الامور طيبة والجهوزية عالية.. الرياح العاتية تنزع ورقة التوت
حاتم الأزرعي
جو 24 :
"الامور طيبة"، "الجهوزية عالية"، عبارتان اسمعهما منذ سنوات طويلة، ومع كل مرة اسمع اي من هاتين العبارتين، اضع يدي على قلبي خشية من مفعولهما السحري، على ارض الوقع، حيث تعقبهما الكارثة او تسبقهما، هكذا علمتنا التجارب والدروس السابقة.
وللتغطية على ما يحدث يخرج علينا المسؤولون واذرع الحكومة وابواقها والصداحون، من كل حدب وصوب بعبارات التسكين والتليين والتلوين بأبهى ألوان الفرح، "الامور طيبة"، "الجاهزية عالية" ولا نشاهد غير انهيار طام وعام، يطال مناحي حياتنا كافة، الاقتصادية والاجتماعية والصحية.
مديونية البلد ٤٤ مليار دولار، ومعدل البطالة يقارب ٢٥ بالمئة، وفقر مدقع نراه في انحاء المملكة حضرها وريفها وباديتها ومخيماتها، ونقترب أكثر اليوم وبأعتراف رسمي غير خجول، من انهيار المنظومة الصحية، ومع ذلك الامور طيبة!
ينفد الاكسجين في مستشفى جديد "لنك" تجاوزت كلفته مائة مليون دينار، ويتوفى عدد من المرضى اختناقا، والامور طيبة فالعدالة تأخذ مجراها!!
يخرج مدراء المستشفيات حتى الميدانية، ويؤكدون توفر مخزون الاكسجين وان الجاهزية عالية، فنسجل مأساة اضافية بوفاة مريض لا يجد له في اكبر مستشفيات المملكة سريرا على مدى عدة ايام، فيلفظ انفاسه، والامور طيبة، لكن المريض استعجل الرحيل قبل ان يصل المتصرف، ولو تريث قليلا لريما الى حين مباشرة المتصرف عمله لحل المشكلة برمشة عين !!
ترتفع أسعار الزيت والسكر، فجأة وبدون مقدمات بنسبة عالية، وشعبنا الطيب الصبور، تفوق قدرته على التحمل جميع التوقعات، لكن متى تحين لحظة الانفجار؟! الله اعلم.
ومع ذلك، لا تأبه الجهات الرسمية بضجر الناس، ولا تستمع لانات الغضب ، وترى وزارة الصناعة والتجارة والتموين ان الامور طيبة، وتبرر الارتفاع لان "مرده ارتفاع الأسعار وكلف الإنتاج في بلدان المنشأ وزيادة الطلب العالمي وانحسار المعروض".
الامور طيبة على المستوى الرسمي، وفقا للوزارة المختصة، ولا اقول المعنية لان آخر همها الالتفات الى معاناة الناس في ظل قوانين السوق التي يحكمها العرض والطلب .
وعلى مستوى القطاع التجاري يرى ممثلوه في تصريحاتهم، ان الامور طيبة فرغم ارتفاع الأسعار ووباء كورونا والاوضاع الاقتصادية الصعبة، لم تنقطع المواد الغذائية كالزيت والسكر، "ورفوف المحال التجارية والمستودعات تغص بهاتين المادتين".
ونحن كشعب مبتلى بكل اشكال الادارات الرثة الهزيلة المهزوزة ، والمسؤولين الهابطين على كراسيهم من جحيم صمتنا والخديعة الكبرى ، امورنا طيبة ، وجاهزيتنا عالية لاستقبال الكوارث والازمات والفجائع والمأسي بصدر واسع وصبر على الملمات وتقبل ولسان حالنا الدعاء المشفوع بالدموع "اللهم إنا لا نسألك رد القضاء وانما اللطف فيه " !!.
الحكومة والشعب في الهوا سوا ، لماذا لا يكون عنوان المرحلة الراهنة وشعارها " دولة الامور الطيبة والجاهزية العالية " فكل ما يجري ويرتكب من جرائم وجنايات وكوارث ، نداري عليه ونستر عورته بورقة توت ، لا ندري متى تنزعها الرياح العاتية؟!.