2024-04-23 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

لكورونا فضائل، جاحد من ينكرها!!

حاتم الأزرعي
جو 24 :
بعد مرور عام على انتشار فيروس كورونا وتفشيه، وظهور سلالات جديدة ، يبدو أن العالم ما بعده، لن يكون بحال من الأحوال كما قبله، وينطبق ذلك بطبيعة الحال على القطاع الصحي، ومجمل قضاياه .

وحتى اللحظة، لم يذكر احد ، اي فضيلة ترد إلى الفيروس ، وتصب عليه اللعنات من كل حدب وصوب، وننسى ان للتحديات التي فرضها، حسنات وفضائل، فالتحديات كانت على الدوام المحرك الرئيس للابداعات التي وضعت البشرية على طريق التقدم.

ويعد افتتاح العديد من المستشفيات الميدانية اهم فضائل الفيروس، التي لا ينكرها الا جاحد! فقد كشف مواطن الضعف والثغرات التي يعاني منها القطاع الصحي في الاردن ، الأمر الذي دفع الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة الصحة إلى استجابات عاجلة، أبرزها التوسع في تعيين الكوادر الصحية ولا سيما الأطباء والممرضين والفنيين والتوسع في المختبرات وتطوير آليات.

وكشف انشاء المستشفيات الميدانية، حقائق، ومفارقات ، ومقاربات وآفاق، تشي بغياب التخطيط السليم، وقصر النظر، وعدم القدرة على اتباع سياسات واستراتيجيات صحية مبنية على الامكانات المتاحة ، والمنسجمة مع الظروف السائدة، وبما يتوافق مع احتياجاتنا الفعلية وتلبيتها بأقل التكاليف والجهد والوقت.

وقبل الدخول في التفاصيل، أضع بين يدي القارئ، المعطيات التالية، حول انشاء المستشفيات الميدانية، وليكن مستشفى عمان الميداني التابع لوزارة الصحة والمخصص لاستقبال المصابين بفيروس كورونا نموذجا.

أنشئ المستشفى خلال ( ٣٠) يوماً داخل حرم مستشفى الأمير حمزة، بمساحة (٦٨٠٠) متر مربع، ويضم (٤٠٨)أسرة، منها (٨٤) سريراً للعناية الحثيثة، و (١٤٠) سريراً للعزل، وصمم وفقاً لأحدث معايير الجودة بكلفة بلغت حوالي تسعة ملايين دينار،فيما

استغرق انشاء وتشغيل مستشفى الأمير حمزة ما يقارب عشر سنوات، بسعة ( ٣٥٠) سريرا قابله للزيادة إلى (٥٠٠) سرير، بكلفة بلغت (٥٦) مليون دينار، واستغرق انشاء وتشغيل مستشفى السلط الجديد أيضا ما يقارب العشر سنوات، بكلفة تجاوزت مائة مليون دينار، وبسعة مماثلة لمستشفى الأمير حمزه.

ومن المؤكد ان هناك من سيقول ان هذه المقاربة بين المستشفيات العامة والميدانية لغايات محددة ومهام محدودة، غير منطقية، وتفتقد إلى الموضوعية، وللوهلة الأولى يبدو أن هذا القول صحيحا، إذ شتان بينهما من الجوانب كافة، بغض النظر عن عدد الأسرة المتماثل شكلا لكنه يختلف مضمونا.

وحتى اقطع الشك باليقين، توجهت بالسؤال حول الاختلاف بين المستشفيات العامة والميدانية ، إلى مهندس له باع طويل وخبرة واختصاص في مجال انشاء المستشفيات الحكومية والإشراف عليها ومتابعة تنفيذها، وأكد ان الفارق يتعلق بعدم وجود فواصل بين الأسرة، ومحدودية توفر خدمات المختبر والأشعة وتخصصها في مجال محدد ضيق .

