jo24_banner
jo24_banner

برنامج التطعيم الوطني على حافة الهاوية

حاتم الأزرعي
جو 24 :
 
 
ينفذ الاردن منذ عام ١٩٧٩ برنامج التطعيم الوطني للوقاية من عديد من الامراض السارية الخطرة التي كانت الى زمن ليس ببعيد نسبيا، تعتبر احد اسباب الوفيات الرئيسة .
وياتي تنفيذ هذا البرنامج الصحي الحيوي، في إطار الحرص الشديد على اتخاذ جميع الاجراءات الوقائية التي تحفظ صحة المجتمع وخلوه من الامراض السارية والمعدية .
وللحقيقة فان البرنامج قد مكن الأردن من التخلص من عديد من الأمراض السارية كشلل الأطفال والدفتيريا والكزاز والحصبة والحصبة الألمانية، والحد من انتشار بعضها الاخر كمرض السل الذي يسعى الاردن للتخلص منه ، لكن الجهود على هذا الصعيد لم تؤت اكلها ،وفقا للخطة الزمنية ، ولست اعرف الاسباب ، وليس هذا موضوعنا اليوم .
وحقق الاردن على مدى السنوات الماضية نسبة تغطية عالية جدا على صعيد التحصين ضد هذه الامراض ، تجاوزت( ٩٥ )بالمئة ، ولم يسجل بها إصابات منذ عام ١٩٩٢ إن لم تخني الذاكرة .
ويلفت عضو لجنة الاوبئة الدكتور منير ابو هلالة خلال حديث لقناة رؤيا اخيرا الى مسألة غاية في الأهمية والخطورة ينبغي الوقوف عندها وعدم المرور عليها مرور الكرام الا وهي ضعف الاقبال على التطعيم في إطار البرنامج الوطني .
ويعزو سبب التراجع في نسب التطعيم ضمن البرنامج الوطني الى سببين رئيسيين ، الإشاعات التي رافقت حملة التطعيم ضد كوفيد ١٩ (كورونا ) ، وكذلك الزام مراجعي بعض المراكز الصحية بإجراء فحص (pcr ) كشرط لتلقي الخدمة الصحية في المركز .
ويقول الدكتور ابو هلالة : " العديد من مراجعي المراكز الصحية للحصول على المطاعيم في إطار البرنامج الوطني ، يغادرونها قبل الحصول على المطاعيم بسبب الطلب اليهم اجراء هذا الفحص " .
وللامانة التاريخية يعتبر برنامج التطعيم الوطني من انجح البرامج المماثلة في المنطقة ، ومن الكبائر ان يتراجع تحت اي ذريعة ، ولا بد أن تسعى الوزارة بكل السبل ،وان تسخر جميع امكاناتها لمواصلة تنفيذ البرنامج بكفاءة عالية .
واذا صح ما اشار اليه الدكتور ابو هلالة من ضعف الإقبال على المطاعيم مثل لقاح شلل الأطفال أو الحصبة،وانخفاض بنسبة الإقبال على أخذ مطاعيم الأطفال، حيث قلت عن 80% في الأردن، وفي محافظة الزرقاء قلت عن 60%، فنحن إزاء جريمة لا تغتفر.
ان المعركة الدائرة رحاها بضراوة اليوم مع فيروس كوفيد ١٩ ، ينبغي ان لا تنسي وزارة الصحة ان لدى الاردن برنامج تطعيم استراتيجي اهم بكثير من التطعيم للوقاية من كورونا ، وان تراجع هذا البرنامج ينذر بعواقب صحية سيئة .
باختصار ندق جرس انذار وتحذير مبكر من مغبة فشل برنامج التطعيم الوطني ، حتى لا نعود الى المربع الاول في الجهود الوطنية المضنية التي يبذلها الاردن للوقاية من الامراض السارية التي قطع شوطا طويلا على طريق التخلص منها .
اما اذا كان احد الاسباب الرئيسة لاحجام الناس عن الاقبال على المطاعيم في إطار البرنامج الوطني ، ما رصده الدكتور ابو هلالة ، من الزامهم بإجراء فحص pcr لدى مراجعة المراكز الصحية ،فالحل بسيط فاما الغاء اجراء الفحص او جعله اختياريا لمن يشاء .
ان برنامج التطعيم الوطني يمثل بقعة ضوء وسط ظلام دامس ، وقصة نجاح وسط بحر فشل متلاطم الموج ، نأمل ان لا توجه له حراب الجهل المسمومة القاتلة ، التي لطالما طالت قصص نجاح وأطفأت شعلا ملأت الدنيا ضياء !!.
ان برنامج التطعيم انجاز وطني هام وحيوي وخيار صحي استراتيجي ، لا يسمح بتجاوزه او نسيانه ،وعدم الالتفات الى مؤشرات تقدمه او تراجعه ،تحت اي مبرر ، وهو اليوم في خطر ، ويحتاج للحماية والالتفاف حوله ،وانتزاعه من اتون الحرب الدائرة مع كورونا ، وتحييده عن مسار الصراع معها ، ليكون في مأمن ليواصل مد اطفالنا بأسباب الحياة في مواجهة الموت المحدق بنا من كل حدب وصوب .

 
تابعو الأردن 24 على google news