في وداع حكومة الرزاز
د. منتصر بركات الزعبي
جو 24 :
وصلتْ حكومةُ الرزاز إلى عُنقِ الزجاجةِ ،وأصبحتْ هشيمًا تذروهَا الرياحُ ،والأسبابُ كثيرةٌ جدًا لعلَّ أهمَّها :الشخصية الهزيلة التي تميزت بها الحكومة من رئيسها حتى أصغر وزرائها ،وأداؤها المتردِّي في كافةِ مفاصلِ الحياةِ ،وممارسة سياسة الاستقواء على الشعب ،بعدَ أنْ أدخلتْ البلادَ والعبادَ في أزْماتٍ متتاليةٍ ،بدءا من إقرارها قانون الضريبة سيئ الذكر ،مرورا بكارثة البحر الميت ،والفيضانات التي اجتاحت العديد من مناطق المملكة، وأيضا أزمة إضراب المعلمين وحل نقابتهم وزجهم في غياهب السجون ،وأزمةِ الضمانِ الاجتماعيِّ وأموالِهِ التي أصبحتْ مستباحة وتحتَ رحمةِ المغامِرين والطامِعين.
ناهيك عن استخدام القانونِ العرفِيِّ للمطبوعاتِ المُقيِّد للحرياتِ، المعاندِ لمسارِ التاريخِ ،الذي ينتمي إلى عهودِ الوصايةِ ،والهيمنةِ على وسائلِ الإعلامِ ،عصا يلهبون بها ظهور مخالفيهم.
وهي خطوة حملت في طياتِها كلَّ معانِي الإهانةِ والانتقاصِ من قيمةِ المؤسساتِ الصحفيَّةِ الوطنيَّةِ ،وأنَّه استمرارٌ لطقوسِ الولاءِ الحاطَّةِ مِنَ الكرامةِ الإنسانيَّةِ ،والمنتميةِ لعهود الانحطاطِ البائدة ،ممَّا يجعلُنا نتساءلُ عنْ أسبابِها ومرامِيها، الذي إنْ دلَّ على شيء ،فإنَّما يدلُ على نيةٍ مبطنةٍ "للانتقامِ من السلطةِ الرابعةِ" التي أصبحتْ تزعجُ الرزاز وسحيجته ،خصوصًا بعدَ بروزِ مؤسساتٍ ومنابرَ إعلاميةٍ مستقلةٍ ،أصبحتْ خارجَ "احتواءاته".
أضفْ إلي ذلكَ الفسادَ الإدارِيَّ الذي لازمَها مُنذُ ولادَتِها المُشَوَّهةِ ،الذي كانَ من بينها التعيناتِ الانتقائيَّةِ على طريقة احتساب [الكوتات العائلية] ،لترسِّخ حُكمَ الاقطاعِ ،لعائلاتٍ بِعينِها ،لتصلَ بالمجتمعِ الأردنِيِّ إلى أحطِّ مستوياتِهِ ،ويتحوَّلَ إلى ورمٍ سرطانِيٍّ في المجتمعِ يجبُ استئصالُه.
أما عن أدارة الرزاز وحكومته لملف لجائحة كورونا ؟ فهو وصمة عار ،ستلاحقه إلى الأبد ،بعد أن جاء اليوم الذي تكَشَّفَ فيه كذبهم ،ودخلت البلاد فعليا في الموجة الحقيقية لانتشار الوباء ،خائرة القوى من دون قوة حقيقية للصمود ،أو ذخائر كافية لمحاربة الوباء ،كل ذلك كان بسبب التخبط ونظريات التنشيف السخيفة ، لغياب القراءة الحقيقية المبنية على أسس عملياتية للمواجهة ،بعيداً عن منطق المكسب السريع والإنجاز الواهي ،الذي يستوجب محاكمتهم على الجرائم التي ارتكبوها بحقنا ؟إلى غير ذلك من الأزمات التي افتعلتها بلا سبب وجيه، وخسرتها صاغرة!
فحكومةُ الرزاز لم تكن تُجيدُ إلَّا فنَّ بيعِ الكلامِ ،لكنَّها تعجَزُ عنْ توفيرِ العيش الكريم لمواطنِيها ، تقلَّدَّ جَلاَّدُها المُرعِب كلَّ اساليبِ القمْعِ الوحشِيِّ الذي تعرَّضُ لهُ المواطنُ ؛ملقي بمسئولية خيبته على عاتقنا.بحجة أننا أصحاب أجِنْداتٍ مشبوهةٍ ونستقوي على الدولة.
وفي الختام ،أقول لقد أفضىت حكومة الرزاز إلى ما قدمت ،وستحمل الوزر كاملا غير منقوص يوم القيامة ، وعند الله تجتمع الخصوم – نحن وهم - مصداقا لقول الله تعالى،[:لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ].