كوادر "الصحة": مطالب متواضعة تدفع بلاوي كبيرة!
حاتم الأزرعي
جو 24 :
يرى عديد من الناس، أن الحديث في مسألة انتشار فيروس كوفيد ١٩ (كورونا) والكتابة عن التداعيات التي يخلفها على الصعد كافة، باتت ممجوجة ومملة، لكن ولأن لا صوت يعلو على صوت المعركة، وهي اليوم مع هذا الفيروس اللعين، فإنك أينما يممت قلمك للكتابه ، تجده مهيمنا باسطا سطوته، مطلا براسه وداسا أنفه في كل شؤون الحياة وشجونها.
ويبدو ان هذا الفيروس يتبع في المعركة الدائرة رحاها اليوم،تكتيكات واستراتيجيات قتالية مدروسة بعمق، للفتك بالمجتمع، وهو يدرك تماما ان ذلك، لا يتأتى الا بتدمير النظام الصحي وقواه الفاعلة المتمثلة بالجيش الأبيض على خط النار في الجبهة الامامية.
وحذر الكثيرون من مغبة انهيار النظام الصحي، لما يتبع ذلك من انهيارات تطال قطاعات مختلفه، في حركة سقوط وتداع متتال يشبه سقوط احجار الدومينو الواحد تلو الآخر حتى تستقر جميعا في حالة انبطاح تام على الأرض .
ويدرك الفيروس، أن الدرع الحامي، وخط الدفاع الأول، عن تماسك النظام الصحي وصموده، هم الكوادر الصحية، لذلك فقد صوب سهامه المباشرة نحوهم، فأصاب العديد العديد، ومنهم من ارتقى شهيدا بعد معارك طاحنة، فأغلقت عيادات لا بل مستشفيات عن بكرة ابيها.
وللامانة التاريخية، وكما هو حالها دائما، لم تخرج الحكومة عن المألوف فقد شجبت وادانت بشدة، واستنكرت العدوان الآثم والسافر على الجيش الابيض المسالم، لا بل انها لطمت، وتوشحت بالسواد، وذرفت الدموع مدرارة، وأمت بيوت العزاء واثنت على شجاعة الكوادر واستبسالهم في التصدي للفيروس ومجابهته، ومسدت بحنية بالغة على جباه أطفال الشهداء، وما نسيت الحكومة الأمهات الثكالى والزوجات الأرامل من دعواتها لهن بالصبر والسلوان، فماذا بأستطاعة الحكومة ان تفعل اكثر من ذلك؟!.
اعيد السؤال مرة أخرى، ماذا باستطاعة الحكومة ان تفعل، عوضا عن الكلام الطيب الذي لا يسمن او يغني عن جوع؟؟.
باختصار شديد يمكنها ان تصغي إلى صوت الكوادر والانصات بجدية إلى هموهم وآمالهم وتطلعاتهم ومطالبهم، وهي بالمناسبة ابسط حقوقهم في الظروف الاعتيادية فما بالكم بالظروف الطارئة الاستثنائية؟. وهم للحقيقة لا يطلبون المستحيل، بل ما يعينهم على مواصلة العيش الحر الكريم بأدنى متطلباته.
ويستطيع وزير الصحة، من مكتبه وبضغطة زر، أن يقف على مطالب كوادر وزارته، وهي أقرب اليه من حبل الوريد، فما عليه إلا أن يقتطع دقائق معدودة من وقته، ويشاهد صفحة الفيسبوك الرسمية لمديرية تخطيط الموارد البشرية شؤون الموظفين التابعة لوزارته، ولا أدري اذا كان يعلم بوجودها ام لا؟؟.
وحتى اريحه من عناء البحث، فأنني الخص هذه المطالب، وانظروا كم هي متناهية البساطة في بلد يتقاضى فيها بعض الحيتان رواتب شهرية بعشرات آلاف الدنانير في بعض المواقع، طبعا غير "بركة ايدهم" ونعلم كم هي طويلة حين تمتد للمال العام!!.
وتتمثل المطالب والأمنيات كما عبر عنها العديد من الكوادر عذ على صفحة فسيبوك لإحدى مديريات الوزارة المعنية مباشرة بالموارد البشرية. على النحو التالي : مكرمة لابناء العاملين في وزارة الصحة في الجامعات الاردنية، زيادة عدد مقاعد الطب لابناء العاملين، توفير مقاعد طب بيطري، صرف علاوة بدل عمل إضافي لجميع الكوادر لمواجهة النقص الحاد، مطالبة الضمان الاجتماعي باعتماد كوادر الوزارة كافة كمهن خطره.
وانظروا إلى هذه المطالب كم هي بسيطة : إيجاد حل لمعاناة الكوادر جراء عدم السماح لهم بمراجعة الوزارة في ظل عدم التجاوب مع المخاطبات التي تتعلق بشؤونهم الوظيفية، ووصلها الوزارة متأخرة ومع ذلك يتم التأخر في توقيعها، ولا يعلم الموظف شيئا عن مصير المخاطبات.
ويقدم هؤلاء الموظفون الحل لهذه "المعضلة" ويتمنون على وزارته انشاء منصة خاصة بموظفي الصحة يتم من خلالها المخاطبات المختلفة ويطلع الموظف عبرها على الإجراءات دون مراجعة الوزارة المغلقة أبوابها في وجه موظفيها، وتشعر بعض كوادر الوزارة بغياب العدالة إذ يمنح كادر التمريض اجازة ادارية لمدة ١٤ يوم ويحرم منها فنيو المختبر على سبيل المثال رغم عملهم جنبا إلى جنب مع التمريض، وتتساءل هذه الكوادر هل تتخذ هذه القرارات بشكل عشوائي؟ ويلفتون إلى الظلم الواقع عليهم.
هذه هي بعض مطالب وامنيات كوادر وزارة الصحة، كما جاءت على صفحة فيسبوك إحدى مديريات الوزارة، فيا الاهي كم هي بسيطة ومتواضعة، هل يجد وزير الصحة الوقت الكافي لمطالعتها وتلبيتها، دعما لكوادر الوزارة وتقديرا لجهودهم وتضحياتهم وهم يخوضون معركة البقاء في مواجهة فيروس كورونا الذي يستهدفهم لاسقاط المنظومة الصحية، وما يترتب على ذلك من سلسلة انهيارات لا تبقي ولا تذر؟!