jo24_banner
jo24_banner

السيد الرزاز والدولة الواحدة

حاتم رشيد
جو 24 :
 
سبق وان تناول الملك عبدالله في ثلاث مقابلات سابقة اخرها مع دير شبيغل خيار الدولة الواحدة في فلسطين وفد رفضه بشدة مبررا ذلك بأنها ستكون دولة تمييز عنصري وان الحل الذي يحبذه للشعب الفلسطيني هو بناء دولة على اجزاء من الأراضي المحتلة عام سبعة وستين الى جانب إسرائيل.
ومن اهم اسباب اعتراض الملك على الدولة الواحدة تقديره لاثارها السلبية على الاردن كالتهجير مثلا باتجاه الشرق.
الملك عبدالله بلا تردد مع حل الدولتين وهو الموقف الرسمي بجلاء. وحتى الان يمكن القول انه موقف المجتمع الدولي.
لكن إشارة الملك المتكررة في الشهور الأخيرة ليست بغير مغزى وقد تكون الصدى لما يسمعه الملك في لقاءات دولية.

السؤال ما الذي يدفع رئيس الوزراء الأردني لان يشير صراحة الى حل الدولة الواحدة في فلسطين معرفا اياها بأنها دولة مساواة بين مواطنيها العرب واليهود. منبها الى ان إسرائيل لا تقبل بهذا الحل.
في الأردن السياسة العامة والخارجية هي مهمة ملكية. الملك هو من يرسم الاستراتيجية العامة والسياسة الخارجية لذا من الطبيعي ان يثير تناول رئيس الوزراء لاهم قضية وطنية عامة تساؤل واقعي حول دوافع واهداف التصريح.
ليست زلة لسان كما تساءل الكاتب الصديق عريب الرنتاوي. ولا يمكن ان يزل رجل بتحفظ وحرص الرزاز في امر بالغ الأهمية والخطورة الى حد يلفت انظار العالم كله. الرزاز ليس مسيسا باحتراف ولم يعرف عنه انشغال علني بالشأن السياسي لكنه ايضا ليس غرا ومراهقا سياسيا فهو يدرك تبعات وعمق ما يقول.
لذا ارجح ان تصريح الرزاز محسوب على الأقل داخليا في اروقة صنع القرار. واذا اتضح انه تم بتنسيق مع جهات فلسطينية وعربية ودولية فأنه دليل ومؤشر على بداية تحول في سياسات مؤثرة على مستقبل القضية الفلسطينية.
ربما جاء لتحسس ردود افعال والبناء عليه مستقبلا. وفي هذه الحالة يغلب احتمال ان ثمة بعد دولي لطرح رئيس الوزراء.
بتقديري الاردن هو احد اهم الاطراف المؤهلة للدعوة لحل الدولة الديمقراطية الواحدة على قاعدة التساوي بين من سيعتبروا مواطنين في فلسطين.
لقد كتبت قبل ربع قرن من الان عدة مقالات منشورة تدعو إلى دولة واحدة. وما زلت مؤيدا بحماس لهذا الخيار الذي ارى انه الوحيد القادر على انجاز حل انساني في ظل تعثر وفشل الحلول الاخرى وهي كلها ظالمة للشعب الفلسطيني بما فيها حل الدولتين. وهو ليس حلا مستحيل عمليا فحسب بل إنه غير عادل وظالم تماما ولا يستطيع بالمطلق انهاء الصراع. ان اي حل لا يقوم على تفكيك المشروع الصهيوني وتعبيره العملي ممثلا باسرائيل لن يكون لا عادلا ولا دائما .وسيبقى ابواب الصراع مشرعة لاجيال قادمة.
من باب الامنيات الجميلة ان يتبنى الاردن الرسمي هذا الحل واذا امكنه ذلك سيقدم مساهمة تاريخية خاصة اذا تم الامر بالتنسيق على المستويين اقليميا ودوليا.وسيكون اسوأ تفسير لتصريح الرزاز هو محاولة الضغط على اسرائيل لاظهار محاسن حل الدولتين مقارنة بحل الدولة الواحدة الديمقراطية.وهنا ستكون نصيحة الرزاز لإسرائيل سامة تماما .هدية للجلاد على حساب الضحايا ومن رصيدهم ودمهم.

 
 
تابعو الأردن 24 على google news