توجد أيديدلوجيا شهدها العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلا ووجدت لنفسها تعبيرا سياسيا حزبيا على الأرض الأردنية، من مختلف التصورات القومية، والإسلامية، إلى اليسارية الراديكلاية بمختلف تياراتها اللينينية، والماوية، بل والستالينية! حتى الديمقراطيون الاجتماعيون، والإصلاحيون التحريفيون، كانت هناك مؤسسات تنظيمية تعبر عنهم!!

غريب أن يتم تصوير المجتمع الأردني، الذي عرف العمل الحزبي منذ عقود، بأنه مغترب عن كل أسس الحداثة، ببيئته "غير المناسبة" التي تمنع تطوره وتقدمه.. هل نسي المعايطة أن الحزب الوطني الاشتراكي، مثلا، نجح في تشكيل حكومة برلمانية، بقيادة سليمان النابلسي، في خمسينيات القرن الماضي؟!

لنفرض جدلا أن طفرة ثقافية تسببت بها كائنات فضائية، أو ظاهرة فلكية غامضة، أدت إلى نشوء هذا الخلل الثقافي الاجتماعي في بنية المجتمع الأردني، وبات بقدرة قادر مناهضا للعمل الحزبي، دون وجود أية أسباب موضوعية لذلك، وتمسك بالبقاء في إطار مرحلة العصور الحجرية، والجهوية البدائية.. ماذا فعلت وزارة الشؤون السياسية، منذ تأسيسها، لتغيير هذا الواقع، والارتقاء بالمجتمع إلى رحاب العمل الحزبي، والممارسة الديمقراطية؟!

المجتمعات البشرية لا تولد بأيديولوجيات وتكتيكات حزبية وتيارات سياسية مطبوعة في جيناتها.. الأمر يحتاج إلى صيرورة موضوعية، وإرادة سياسية ذاتية، لتحقيق هذه المرحلة من التطور، والتي سبق وأن بلغها الأردن، قبل إعلان الحرب على كافة الأحزاب السياسية، ومنعها من ممارسة نشاطها في كافة المجالات.

قبل أن تحاول وزارة الشؤون السياسية، أو أية جهة حكومية، إلقاء اللوم على المجتمع، فلتسأل نفسها: ماذا فعلت لتطوير الحياة الحزبية، خاصة فيما يتعلق بالتشريع؟!

الأردن شهد لعقود طوال أحزابا علنية، وأخرى سرية، تعمل فوق الأرض وتحتها.. فهل لدينا اليوم تشريعات تسمح للأحزاب بالوصول إلى البرلمان، تمهيدا لتشكيل حكومات برلمانية؟!

لماذا لا يشترط على المرشح النيابي الانتماء إلى حزب سياسي، بتشريع يضع الناس أمام الأمر الواقع؟ أو على الأقل يكون هنالك "كوتا" تضمن وجود ثقل حزبي في مجلس النواب؟!

الحكومة لا تعمل على تشجيع الحياة الحزبية_ السياسية على الإطلاق.. لذا فالأفضل عدم إطلاق التصريحات التي تلوم الشعب والمجتمع والبنية الثقافية، للتستر على التقصير الحكومي.

يمكن لأي مسؤول إلقاء اللوم على أية شماعة يريد داخل الغرف المغلقة.. أما تصدير مثل هذه التصريحات على وسائل الإعلام فمن شأنها استفزاز أي مهني، للرد عليها، وبيان أوجه الحقيقة.. فلا تستفزوا الإعلام إذا كنتم تخشون النقد والحقيقة!
 
تابعو الأردن 24 على google news