وبين الخبير الهندسي ان المستشفى الميداني، يمكن تحويله إلى مستشفى عام بتوفير المتطلبات الوظيفية لذلك و بكلفة اضافية لا تتجاوز تسعة ملايين دينار ، لافتا إلى أن الشركة المنفذة للمستشفى الميداني كفلته لعشرين عاما، وهذه الابنية قابلة للحياة إلى أبعد من ذلك، اذا ما تمت متابعتها بالصيانة الدورية المنتظمة في الوقت المناسب .

وجب علينا التعلم من فيروس كورونا، هذا الفيروس الذي لا يرى بالعين المجردة، استطاع خلال اقل من عام ان يتطور ويتحور، قبل أن نصل إلى لقاح مضاد له، وكأنه لاعب شطرنج، سبقنا بخطوات، وتركنا نلهث وراءه في سباق ماراثوني، لا نعرف خط نهايته!!.

اذا، أليس حري بنا نحن البشر، بما وهبنا الله من عقل، واكتسبناه من علوم ومعارف وخبرات ودروس مستقاة منها، أن نطور ممارساتنا ونرتقي إلى حلول عملية لما نواجهه من تحديات، ونتحرر من أسر التفكير التقليدي الرتيب، ونرتقي إلى مستوى التحديات، حتى نتمكن من مواجهتها والتغلب عليها، لكي نواصل الحياة والعيش، في ظل قانون صراع البقاء الذي لامكان فيه للضعفاء والجهلة غير القادرين على مواكبة روح العصر ومتطلباته؟!.

مطلوب اليوم ان يواجه القطاع الصحي التحديات، ب "الخروج من الصندوق" ، وخدمتنا اللحظة التاريخية، المتمثلة في الوباء ومنحتنا حلا عمليا لعديد من المشكل والمعضلات الصحية، بإنشاء المستشفيات الميدانية، التي يجب أن نطور فكرتها واهدافها وغاياتها، لتكون بعد كورونا مستشفيات عامة، ونهج مستقبلي في انشاء المستشفيات، في وزارة الصحة وغيرها من القطاعات الصحية.

في بلد كبلدنا، يعاني ما يعاني من ظروف اقتصادية بالغة التعقيد، إجمالي دينه العام يتجاوز (45) مليار دولار، ويشكل ( 101 ) بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما حاجتنا إلى مستشفى بكلفة تتجاوز ( ١٠٠) مليون دينار، ويستغرق تشغيله عشر سنوات في الحد الأدنى، في الوقت الذي بالامكان انشاء مستشفى في أشهر قليلة، وبكلفة لا تتجاوز في حدها الأقصى (٢٥) مليون دينار، وفق تقديرات خبير هندسي في مجال انشاء المستشفيات الحكومية؟!.

وليس بعيدا، وفي السياق ذاته، وبعد أن فشلت المراكز الصحية الشاملة، ولاسباب عديدة، ، عن أداء الدور المأمول منها، لماذا لا نطور القائم منها ليكون أقرب إلى فكرة المستشفيات الميدانية المحورة جينيا، بحيث تتوفر فيها المتطلبات الوظيفية للمستشفيات العامة، علما ان كلفة انشاء بعض المراكز الصحية الشاملة ناهزت المليوني دولار، وتعاني ضعفا في إعداد المراجعين وتحولت بالمجمل إلى صيدليات لصرف الأدوية الشهرية لاصحاب الأمراض المزمنة!!.

ويذكر ان وزارة الصحة قررت انشاء أربعة مستشفيات ميدانية في العاصمة عمان واربد ومعان والعقبة بسعة تصل إلى (١١٧٤) سريراً، منها (٢٤٨) سريراً للعناية الحثيثة، مما سيخفف الضغط على المستشفيات الأخرى للتعامل مع الحالات المرضية العادية، وتشير مصادر مطلعة إلى أن كلفتها لا تتجاوز (٣٦) مليون دينار.
 
تابعو الأردن 24 على google news